نمط الحياة
"الطوندونس" المغربي .. الترفيه أولا
24/11/2020 - 15:05
نضال الراضيارتبط مصطلح "الطوندونس" (Tendance) بـ"اليوتيوب"، الخاص بمحتوى الفيديوهات، حيث يبحث هذا الأخير عن أكثر الفيديوهات شيوعا على محركاته، ويتم ترتيبهم تلقائيا في قائمة تظهر للمستخدمين جميع فيديوهات الأحداث المنتشرة في العالم، والتي تحقق نسب مشاهدة مرتفعة، وتفاعلا كبيرا على نفس المنصة.
كما يظهر "اليوتيوب" قائمة أكثر الفيديوهات مشاهدة في بلدك، والتي يمكن من خلالها، استنتاج محور اهتمام الشعب من خلال التكنولوجيا.
وأصبح مؤخرا الكثيرون، ينتجون محتوى فيديو خاص بهم، بهدف الشهرة والانتشار والوصول إلى "الطوندونس".
افتخار بعدد المشاهدات
"لا أحد يجادل أن الوسائط الاجتماعية، أصبحت تحتل الحياة اليومية للمغاربة، بعد سهولة الولوج إلى 'الإنترنت'، وتطور الهواتف الذكية، التي ساهمت بشكل كبير في انتشار، نجوم 'اليوتيوب' "، يشرح فؤاد بنمير، باحث في علم الاجتماع لـ"SNRTnews".
يعتبر بنمير أن القيم والمبادئ تراجعت، حتى الاهتمامات الفنية والابداعية تغيرت بشكل كبير، وانتقلت من الاهتمام بالأدب والشعر والفن، إلى الاهتمام بنجوم الكرة و"الفيديو كليبات" والمؤثرين، ومن يحقق أعلى عدد من المشاهدا، على "اليوتيوب".
هذا ما يفسر احتلال الفيديوهات الخاصة بأخبار كرة القدم والأغاني المصورة و"الروتين اليومي"، "الطوندونس" أو "التراندينغ"، على موقع "يوتيوب" الشهير.
فهذه النوعية من الفيديوهات هي أول ما يظهر في قائمة "الطوندونس" المغربي، والتي قد تصل إلى ملايين المشاهدات، بعد ساعات قليلة على طرحها.
فبعد أن كان مشاهدة الأغاني المصورة، يقتصر على الفضائيات عبر التلفاز، وعلى القنوات الموسيقية، أصبح نجوم الموسيقى يبحثون عن الانتشار الأسرع عن طريق الاعتماد على الوسائط الحديثة، كـ"يوتيوب"، لعرض إنتاجاتهم الموسيقية، بعيدا عن التلفزة، وبالتالي الافتخار بنسب المشاهدة التي يوفرها "اليوتيوب".
وأضحت "الفيديو كليبات" من بين المحتوى الذي يصل بسرعة إلى "الطوندونس"، ما يجعل نجوم الموسيقى يشاطرون سعادتهم مع جمهورهم، بـ"ملايين اليوتيوب".
أسباب التهافت
يرجع بنمير أسباب احتلال هذه النوعية من الفيديوهات "الطوندونس" المغربي إلى تحول نمط الحياة، وإلى التكنولوجيا كبديل لكل ما هو تقليدي، كالجريدة والكتاب والتلفاز..إلخ. ويعتبر المتحدث ذاته أن المجتمع اتجه إلى الوسائط الرقمية، لأنها منصة لكل ما هو ترفيهي.
فالمتلقي أصبح يفضل متابعة الترفيه، خاصة الشباب الذين يشكلون الشريحة الأكبر من مستهلكي التكنولوجيا، والمحتويات الترفيهية، ويبحث عن كل ما هو مغاير للواقع الذي يعيشه، فيجد غايته في ذلك المحتوى، خاصة المتعلق بكرة القدم، و"الفيديو كليبات"، وفيديوهات جديد الألعاب الالكترونية..إلخ.
"عملية استهلاك هذا النوع من الفيديوهات تتم بسرعة، فقد كانت اهتمامات الناس يحددها الذوق، الآن أصبحت عملية 'التتبع' تتجه نحو كل ما هو ترفيهي، وسهل في التلقي"، يؤكد الباحث.
فيديوهات تسوق الوهم
إلى جانب "الفيديو كليبات"، و"الروتين اليومي"، أصبحت تنتشر بشكل كبير على "اليوتيوب"، فيديوهات تسوق معلومات مغلوطة، وأخبار زائفة، تسوق الوهم للمتلقي.
هذا النوع من الفيديوهات انتشر بشكل كبير بالتزامن مع جائحة "كورونا"، حيث عمد البعض إلى تسويق معلومات مغلوطة وغير دقيقة حول الفيروس المستجد، متعلقة بمصدره، وكيفية انتشاره، بل منهم من ذهب إلى التشكيك في وجود هذا الفيروس، حتى أصبحت هذه الفيديوهات تعرقل حملات التوعية التي تقوم بها الجهات الصحية لتفادي انتشار"كوفيد-19".
وتزامنا مع إعلان بعض الشركات حول العالم التوصل إلى اللقاح ضد "كورونا"، انتشرت من جديد مجموعة من المعلومات المغلوطة حول اللقاحات المنتظرة، ومستقبل "كوفيد-19"، إلا أن "يوتيوب" قام بضبط سياسته مع مستجدات "كورونا" العلمية، ولم يعد يسمح بنشر معلومات حول الفيروس المستجد، التي من شأنها التهديد بحدوث أضرار كبيرة.
فقد منع "يوتيوب"، من خلال سياسته الجديدة، تحميل محتوى ينشر معلومات طبية خاطئة، متناقضة مع المعلومات التي تقدمها السلطات الصحية المعنية.
"الفيديوهات التي تتضمن معلومات مغلوطة، والتي من شأنها تضليل الرأي العام، تسوق الوهم، عن طريق نشر أخبار زائفة حول العالم، سواء تعلق الأمر بـ'كورونا'، أو غيرها من الأحداث، بحكم أن قائمة 'الطوندونس' على 'اليوتيوب'، تظهر لنا جميع المحتويات التي يشاهدها مستخدمي الموقع، حول العالم"، يؤكد 'بنمير'.
ويتأسف المتحدث قائلا: "للأسف هذه النوعية من الفيديوهات تحقق نسب مشاهدة عالية جدا، بالرغم من محتواها الذي لا ينبني على أسس علمية، ومنطقية، والملاحظ أن الناس خاصة في المجتمعات العربية، تؤمن بـ'نظرية المؤامرة'، حيث يعتقد العديدون أن العالم سيؤديهم، كما حصل مؤخرا مع لقاح 'كورونا'، حيث ذهب البعض إلى تأليف سيناريوهات، غير علمية انتشرت، بسرعة البرق على مواقع التواصل الاجتماعي"، يشدد فؤاد بنمير.
ويلوم بنمير المتلقي الذي يستهلك هذه النوعية من المعلومات، بدل لوم التكنولوجيا التي اعتبرها غير مسؤولة على تصديق البعض لتلك المحتويات.
كما يعتب بنمير على المستخدمين الذين لا يبحثون عن الحقائق العلمية، من المختصين والباحثين، من خلال متابعة الندوات العلمية والصحية الرقمية، التي لا توجد ضمن قائمة "الطوندونس" المغربي، الذي يحتله الترفيه.
مقالات ذات صلة
تكنولوجيا