رياضة
الطاوسي .. عندما يُفتح باب الرجاء
01/03/2022 - 08:32
يونس الخراشيلقد فعلها أنيس محفوظ، رئيس المكتب المسير لنادي الرجاء الرياضي، بسرعة، ودون تردد. فما أن وقع الاختيار على اسم رشيد الطاوسي، الذي سبق له تدريب الفريق، حتى تم التواصل مع فوزي لقجع، رئيس الجامعة، لغرض السماح لعضو الإدارة التقنية الوطنية بقبول المهمة الجديدة. ثم جاء الاتفاق، وفتح الباب الذي سبق إغلاقه. لتبدأ الحكاية الخضراء، بصفحات أخرى.
رشيد الطاوسي، من مواليد 06 فبراير 1956 بمدينة سيدي قاسم، وأحد اللاعبين لفريق مدينته، وفرق أخرى غيره، يمتاز بمسار تديربي طويل ومتقلب، فيه نجاحات كثيرة وسقطات أيضا. وهو المسار الذي أخذه إلى تدريب أكبر الفرق في المغرب، فضلا عن المنتخبات الوطنية، بعد أن شغل منصب مدير تقني، باعتباره أحد أصغر الأطر التقنية التي نالت هذه الحظوة.
طفا اسم الطاوسي على سطح الحدث الكروي المغربي سنة 1997، عندما حمل المنتخب الوطني للشبان إلى الفوز باللقب الإفريقي. كانت ملحمة بامتياز، تسيدها أشبال الأطلس، بقيادة مدرب شاب، ترسخت صورته في الأذهان. أما وهو يفوز مع المغرب الفاسي بكأس الاتحاد الإفريقي، وكأس السوبر الإفريقي، سنة 2011، فقد صار أشهر من نار على علم.
كانت له تجربة في العين الإماراتي، ثم أخرى في بلوزداد الجزائري. وحين طرح اسمه لقيادة المنتخب الوطني الأول، فقد كان ذلك عن جدارة واستحقاق. قبل به جميع المشتغلين بالكرة المغربية، وقد اختير بالإجماع. وتعاطفت معه الجماهير المغربية كثيرا، حتى وهو يخرج من نهائيات كأس إفريقيا للأمم سنة 2013 بجنوب إفريقيا.
الذين عايشوه عن قرب؛ إما في الفرق أو في المنتخبات، أو في الإدارة التقنية، داخل المغرب أو خارجه، يشهدون له بشيئين؛ الابتسامة التي لا تفارقه حتى في أصعب الظروف، وانصهاره القوي في عمله، حتى إن صوته ليسمع من بعيد، بين شوطي المباريات، وهو يقدم التعليمات للاعبيه. وهكذا، فهو مثل بحر مده قوي مثلما جزره. فبقدر ما هو مرح جدا، ويحب البسط والنكتة، ويفسح ذراعيه للاعبيه ومن حوله، بقدر ما يستشيط غضبا لفرصة ضائعة، أو تمريرة ليست في محلها، أو خروج عن النص.
في مرة، التقط له الزميل عبد المجيدرزقو، المصور الصحافي، صورة ستبقى خالدة، وهو يركل قنينة ماء، في ردة فعل قوية على فرصة ضائعة. وقد لخصت تلك الصورة شخصية الطاوسي؛ الأنيق، والدقيق، والحريص، والشاب، والقوي، والغضوب، والعاشق لمهنته، والمندمج في شخصية المدرب الحالم بفريق مثالي.
فمن جهة، يتميز بأناقة لافتة، تبرز من بعيد، وتدل على حب للحياة. وهو يجيد المزج بين الألوان، واختيار الألبسة، بما يشير إلى دقته وحرصه على التفاصيل. ولا يرى إلا حليق الوجه، وبشعر مصفف، يتخلله بياض، في دلالة على طفولة دائمة لا تنتهي. ومن جهة ثانية، هو رجل يحب مهنته بصورة جنونية، تسقطه في الغضب. وربما في قول أشياء تجر عليه الويلات.
عندما درب الطاوسي الرجاء، ونجح معه إلى حد بعيد، شعرت معه الجماهير الخضراء بأنه يعيد للفريق هويته. وقال مرة ما يريد الكثيرون أن يسمعوه:"بغيت حكان الكرة". وهي جملة أثيرة عند الخضر. بل هي كل شيء في الفلسفة التي قامت عليها الرجاء؛ دقة دقة. والرجاء الفراجة. ووخا تخسر الرجا كاينة الفراجة.
يدرك رشيد الطاوسي، وهو يعود إلى الرجاء، بأنه يقدم على مغامرة كبيرة جدا. ليس لأن وضعية الفريق صعبة، بل لأن المطالب كبيرة للغاية. ثم إن هناك عبئا على ظهر المسيرين الحاليين، سيتعين على الرجل أن يحمل الجزء الكبير منه على ظهره، دون أن يحق له التعب أو الضجر أو الخطأ. ويا لها من مسؤولية كبيرة جدا أن تكون مدربا لفريق مرجعي، ولديه جماهير تحبه بجنون.
رشيد الطاوسي اليوم ليس مجرد مدرب يفترض فيه أن يكسب المباريات، ويربح 3 نقط. بل هو قائد بكل ما في الكلمة من معنى، جيء به في ظرفية تتميز بحساسية شديدة، وعليه أن يكون حكيما، ومغامرا في آن. أي يجمع بين المتناقضين. وهذا بالضبط ما يريده شعب الخضراء، كسب الألقاب؛ كل الألقاب، بلعب يقطر حلاوة.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة