إفريقيا
تونس .. صدور أول أحكام في قضية اغتيال شكري بلعيد
27/03/2024 - 17:53
أ.ف.ب
حكم القضاء التونسي الأربعاء بالإعدام على أربعة مدانين في قضية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد عام 2013، في أول حكم يصدر في هذه القضية التي أثارت صدمة في البلاد وتسببت بأزمة سياسية كبرى.
وأدين 23 شخصا في اغتيال المحامي البالغ 48 عاما داخل سيارته أمام منزله في السادس من فبراير 2013. وكان بلعيد من أشد منتقدي حركة النهضة الحاكمة في ذلك الحين في تونس واضطرت اثر اغتياله إلى الخروج من السلطة مؤقتا.
وبعد 15 ساعة من المداولات و11 عاما من التحقيقات والإجراءات القضائية، حكمت الدائرة الجنائية المختصة في قضايا الإرهاب في محكمة تونس الابتدائية أيضا على مدانَين بالسجن مدى الحياة، على ما أعلن مساعد وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية أيمن شطيبة عبر التلفزيون.
وبرّر شطيبة طول المداولات لاصدار الأحكام في طورها الابتدائي، بطبيعة القضية وحجمها. وبعد ساعات من النطق بالحكم نقلت وسائل اعلام محلية انه تم نقل النائب العام للمحكمة الابتدائية وتعويضه بقاض آخر دون الاعلان عن أسباب القرار.
"معركة"
كما صدرت أحكام بالسجن من سنتين إلى 120 سنة بحق مدانين آخرين، فيما تمت تبرئة خمسة أشخاص لا يزالون ملاحقين في قضايا أخرى. ويصدر القضاء التونسي أحكاما بالاعدام ولا سيما في حق المتهمين بتنفيذ هجمات "ارهابية"، لكن تونس أوقفت تنفيذ هذه الأحكام منذ العام 1991.
وتبنى جهاديون مرتبطون بتنظيم الدولة الإسلامية اغتيال شكري بلعيد، وكذلك اغتيال المعارض اليساري محمد البراهمي (58 عاما) بعد ستة أشهر.
وأعلنت السلطات التونسية في فبراير 2014 مقتل كمال القضقاضي الذي يعتبر المنفذ الرئيسي لعملية اغتيال بلعيد، خلال عملية لمكافحة الإرهاب.
وعارض بلعيد والبراهمي سياسة حركة النهضة التي هيمنت على البرلمان والحكومة بعد الثورة في تونس عام 2011، إلى أن تفرّد الرئيس الحالي قيس سعيد بالسلطات في 2021 بعد انتخابه عام 2019.
وأثار اغتيال المعارضَين صدمة في تونس وشكل منعطفا في هذا البلد الذي انطلقت منه شرارة ثورات الربيع العربي، فأثار أزمة سياسية كبرى في وسط عملية انتقال ديموقراطي كان يشهدها، انتهت بخروج حركة النهضة من الحكم وتشكيل حكومة تكنوقراط امنت وصول البلاد إلى انتخابات في 2014.
كانت البلاد في تلك الفترة تمر بوضع أمني هش مع تواتر عمليات مسلحة تقوم بها تنظيمات تتخذ من منطقة جبال الشعانبي الحدودية مع الجزائر (غرب) مقرّا لها. واستهدفت أساسا الأمنيين والعسكريين.
خرجت البلاد في العام 2014 من أزمة سياسية حادة بين الأحزاب والسلطة كادت تعصف بالبلاد، لكن الحوار السياسي آنذاك بقيادة أربع منظمات بقيادة "الاتحاد العام التونسي للشغل" (النقابة العمالية المركزية) مكن من العودة إلى الاستقرار ونالت البلاد بفضل نجاحها في تأمين مسار الانتقال الديموقراطي من نيل جائزة نوبل للسلام في العام 2015.
وفي رده على الأحكام الصادرة، أكد عبد المجيد بلعيد شقيق شكري أنها "أعطت ثقة بأن القضاء يتعافى" وانتقد بلعيد "التلاعب" بالملف خلال عقد من الزمن. وقال لفرانس برس إن "المعركة (القضائية) الأولى ربحناها ولكن ما تزال هناك معارك أخرى في الملف" في اشارة إلى الكشف عن الذين خططوا لعملية الاغتيال واحتمال ارتباطاتهم بدوائر سياسية كانت نافذة.
- "براءة" النهضة -
وفي فبراير 2023، أعلنت وزارة العدل تشكيل لجنة خاصة مكلفة "متابعة ملف الاغتيال" والتدقيق في التحقيقات والملاحقات التي باشرتها الشرطة والقضاء بشأن الاغتيالين. وفي يونيو 2022، أمر قيس سعيد الذي جعل من اغتيال "الشهيدين" قضية وطنية، بإقالة عشرات القضاة من بينهم قضاة يشتبه بحسبه بأنهم عرقلوا التحقيق.
واتهمت عائلات المعارضَين وهيئة الدفاع عنهما بانتظام خلال العقد الأخير أحزابا سياسية وقضاة بعرقلة البحث عن الحقيقة بهدف حماية المذنبين. ووجه أفراد عائلة شكري بلعيد أصابع الاتهام إلى حركة النهضة واتهموها بأنها كانت على الأقل "متساهلة" مع خطاب الإسلاميين المتطرفين الذي انتشر في ذلك الوقت.
وردت حركة النهضة على هذه الانتقادات آنذاك بتصنيف تنظيم "أنصار الشريعة" الجهادي كمنظمة "إرهابية"، بعدما اتهمته السلطات باغتيال بلعيد والبراهمي، وبقتل عشرات من عناصر الجيش والشرطة.
واعتبرت حركة النهضة في بيان الأربعاء ان "ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية بكل تخصصاتها وما انتهت إليه الدوائر القضائية من تفاصيل تعد بشكل يقيني أدلة براءة لحركة النهضة".
وبعد ثورة 2011 التي أدت إلى سقوط الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، شهدت تونس تناميا لعدد الجماعات الجهادية مع مغادرة آلاف من عناصرها للقتال في سوريا والعراق وليبيا.
كما أدت الهجمات التي نفذتها هذه الجماعات في تونس إلى مقتل العشرات من السياح، ولا سيما في سوسة وتونس العاصمة عام 2015، ومن عناصر قوات الأمن. وتؤكد السلطات التونسية أنها حققت تقدما كبيرا في الحرب ضد الجهاديين في السنوات الأخيرة، لكن حال الطوارئ لا تزال سارية على حدود نهاية العام الحالي.

مقالات ذات صلة
إفريقيا
فن و ثقافة
إفريقيا
عالم