رياضة
افتتاح ألعاب التضامن .. موسيقى ودراويش ودرونات وإردوغان
10/08/2022 - 11:50
يونس الخراشي
ورغم أن المنافسات بدأت فعليا قبل حفل الافتتاح بيومين، حتى إن بعض الرياضيين اجتازوا الإقصائيات والنهائيات أيضا، وصعدوا منصات التتويج، لينالوا ميدالياتهم، ويقفوا لحظات لعزف الأناشيد الوطنية لبلدانهم، كما حدث مع ألعاب القوى والتايكواندو، فإن أغلب الناس في قونيا عاشوا، مساء الثلاثاء، على انطباع أن الألعاب ستنطلق يوم الأربعاء 10 غشت 2022، أي اليوم الموالي للحفل الكبير.
وهيأت الطائرات النفاثة، الحمراء، المزينة بالعلم التركي، كل أهالي المدينة وضيوفها، للحفل. فحتى من لم يكن على علم بأن هناك حفلا لافتتاح الدورة الخامسة من ألعاب التضامن الإسلامي، لابد أن عرف وقد تساءل عن السر وراء تلك الحركان البهلوانية لسرب من الطائرات النفاثة، تعبر بسرعة البرق، وتخلف وراءها دخانا ملونا، وصوت رعديا قويا جدا.
وبينما بدت قونيا، من جانب ملعب ميتروبوليتان، وهي على هدوئها في الأطراف الشاسعة جدا، كانت كل جهات الملعب الكبير تفور بالحركة. وفيما كان رجال الأمن يطوقون الجوانب القريبة جدا من المداخل، وغيرهم، من زملائهم، ومن يعاونوهم من فرق أخرى، ينظمون حركة السير والجولان في البعيد، تحرت أفواج من الرياضيين والمدربين والمسيرين والمتطوعين، والجماهير أيضا، بين باحث عن ميكروباص ليتهيأ لاستعراض البعثات، وباحث عن طريق إلى مدخل يفضي به إلى المدرجات.
حوالي التاسعة ليلا، وقد شرع المطرب ماهر زين في الغناء، وتجاوبت معه الجماهير بالملعب المزين بالأضواء، خلقت مروحية كبيرة بيضاء الحدث مجددا، وهي ترعد في الفضاء القريب، وإلى جانبها طائرة مروحية بلون أصغر منها أخضر غامق، إذ تبين أن الأولى لرئيس الدولة، والأخرى، على الأرجح، للحراسة الأمنية. وتأكد ذلك عندما تسمرت الأضواء في مكانها، وعم الصمت ملعب ميتروبوليتان لما يزيد عن عشرين دقيقة.
الوصول إلى بوابة الإعلاميين يحتاج إلى رياضيين. فمحيط الملعب شاسع جدا. ودخوله يعني أنك قطعت 4 كيلومترات مشيا على الأقل، ويلزمك أن تشرب وترتاح. ولذلك بالضبط، فالهلال الأحمر التركي هيأ شاحنة خاصة تحضر مرطبات من عصير للحامض ومثلجات وغيرها. ثم يأتي الدور على صراط التفتيش الأمني، وبعدها كشف التذكرة من لدن مكلفين بالإعلاميين. وإلى المصعد الذي يقودك مباشرة إلى الطابق الثالث، حيث منصة الإعلام، بكل أطيافه، من تلفزيون وإذاعة وصحافة ورقية ورقمية وغيرها.

الملعب مغطى بكامله. وبينما يبدو من الخارج، بتلك المعينات الملونة المضاءة الحواشي، بحجم أصغر، فهو كبير جدا من الداخل. بحيث تحتاج إلى منظار لكي تطالع الأشخاص الذين يجلسون في الجانب المقابل. أما أرضيته ففرشت بسجاد استعمل لعكس الصور الثابتة والمحركة، فضلا عن الألوان المستعملة في حفل الافتتاح. وكلما صدر صوت، إلا سمع قويا هادرا، بفعل دائرية المكان، ووجود أكثر من مكبر في أكثر من زاوية.
انطلق الحفل بعرض غنائي للمطرب الأردني ماهر زين، مرفوقا بشريط فيديو يستعرض جانبا من تاريخ تركيا، ومدينة قونيا. ثم ما لبثت الموسيقى أن تسيدت كل شيء، فتمايل لها الحضور تارة، وسكن لها تارات وهي تثير المشاعر الوطنية، والعقائدية، بسحر لا يضاهى. وظلت كذلك على مر اللحظات التي احتاجها الحفل، وإن حاولت الأضواء، والألعاب النارية، أن تخطف منها النجومية في بعض الأحيان. ولكن دون جدوى، ولحسن حظ الحضور الذي تفاعل أيضا بالتصفيق، وأحيانا بالترديد كذلك، والمصاحبة.
حين راحت البعثات المشاركة في الدورة تدخل إلى الملعب، بحسب الحروف الأبجدية للدول، اختار المنظمون تطبيق فكرة جميلة، استحسنها الحضور، وتقضي بوضع طريق متعرج وسط البساط، الذي وضع على العشب، ليشكل ممرا للعابرين منه، على أن يقصد هؤلاء العابرون بوابة تقودهم مباشرة إلى تلك المقاعد المخصصة في المدرجات. وكان المعمول به في حفلات من هذا القبيل، وبخاصة في الألعاب الأولمبية، وهي أهم حدث رياضي عالمي، أن يدخل وفد بعد وفد، ثم يبقى الجميع على أرضية الملعب، إلى أن ينتهي الاحتفال. فلا ينتهي الأمر إلا وقد تعب الأوائل، وتمنوا لو انتهى الحفل.
انتهى الحفل، أو تقريبا، بعد الكلمات الرسمية، لرئيس الدولة، ووزير الشباب، ورئيس الاتحاد، وتم تبادل الأعلام، غير أن الاحتفال ظل متواصلا، وقد خرجت الحشود من الملعب، كل يتجه إلى حيث المستقر. وفي لحظة وقد انتبه أحدهم إلى شيء يلمع في السماء، وراح يصور بهاتفه المحمول، تنبه له غيره، فتتابع تصويب الهواتف إلى الوجهة نفسها. ولوحظت طيارات مسيرة مضيئة تتشكل منها صورة لأحد الدراويش، من أتباع المولوية (مولانا جلال الدين الرومي)، وهو يلف لفاته العجيبة والمثيرة، في السماء هذه المرة.

ثم برقت السماء مجددا، فوق ملعب قونيا، إذ توالت الألعاب النارية، ما استرعى انتباه الحشود مجددا، فتصفق مرة، وتتغنى مرة، وتتابع في صمت واندهاش وإعجاب مرات أخرى. وكأنها لا تريد لليلتها تلك أن تنتهي، بفعل السحر الذي خلقه الجو الموسيقي المنغم، والأضواء المثيرة، ونسائم الصيف، بعد يوم قائظ، وكأن الجميع في حلم.

مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة