مجتمع
الألعاب الإلكترونية.. الإدمان وخطر التوتر النفسي
11/11/2020 - 14:47
مريم الجابرييعتبر حفيظ أوخليفت، عضو الجمعية الفرنسية والأوروبية لأمراض القلب، أن "الألعاب الإلكترونية من الألعاب الطاغية على أطفال وقتنا الراهن. فهي في حد ذاتها ليست خطرا، لكن الإفراط في استعمالها يجعل منها إدمانا لا يقل خطورة عن أنواع الإدمان الأخرى، بل أخطر، لأنه يصيب الأطفال الصغار، مما يؤثر عليهم بشكل تدريجي، في حين أن الأنواع الأخرى تستهدف الشباب"، على حد تعبيره لـ"SNRTnews".
اضطراب نفسي
يقول الخبير النفسي أبو بكر حركات، لـ"SNRTnews"، إن "الإدمان، في أصله، هو اضطراب نفسي، سواء كان إدمانا على ألعاب إلكترونية، مخدرات أو كحول، فهذا يعني أن الشخص مرتبط بذلك الشيء. ولا يستطيع التخلص منه، ولو أراد ذلك، لابد له من جرعة اللعب، مما يشكل خطرا كبيرا عليه".
ويضيف حركات "فالإدمان على الألعاب الإلكترونية يسبب مجموعة من الأمراض النفسية، أولها: الانطواء على النفس والابتعاد على الاخرين، مما يجعل التواصل الاجتماعي يقل ويضمحل، ويصير همّ الطفل أو المراهق هو التركيز على الألعاب الكترونية، والعيش في العالم الافتراضي، مما يحدث خللا في العلاقات الاجتماعية وفي العلاقات الأسرية".
ويحذر الخبير النفسي من الابتعاد عن العالم الخارجي والتقوقع على النفس ويشير "إلى أنه من الممكن أن تؤدي العزلة إلى حالة توتر نفسي وقلق، ومنه إلى طريق الاكتئاب، وفي أحيان أخرى، يؤدي ذلك إلى الانتحار. وهنا يطرح مشكل خصاص الفضاءات الخارجية التي يمكن للأطفال والمراهقين التوجه إليها، لتصريف طاقتهم وتجديدها، عبر مجموعة من الألعاب الرياضية الصحية، التي يتم إغفالها".
اضطرابات وسمنة
يؤكد محمد البرودي، أخصائي في العلاج النفسي وطب الإدمان، لـ"SNRTnews"، أن "الأمراض النفسية عند الأطفال والمراهقين، جراء استعمال الألعاب الإلكترونية تتسم بالخطورة، وخصوصا بعض الألعاب كـ'فري فاير'، و'الحوت الأزرق'، المنتشرين بشكل كبير وسط المراهقين".
ويوضح أن "الإدمان على تلك الألعاب يتسبب في اضطرابات في النوم، والنزوع الانطوائي والعزلة والعصبية الزائدة، وهي آثار شهدت ارتفاعا كبيرا، خلال فترة الحجر الصحي"، مشيرا إلى أن عددا من الآباء اشتكوا من الصعوبات التي يصادفونها في التعامل مع إدمان أبنائهم.
ويذهب إلى أنه "إضافة إلى الأمراض النفسية، يعاني الكثير من أمراض عضوية، كآلام في اليدين والعينين والرأس؛ وذلك راجع بالأساس إلى السهر والإرهاق، الذي يفقدهم قوتهم، وبالتالي، يصبحون أقل حركة وتركيزا، مما يقلل من مردوديتهم في الدراسة والأنشطة الأخرى. وهناك حالات استقبلناها في مركز الإدمان، كان أصحابها ضحية للإدمان الإلكتروني".
ويشير أوخليفت إلى "أنه زيادة على المخاطر التي سبقت، هناك قلة الحركة التي تصيب الطفل بالسمنة، وتقوي احتمال إصابته بأمراض القلب والشرايين. كما أن إدمان الأطفال والمراهقين على تلك الألعاب يؤثر على العين والعمود الفقري والمعصم والعضلات، جراء الجلوس في وضعيات غير مريحة".
الرفق والتحسيس
عند رصده للأسباب المفضية إلى الإدمان، يشير البرودي إلى أنها "تختلف من شخص لأخر"، حيث يحيل على حالات الطلاق، والتفكك الأسري، ووفاة ولي الأمر، الذي يتمتع في السياق المغربي بالسلطة الرقابية. وعند غيابه يتغلب الأبناء على أمهاتهم، مما يجعلهم يسعون إلى فعل ما يشاؤون، وبالتالي، لا تكون هنالك مراقبة يومية للطفل أو المراهق.
ويؤكد البرودي على ضرورة التمييز بين مرحلة التعاطي ومرحلة الإدمان؛ باعتبار المرحلة الأولى تكون بوتيرة ضعيفة، ومع الوقت ترتفع بشكل تدريجي، مما يلزم الآباء بمراقبة أبنائهم، ومحاولة التواصل معهم وتحسيسهم، بطريقة سلسلة، مع تفادي العنف الجسدي واللفظي.
ويلاحظ المتحدث نفسه أن إدمان الأطفال والمراهقين على الألعاب الإلكترونية، وما يتسبب فيه من مشاكل، دفع مجموعة من الدول الأجنبية والعربية إلى سن قوانين تمنع دخول هذه الألعاب، وعيا منها بما تسببه من أخطار على الأجيال الصاعدة.
ويوصي طبيب الإدمان أنه لمحاولة التغلب على هذا المشكل يجب تكاثف الجهود بين الأسر والمؤسسات التعليمية، لتحسيس وتوعية الأطفال والمراهقين، بمدى خطورة الألعاب الإلكترونية، مؤكدا على ضرورة التركيز على دور الوالدين، الذين يعتبر تدخلهم حاسما، مما يفترض تحسيسهم بخطورة الإدمان، وتقديم مجموعة من الحلول، لمحاولة تفسر الطريقة المثلى لتعاملهم مع أبنائهم، مع ضرورة الابتعاد عن السلوك العنيف، وتحفيز المراهقين على ممارسة الرياضة والمسرح والموسيقى والرسم، كبدائل للحد من هذا الإدمان الخطير، وتنمية قدراتهم ومعارفهم".
مقالات ذات صلة
مجتمع