اقتصاد
الحكومة في 100 يوم .. عين على الأسعار وأخرى على الأمطار
16/01/2022 - 19:12
مصطفى أزوكاحرغم التحكم في التضخم في مستويات منخفضة، مقارنة ببلدان أخرى مماثلة، إلا أن الحكومة التي خرجت من صناديق انتخابات شتنبر من العام الماضي، كان عليها أن تجيب على التساؤلات التي حاصرتها حول أسباب ارتفاع الأسعار و التدابير التي ستتخذها من أجل التخفيف عن الأسر.
القدرة الشرائية للأسر
وذهب بنك المغرب، بمناسبة انعقاد مجلسه في الثالث والعشرين من دجنبر الماضي، إلى أن التضخم متحكم فيه، حيث توقع أن يصل إلى 1,4 في المائة في 2021، قبل أن يرتفع إلى 2,1 في المائة في العام الحالي، و يتراجع إلى 1,4 في المائة في العام المقبل.
غير أنه رغم حصر التضخم عند مستوى منخض، إلا أن البحث الذي أصدرته المندوبية السامية للتخطيط، يوم الجمعة الرابع عشر من يناير حول الظرفية لدى الأسر، يبرز أن 67,8 في المائة من الأسر اعتبرت أن مستوى معيشتها تدهور في الاثني عشرة شهرا السابقة، فيما عبرت 20,3 في المائة من الأسر عن استقراره و12,3 في المائة عن تحسنه.
ويتجلى من البحث ذاته أن 96,2 في المائة من الأسر تعتبر أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت في الاثني عشرة شهرا الأخيرة، بينما تتوقع 78,6 في المائة مواصلة ذلك الارتفاع في الاثنين عشرة شهر من العام المقبل، بينما لا تتعدى نسبة الأسر التي تترقب انخفاضها 2,4 في المائة.
في الوقت الذي يجري التأكيد على التحكم في التضخم، الذي لم ينفلت كما في بلدان أخرى مشابهة في سياق الأزمة الصحية، يؤشر تمثل الأسر لقدرتها الشرائية على تراجعها تحت تأثير ارتفاع الأسعار، خاصة الغذائية.
وقد مارس ارتفاع الأسعار الذي طاول القمح والزيوت والزبدة والمحروقات وحتى بعض الخضر واللحوم البيضاء في بعض الأحيان ضغطا كبيرا على الحكومة، وهو ما عكسته الأسئلة التي كانت تطرح عقب انعقاد مجالس الحكومة الأسبوعية أو في جلسات الأسئلة بالبرلمان بغرفتيه.
ودأبت الحكومة على التأكيد على على أنها لا تتحمل مسؤولية ارتفاع أسعار السلع، التي تعتبر أنها تتأثر بالسوق الدولية، كما هو الحال بالنسبة للزيوت، وتداعيات اضطراب سلاسل التوريد في العالم.
وذهب رئيس الحكومة عزيز أخنوش، خلال جلسة المساءلة الشهرية بمجلس النواب، في التاسع والعشرين من نونبر الماضي، عندما أثيرت مسألة غلاء الأسعار إلى أن العالم يعيش ظرفية صعبة، مؤكدا الغلاء المسجل يهم موادا لا يتم إنتاجها محليا ولا يمكن التحكم في أسعارها.
وقد أعلنت الحكومة عن الشروع اعتبارا في فاتح نونبر من العام الماضي، في تعليق رسوم الجمرك عن واردات القمح اللين والقمح الطلب، في ظل ارتفاع الأسعار في السوق الدولية، بما كان له من تأثير على أسعار الدقيق في السوق المحلية، كما واصلت تعليق الرسوم الجمركية التي تصيب القطاني.
بالموازاة مع ذلك أشرفت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، على اجتماع اللجنة الوزارية للأسعار، التي شاركت فيها القطاعات المعنية، حيث أكدت بعد ذلك في العديد من التصريحات، على أن تلك اللجنة تراقب الأسعار مع التشديد على محاربة الهوامش غير المبرر لتحديد الأسعار.
ولم تكف الحكومة عن التذكير بضمان استقرار مستوى الأسعار مع مواصلة دعم السكر والدقيق وغاز البوتان عبر صندوق المقاصة، حيث رصدت لذلك عبر قانون مالية العام الحالي 16 مليار درهم.
