تكنولوجيا
إيلون ماسك.. "سائق" البشرية نحو المريخ
14/12/2020 - 12:59
مهدي حبشيولد إيلون ماسك عام 1971، بجنوب إفريقيا، قبل أن ينتقل للعيش في كندا في سن 17 عاماً، ثم نال الجنسية الأمريكية عام 2002. ومنذ ذلك الحين، لا يكف هذا الرجل عن إدهاش العالم باستثماراته الخارجة عن المألوف، والتي خولت له جني ثروة تقدر اليوم بأزيد من 136 مليار دولار أمريكي، بوأته موقع ثاني أغنى رجل في العالم بعد جيف بيزوس، صاحب "أمازون".
"تيسلا".. سيارة الغد، منذ اليوم
الاستثمار في سبيل الإنسانية! قد تكون هذه العبارة غريبة في سياق الرأسمالية الساعية أساساً للربح المادي، وإن على حساب قيم أخلاقية عليا، لكن شركة "تيسلا موتورز"، التي يديرها إيلون ماسك، لا تسير في هذا الاتجاه، فهي تنتصب اليوم كقوة فاعلة في الاستثمار الأخضر؛ إذ وضعت نصب عينيها هدف تسريع انتقال قطاع النقل والعربات إلى الاعتماد على الطاقات النظيفة، بدل الطاقات الأحفورية الملوثة.
"تيسلا" هي المصنع الأول للسيارات الكهربائية في العالم، وعلى الرغم من نعومة أظافرها، باعتبار السنوات التي مضت منذ تأسيسها لا تتجاوز 17 عاماً، وتخصصها في تصنيع نمط حديث من السيارات (الكهربائية)، فإنها اليوم واحدة، إن لم تكن زعيمة مصنعي السيارات في العالم. يشهد على ذلك خروجها مرفوعة الرأس من 2020، عام الجائحة الذي سيستحضره مصنعو السيارات بكثير من الحسرة. باستثناء "تيسلا" التي بلغت قيمة أسهمها في السوق أكثر من 544 مليار دولار، في بورصة "وول ستريت" هذا العام. ارتفاع يقدر بـ612 في المائة، خول لـ"تيسلا" التفوق على كل من شركات "تويوتا" و"فولكس فاغن" و"هيونداي" و"جنرال موتورز" و"فورد" مجتمعة، في القيمة السوقية!
"تيسلا" التي استلهمت اسمها من مخترع المحرك الحثي، الصربي نيكولا تيسلا، لم تتأسس على يد إيلون ماسك. لكن الأخير أمسك بيدها إلى أن تحولت لرقم صعب في ساحة صناعة السيارات العالمية. ويفسر الخبراء الاختراق الذي حققته الشركة في السنوات الأخيرة، بالنزوع المتزايد للدول والمدن، إلى فرض ضرائب ثقيلة على السيارات التقليدية، مقابل سياسة الإعفاء التي وجهت لمقتني السيارات الكهربائية سعياً إلى إنقاذ البيئة من براثن التلوث. ويتفقون على أن اتفاق باريس للمناخ، سنة 2015، سرّع نمو الشركة.
"سبيس إكس"، نحو غزو المريخ
إذا كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وصف إيلون ماسك بالعبقري، فإن "الظاهرة" تيسلا ليست الداعي الوحيد لذلك. ذلك أن الرجل هو مؤسس ورئيس شركة "سبايس إكس" (Spacex)، التي حملت على عاتقها منذ حين مشروع "استيطان المريخ"، والذي يعد حلم البشرية التالي على مستوى الفضاء، بعدما نجحت في وضع أقدامها على القمر.
وتختص الشركة التي تأسست عام 2002، في الصناعات والتكنولوجيا الفضائية، كما أنها مكلفة بتأمين مؤونة محطة الفضاء الدولية. واشتهرت بإنشائها صاروخ "فالكون" ومحركات "ميرلن" و"رابتور"، وخصوصاً مركبة "ستارشيب" التي يتوقع إيلون ماسك أن تحمل في غضون السبعة أعوام المقبلة، أول مهمة بشرية صوب أقرب كواكب المجموعة الشمسية إلى الأرض.
