سياسة
الحركة الأمازيغية والانتخابات.. طموح المشاركة وتبعات القطيعة
22/06/2021 - 12:12
يونس أباعليلأول مرة يشارك نشطاء أمازيغ في الانتخابات، عبر بوابة جبهة تأسست سنة 2019 حملت اسم "جبهة العمل السياسي الأمازيغي"، ركزت في أرضيتها التأسيسية على ما تعتبره "تراجعات خطيرة تحاول إقبار كل إنصاف حقيقي للأمازيغية لغة وثقافة وهوية".
وعلى مقربة من الاستحقاقات وصل الاتفاق بين الجبهة و"التجمعيين" إلى مرحلة الأجرأة وتفعيل النقاش على المستويين الإقليمي والجهوي، فيما لم تظهر بعدُ ملامح الاتفاق الذي كان مع الحركة الشعبية.
البداية وعسر الإقناع
بعد مشاورات ولقاءات مع قادة أحزاب وصلت الجبهة مرحلة أجرأة وتفعيل رهان الاندماج في العمل السياسي وإنهاء مرحلة القطيعة التي دمت أزيد من 40 سنة، فكان حزب التجمع الوطني للأحرار أول الاختيارات، في نونبر الماضي.
بعدها في 31 دجنبر أسفرت الاجتماعات، التي توقفت في فترة الحجر الصحي، عن انضمام نشطاء من الجبهة إلى الحركة الشعبية. في المقابل فشلت المفاوضات مع رفاق نبيل بنعبد الله، رغم اجتماعين كان فيهما منسوب التفاؤل مرتفعا. ونفس المآل اصطدمت به الجبهة حتى قبل أن تبدأ مفاوضاتها مع "البام"، لأسباب تتعلق بنوعية الشروط التي وضعت فوق الطاولة.
موازاة مع هذه المفاوضات، كان الجدل داخل الحركة الأمازيغية لا يتوقف، وأثيرت خلافات واختلافات، خصوصا بعد إعلان وجوه بارزة تحزّبها. فخرج التجمع العالمي الأمازيغي بسوس ليتبرأ من إقدام رئيسته أمينة بن الشيخ بالانضمام لـ"التجمعيين". وفي سوس والجنوب خرج أعضاء من الجبهة للرفض كذلك.
أما "التقدم والاشتراكية" الذي فشلت مفاوضاته مع الجبهة، فقد خرج بدوره ليقول مكتبه المحلي بأكادير إن البعض يسعى إلى "الاختباء وراء مكتسبات الحركة الثقافية الأمازيغية والركوب على ما سبق لها وحُسِم دستوريا".
"لا نلزم أحدا"
في الجهة المقابلة يقول مؤسسو الجبهة إن "القطيعة لم نجن منها شيئا"، وأن الباب مفتوح دائما في وجه كل من يريد الدفاع عن الأمازيغية من وسط الأحزاب والمؤسسات. وفي نظر محيي الذين حجاج، المنسق الوطني للجبهة، فإن الفاعل الأمازيغي راكم تجربة من خارج المؤسسات، والواقع يعرف تغيرات يجب مواكبتها.
ويضيف في تصريح لـSNRTnews أن المغرب فتح أوراشا "ولا يمكن أن نكون إلا جزءا من البناء وليس جزءا من الهدم"، وأن "الدفاع على الأمازيغية لا يمكن أن يكون إلا بتنويع وسائل ومواقع الدفاع، و نحن اخترنا يكون موقع دفاعنا من داخل المؤسسات، مع احترامنا لمن أراد البقاء خارجها".
بوهدوز: ليس بهذه الطريقة
نقاش العمل السياسي الأمازيغي انطلق وسط الحركة الأمازيغية منذ 2005 تقريبا، حينها، يقول رشيد بوهدوز، الناشط الأمازيغي المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، إن النقاش كان ديمقراطيا، وطُرح السؤال العريض "هل يمكننا أن ننتقل إلى العمل السياسي"، فاختلفت الإجابة بين معارض ومؤيد.
يعتبر بوهدوز، في تصريح لـSNRTnews أن الفكرة الأساسية لهذه الجبهة هي العمل السياسي، لكنها في حقيقة الأمر "تُستغل"، ويسترسل قائلا: "كنا نتمنى أن تنطلق الفكرة من قواعد الحركة الأمازيغية، لتنبثق عنها حركة قوية، لكن العكس هو ما نشاهد، فقد كانت حركة تمثل توجها وأشخاصا داخل الحركة الأمازيغية، وحتى تأسيس الفروع والمكاتب تتم عبر التعيين وليس الانتخاب، أي أن امتدادها لا يتعدى امتداد أشخاص معينين، إذ مثلا في الناظور أو الحسيمة فالتمثيلية لا تتجاوز الأعضاء الذين يتم تعيينهم".