غير أنه يتجلى أن مسألة الأسعار ستبقى مطروحة في الأشهر المقبلة، فعند سؤال الأسر في بحث المندوبية السامية للتخطيط حول تطور مستوى معيشتها في الاثني عشرة شهرا المقبل، يتجلى أن 29,4 في المائة من تلك المستجوبة تتوقع تدهوره، بينما تترقب 42,5 في المائة استقراره، وترجع 28,1 في المائة من الأسر تحسنه.
أمطار وسدود
لا تراقب الحكومة الأسواق فقط، بل تنشغل كذلك بالأمطار، حيث أن تعثر انطلاق الموسم الزراعي، الذي انطلق في نونبر الماضي، من شأنه أن ينعكس على المحاصيل، خاصة من الحبوب، التي تأملها الحكومة في حدود 75 مليون قنطار كما ورد في توقعات قانون مالية العام الحالي.
وبلغت نسبة العجز على مستوى التساقطات المطرية هذه السنة 61 بالمائة مقارنة مع سنة عادية و47 في المائة بالنسبة للسنة الماضية، حسب بيانات سابقة لوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
وعندما أعطى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، انطلاقة الموسم الفلاحي، في الثاني عشر من نونبر الماضي، حث الفلاحين على الإقبال على عمليات البذر و الحرث وتهيئة الأرض في انتظار الأمطار التي تأخرت.
سجل تقدم في عملية الحرث، غير أن مزارعين ذهبوا إلى قلة التساقطات المطرية منذ بداية الموسوم الزراعي مع تسجيل ارتفاع درجات حرارة غير عادي في دجنبر، من شأنه أن يؤثر سلبا على نمو المزروعات من الحبوب في بعض المناطق البورية.
لم يكن الوزير الصديقي، منشغلا فقط بمزارعي الحبوب فقط، بل كان يراهن على الأمطار حى يتحسن حجم (Calibre) وجودة بعض المنتجات الموجهة للتصدير، علما أن المصدرين اشتكوا من ارتفاع الشحن والركود الذي يصيب الطلب ومستوى الأسعار المتدنى.
وبينما تراقب الحكومة السماء ترقبا للغيث، تشر بيانات وزارة التجهيز والماء، إلى أن حقيقة السدود الرئيسية بالمملكة، بلغت إلى الرابع عشر من يناير الجاري 5,49 مليار متر مكعب، بمعدل ملء في حدود 34,1 في المائة، مقابل 6,92 مليار متر مكعب بمعدل ملء في حدود 44,4 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.
وكان وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد الصديقي، أكد قبل شهر على أنه إذا تم استثناء السدود في الغرب واللوكوس، فإن نسبة ملء السدود الموجهة لغرض فلاحي في المغرب، لا تتجاوز 12 في المائة.
وقد شغل ذلك كثيرا وزير التجهيز والماء، نزار بركة، سواء خلال اجتماع المجالس الإدارية للأحواض المائية أو عند حلوله بالبرلمان أو في العرض الذي قدمه بمجلس الحكومة حول السياسة المائية: الإنجازات والآفاق" في 6 يناير 2022.
وشدد على أن تعزيز المخزون الاستراتيجي من الماء بالمغرب، أضحى ضرورة ملحة في ظل التغيرات المناخية، خصوصا وأن المملكة تعد من بين الدول التي تتسم بمحدودية مواردها المائية، وهشاشتها المناخية في ظل تباين نسبة التساقطات المطرية، مما يساهم في تناقص الموارد المائية السطحية، واستنزاف الفرشة المائية.
وأكد على أنه يتم الانكباب على مجموعة من المشاريع تهدف إلى المحافظة على المياه الجوفية عبر الإسراع في إرساء تدبير مستدام وتشاركي في إطار تعاقدي، وتحسين النجاعة المائية عبر التدبير المندمج للماء على صعيد المدن الكبرى عبر الربط بين الأنظمة المائية.
وشدد على أن الوزارة منكبة كذلك على مواصلة تحسين مردودية شبكات توزيع الماء الصالح للشرب، وبرنامج الاقتصاد في مياه السقي، ثم تعزيز العرض المائي عبر مواصلة سياسة السدود الكبرى والصغرى والبحيرات التلية وفق مقاربة تشاركية بين القطاعات المعنية.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد