تكنولوجيا
"أبل" و"فورتنايت".. الحرب العالمية الرقمية
28/08/2020 - 08:24
مهدي حبشيوتعد فورتنايت من بين أنجح الألعاب على منصة "آب ستور". لعبة ظهرت صيف 2017، ومنذ ذلك الحين وهي في نمو سريع حتى بلغ عدد مستخدميها اليوم عشرات الملايين عبر العالم. تقوم اللعبة على سقوط اللاعب في جزيرة مهجورة مع لاعبين آخرين، على أن تكون مهمة كل واحد القضاء على الآخرين والاستئثار بصفة آخر الناجين، ضمن ديكور يقارب أفلام الكرتون.
إلا أن مستخدمي جهازَي أيفون وأيباد فوجئوا منذ أيام بعدم إمكانية تحميل اللعبة عبر منصة "أب ستور"، بعدما انفجر خلاف حاد بين الشركتين. إذ قامت أبل بحذف اللعبة من منصتها، ما حرم اللاعبين الجدد من إمكانية تحميلها نهائياً، فيما لم يعد بوسع اللاعبين القدماء تحديث اللعبة.
كيف بدأت القصة...؟
تعود أولى فصول الصراع لـ13 غشت الماضي، حين قررت إيبيك غيمز إطلاق منصة تسمح للاعبي فورتنايت بالالتفاف على نظام الأداء لدى شركتي آبل وغوغل، اللتين تحتضنان اللعبة ضمن منصتيهما "آب ستور" و"بلاي ستور". فاللعبة مجانية عند التحميل، بيد أن أحداثها تحفز اللاعبين على دفع المال لِقاءَ نيل أموال رقمية تسهل عليهم اجتياز بعض العقبات. وعندَ كل عملية شراء، تستفيد الشركتان المحتضنتان من عمولة تبلغ 30 في المئة من قيمة المبلغ المدفوع.
وكرد فعل على سلوك إيبيك غيمز، عمدت الشركتان المحتضنتان إلى حذف اللعبة من منصتيهما. سلوك كانت إيبيك غيمز في انتظاره ليكون ذريعتها في رفع دعوى قضائية ضد آبل، متهمة إياها بالشطط في استغلال هيمنتها على قطاع توزيع التطبيقات الذكية، وبالقيام بـ"ممارسات تمس مبدأ المنافسة"، على حد تعبير الشكوى.
هجوم إيبيك غيمز على آبل دون غوغل يرجع لكون الأولى بخلاف الثانية، تمنع منعاً باتاً مصممي التطبيقات من بيع منتجاتهم على منصات أخرى عدا "آب ستور". وهو ما تعتبره شكاية إيبيك غيمز "قيوداً غير معقولة، الهدف منها تكريس هيمنة الشركة"، واصفة عمولة الـ30 % التي تفرضها أبل بالطغيان.
وطالبت إيبيك غيمز بخفض العمولة، والسماح بخلق منصات أخرى لترويج التطبيقات غير "آب ستور" على أجهزة أبل.
ولم تكتفِ إيبيك غيمز بشن حرب قضائية على أبل، بل نقلت المعركة إلى ميدان الدعاية، عبر إطلاق شريط فيديو يسخر من شركة أبل ويدعو عشاق اللعبة للانضمام إلى المعركة، عبر الهاشتاغ #freefortnite (الحرية لفورتنايت). كما أطلقت الأحد الماضي مسابقة ضمن اللعبة للفوز برداء حديث لشخصيات اللاعبين، برأس تفاحة (شعار أبل) ووجهٍ عبوس.
أبل ترد بعنف...
لم تقف "أبل" مكتوفة اليدين أمام ما يجري، وردت عبر بيان يؤكد على أن "أب ستور" صُممت لتكون مكاناً آمناً يحظى بالثقة، و"فرصة تجارية عظيمة لكل المُصممين المعلوماتيين". كما أعلنت إيبيك غيمز على تويتر خلال اليوم نفسه أن أبل هددت بإقصائها من برامج التطوير الخاصة بها، إن هي لم تتراجع بحلول الجمعة التالية. ما يعني أن إيبيك غيمز ستحرم من إمكانية استخدام أدوات أبل لتطوير ألعابها، كما ستختفي كل تطبيقاتها من أب ستور.
إلا أن الكرة الآن في ملعب القضاء الفدرالي بولاية كالفورنيا الأمريكية، وقد أبدت القاضية "إيفون غونزاليس رودجرز" الثلاثاء الماضي، قراراً أولياً يقضي بأن لـ"أبل" الحق في حذف فورتنايت من أب ستور. معتبرة أن "إيبيك غيمز قررت من جهة واحدة كسر الاتفاق الذي يربطها بأبل، واضعة نفسها في موقف صعب" على حد تعبيرها. لكنها قدَّرت في الوقت ذاته أن أبل لا تملك الحق في منع إيبيك غيمز من استخدام أدواتها التطويرية. "من حق الشركتين أن تتباريا في ما بينهما، لكن على هذا الخلاف ألا يطال جهات خارجية".
شركات أخرى تساند إيبيك غيمز
إلا أن إيبيك غيمز تستقوي في معركتها بعدد من شركات القطاع، على رأسها الشركة المُصممة لتطبيق التعارف الشهير "تيندر"، التي عبرت عن موقفها المساند لجهود إيبيك غيمز من أجل "فضح استغلال أبل لموقعها المهيمن على السوق، وسياساتها الظالمة والجارحة في حق المستخدمين، المصممين والمقاولين".
من جهتها حيَّت "سبوتيفاي" قرار إيبيك غيمز الوقوف في وجه أبل، خصوصاً أن رائد التطبيقات الموسيقية كان وضع بدوره شكاية لدى اللجنة الأوروبية ضد أبل في مارس عام 2019، تنديداً بنفس المشاكل التي حركت إيبيك غيمز، ومتهماً أبل بلعب دور اللاعب والحكم في الوقت نفسه، مما دفع اللجنة الأوروبية لفتح تحقيق ابتداءً من يونيو الماضي.