يطمح إيلون ماسك لأن يكون 2060، عام خلق مستوطنة بشرية على المريخ تعدادها مليون نسمة، إذ لا يرغب هذا المهندس في الاكتفاء بما حدث مع "نيل أرمسترونغ" على القمر، زيارة عابرة لا تتكرر إلا بعد عقود، بل يسعى لتوطين البشر على ذلك الكوكب، وجعله قابلاً لاستقبال المزيد من الناس خلال الأعوام التالية. وفي سبيل ذلك، تعمل "سبايس إكس" على تطوير تكنولوجيات لتحدي هواء الكوكب المحمل بنسب عالية من الكربون، وجعله قابلاً للاستنشاق، فضلاً عن تذويب المياه الجوفية المتجمدة في قلب الكوكب وعند قطبيه.
طموح كبير يسير بخطى رضيع؛ إذ تعترضه إلى حدود الساعة عدة عراقيل. ففي العاشر من دجنبر 2020، أجريت آخر تجارب التحليق على نموذج (بروتوتايب) لصاروخ "ستارشيب"، تحليق ناجح لولا أن عكر الهبوط العنيف، الذي خلف ما يشبه الانفجار، صفو هذا النجاح. أمر يدفع خبراء كثر لاعتبار المواعيد التي حددها إيلون ماسك لاستيطان المريخ مجرد أضغاث أحلام.
"باي بال".. لا حدود لحركة الأموال بعد اليوم
باي بال هي أشهر خدمة للأداء الإلكتروني عالمياً، وتتيح لزبائنها الاستعاضة عن البطاقة البنكية و"الشيك"، والأداء أو استلام الأموال حول العالم بأسره. ويعمل الموقع الأمريكي كآلية للأداء خصوصاً مع منصات التجارة الإلكترونية، المزادات، علاوة على التحويلات المالية... وكل ذلك مقابل عمولة من قيمة المعاملة.
وتأسست الشركة عام 1998 تحت مسمى "كونفينيتي"، وكان نشاطها بعيداً عما تقوم به اليوم، إذ اشتغلت حينئذ في تطوير أنظمة الحماية للأجهزة الإلكترونية المحمولة. بيد أن نقطة تحول مسارها كانت الاندماج مع "X.Com"، المملوكة لإيلون ماسك عام 2000، والتي كانت بدورها عبارة عن بنك افتراضي. بات إيلون ماسك منذ ذلك الحين مالك أغلب أسهم الشركة الجديدة، والآمر الناهي فيها، فنجح في إقناع مصرفي "دويتشه بانك" و"غولدمان ساكس" بمنح المشروع قرضاً يقدر بـ100 مليون دولار، ليركز أنشطته على عمليات الأداء الإلكتروني.
وهكذا صار بوسع كل من يمتلك بريداً إلكترونياً الاستفادة من خدمة أداء مشترياته، إرسال أو تلقي الأموال بواسطة كلمة سر، في أي مكان حول العالم.
عام واحد بعد ذلك، اشترت شركة "إي باي"، "باي بال" بسعر 1,5 مليار دولار، استأثر ماسك بـ250 مليون دولار من ذلك المبلغ، فالأداء الإلكتروني أقل من طموحاته بكثير، ولم يشكل سوى قنطرة عبور نحو استثمارات أضخم في مشاريع غزو الفضاء والنقل بواسطة الطاقات النظيفة... ولا يزال ماسك ماضياً في ثورته التقنية، الشاهد على ذلك شريحة "نورالينك"، التي ينتظر أن تزرع في عقول البشر لجعلها مرتبطة بالحواسيب!
مقالات ذات صلة
تكنولوجيا
تكنولوجيا