المشكلة تكمن في نظر الناشط نفسه في "مدى ديمقراطية التأسيس"، إذ بدأت بحسبه من القمة قبل القواعد، في حين أن العكس هو الذي يجب أن يحصل، "إذ تم تعيين توجه معين هو الذي تكلف بالحوار مع الأحزاب، ولم يكن ذلك على أساس تمثيلية الحركة الأمازيغية بل على مكاسب النخبة التي تم تأسيسها"، يقول مؤكدا.
"للأسف يلزم الحركة أشواط كبيرة للانتقال إلى العمل السياسي،"، كما يخلص إلى ذلك بوهدوز، قبل أن يضيف "خطوة الجبهة ستنتهي بانتهاء الانتخابات، وغالبية منتسبيها لن يستفيدوا، وسيتراجع خطاب العمل السياسي داخل الحركة، لكن الأخيرة دينامية تبلور خطابا متجددا لأنها لا ترتبط بأشخاص".
اليزيدي: يجب تدارك الوقت الضائع
يقول عبد الرحمن اليزيدي، عضو المكتب السياسي للتجمع الوطني للأحرار، في تصريح لـSNRTnews، إن الحزب فتح أبوابه لمناضلي الحركة الأمازيغية بدون شروط وأدمجهم بعدما تبنى الأرضية الفكرية التي عرضتها الجبهة على العديد من الأحزاب الأخرى.
واعتبر أن الاندماج في هياكل الحزب كان داخل المكتب السياسي والمجلس الوطني وكذلك داخل التنظيمات الموازية. وقد بلغ هذا الاندماج مرحلة ترشيح نشطاء أمازيغ للانتخابات القادمة تنفيذا لمقتضيات الاتفاق المشترك بين الحزب والجبهة.
اختيار النشطاء الأمازيغ "جاء نتيجة جدية ومصداقية مشروع الحزب في ما يخص القضية الأمازيغية وهو كذلك مساهمة منهم في تدارك الوقت الضائع في مسلسل المماطلة في تفعيل الطابع الرسمي للغة الامازيغية"، كما يقول اليزيدي، قبل أن يضيف أن "المرحلة القادمة تحتاج لنساء ورجال أكفاء وصادقين لتنزيل مقترح رئيس الحزب بإحداث صندوق بميزانية مليار درهم لتمويل قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية".
عصيد: سفراء الأمازيغية
يرى الناشط الأمازيغي أحمد عصيد أن المشاركة السياسية كما هو معلوم حق مبدئي ودستوري لكل مواطن مغربي، والفاعلون المدنيون الأمازيغ الذين اختاروا الانضمام إلى أحزاب إنما مارسوا هذا الحق الدستوري قبل كل شيء، وهم لم يقوموا بذلك إلا عن قناعة تولدت عن شعورهم بمحدودية عملهم في المجتمع المدني، وبضعف تأثيره في السياسات العمومية، وخاصة منها ما يتعلق بالسياسة الثقافية واللغوية، إلى جانب السياسة الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة في الجهات المهمشة.
يتحدث عصيد، لـSNRTnews، قائلا إنه تقدير "لا حق لأحد أن ينازعهم فيه لأنه ناتج عن تجربتهم في العمل الجمعوي"، و"هذا الانتقال من المدني إلى السياسي ينفع ولا يضر في شيء، لأنه سيمنح الأمازيغية مخاطبين جددا داخل التنظيمات الحزبية وداخل المؤسسات، وهو أمر كنا بحاجة إليه دائما من قبل".
ويحث المتحدث نفسه على "عدم نسيان ملف الأمازيغية وهم يخوضون غمار السياسة الواسع، ذلك أن تميزهم مقارنة بباقي المناضلين الآخرين داخل الحزب الذي يعملون فيه هو معرفتهم المستفيضة بالملف المذكور وإحاطتهم بكل إشكالياته، ولهذا يمكن اعتبارهم سفراء للحركة الأمازيغية داخل التنظيمات الحزبية، مع احتفاظ الحركة طبعا باستقلاليتها عن السلطة والأحزاب كافة".
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
مجتمع