رياضة
الحاج بلفتوح .. رائد الصحافة الرياضية الأنيقة
03/03/2023 - 12:42
يونس الخراشي
هو من مواليد مدينة فاس، سنة 1945. عاش طفولته الأولى على وقع النضال من أجل الاستقلال. ثم عاش فرحة التحرر من الحماية الفرنسية. وهو ما جعله يتشبع بالسياسة، لينتمي، رأسا، إلى حزب الاستقلال، ويصبح، لاحقا، أحد مناضليه المشهود لهم بالوفاء للحزب، ولجريدته الناطقة باسمه؛ "العلم"، وما أدراك ما "العلم".
ولأنه رجل تعليم، وصاحب حس مرهف، وبذائقة فنية عالية، فقد شارك الراحل، الحاج محمد بلفتوح، ابن العائلة الفاسية المثقفة، والرياضية، في تأثيت وتنشيط أكثر من مجال؛ بما فيها التعليم والإعلام، فضلا عن الشعر الغنائي، والتأطير الحزبي، والعمل في الجماعات المحلية، لاسيما في حيه الأثير؛ حي المعاريف بمدينة الدار البيضاء.
ظل الراحل، الحاج محمد بلفتوح، مخلصا للورقة والقلم. صحافيا لا يكل ولا يمل. يسبق الجميع إلى المباريات الرياضية؛ الكروية على الخصوص، فضلا عن تلك الندوات واللقاءات العلمية والفنية والسياسية، التي تحتضنها العاصمة الاقتصادية، ليعود، توا، إلى مكتب جريدة "العلم"، الملاصق لـ"كافي دو فرانس"، الشهير بشارع محمد الخامس (شارع المحطة سابقا)، فينهمك في تسويد الصفحات، ليصدر مقالاته في عدد الغد.
اشتهر الراحل، الحاج محمد بلفتوح، بدماثة الخلق، وبحضوره البهي، وأناقته اللافتة، فضلا عن بشاشة الوجه، وحرصه الشديد على أن يسبق إلى تشكيلة الفريقين، ليضبط أموره قبل انطلاق المباريات، على أنه كان ملجأ الجميع، من مجايليه، والمبتدئين، لمعرفة العدد التقريبي للجماهير، كما أنه كان صاحب تخمينات لا تضاهى لنتائج المواجهات.
وكأي مناضل من أمثاله، ممن حملوا الوطن في القلب، وانشغلوا به طولا وعرضا، فقد كان للراحل، بلفتوح، صولات وجولات في الدفاع عن البلد، من ضمنها تلك الجملة التي قالها في ملعب الرويبة بالجزائر، سنة 2002، وهو مع الوداد في رحلة مواجهته لاتحاد العاصمة، ضمن ربع نهائي كأس كاف، إذ سمع مسؤولا جزائريا يقول:"أنا أعرف المغرب شبرا شبرا، من طنجة وإلى غاية مراكش"، فما لبث أن رد عليه، في الحين، بالقول:"تريد أن تقول من طنجة إلى الكويرة، وليس مراكش". ليفحمه، وينتصر للبلد.
لسنوات طويلة كان الراحل، الحاج محمد بلفتوح، يعاني المرض. ومع أنه صار يجد عسرا في التحرك، والمشي، إلا أنه ظل متشبثا بالحياة، ولاسيما منها بالصحافة. فما أن يستيقظ من نومه حتى يبحث عن محفظته، أو يطلب الأوراق والأقلام، ليبدأ في الكتابة، غير عابئ بالآلام التي تنخر جسده، وهي تزيد استفحالا يوما بعد آخر.
سيظل اسم الحاج بلفتوح وشما في جريدة "العلم". كما أنه سيظل وشما في منصة الصحافة بملعب مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث كان للكبار مكانهم الموقر، وللمبتدئين مكان يتعلمون فيه ومنه احترام الرواد، حتى يأتي دورهم في التقدم إلى الأمام. وسيظل وشما في كل تلك الأمكنة التي زارها، وفي قلوب كل الذين عرفوه، أو قرأوا له، أو سمعوا عنه، وفهموا، اليوم، وقد وصلهم نعيه، أنهم فقدوا شخصا جميلا، بقلب نقي، ولطف يكاد يكون مرادفا لشخصه.
رحم الله الحاج محمد بلفتوح، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
رياضة
رياضة