نمط الحياة
المؤثرون في إنستغرام.. هل يحق لهم استغلال أطفالهم؟
09/05/2021 - 20:26
نضال الراضيجلسات تصوير مخصصة للنشر على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات تظهر نمط الحياة اليومي للأطفال بمختلف تفاعلاته، بالإضافة إلى تلقينهم كيفية الأداء على تطبيق "تيك توك".
وبالرغم من أن أعمارهم لا تناسب الظهور على بعض التطبيقات الشهيرة عالميا، إلا أنه من خلال متابعتك لأشهر "المؤثرين" المغاربة، ستصادفك حتما صور ومقاطع فيديو لأطفال، بعضهم رضع، الغاية منها اصطياد معلنين من بحر العلامات الخاصة بمنتوجات الأطفال.
الخطورة
في هذا الصدد، يفيد الدكتور محسن بنزاكور، أستاذ باحث في علم النفس الاجتماعي، أنه بالرغم من كون استغلال الطفل بأي شكل من الأشكال، يعد تصرفا مرفوضا على المستوى الحقوقي، إلا أننا أصبحنا اليوم، نصادف مظاهر جديدة توضح بشكل مباشر أن بعض الأطفال يستغلون "افتراضيا"، من طرف آبائهم النشيطين على "السوشيال ميديا" وذلك بهدف كسب المزيد من المتابعين والمعلنين.
ويؤكد المتحدث ذاته أن معظم الأطفال الذين يظهرهم آباؤهم، خاصة الأمهات "المؤثرات"، على مواقع التواصل الاجتماعي، تكون أعمارهم صغيرة بحيث لا يستطيع التعبير عن رفضه أو موافقته على مشاركة محتوى خاص به على "اليوتيوب" أو "تيك توك"، مشيرا إلى أنه، حتى وإن تعلق الأمر بالأطفال الذين يميزون ويرفضون عدم تصويرهم، فإن الأم "المؤثرة"، تلجأ إلى إغرائه بأن ذلك سيجلب له الكثير من الهدايا والمال ويمكن أن يساعده على تأمين مستقبله.
وعن آثار مشاركة محتوى خاص بالطفل على مواقع التواصل الاجتماعي على نفسيته، يقول بنزاكور إن ذلك يساهم في تراجع مردودية الطفل، سواء على المستوى الدراسي أو الاجتماعي، من خلال تفاعله مع محيطه، مؤكدا أن بنية الطفل الجسمانية والنفسانية لا تسمح بتحمله التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي الذي يعتبر بدوره عملا يستدعي مجهودا وبين الدراسة ووقته الخاص، الذي من المفترض أن يقضيه في عالمه الخاص، من خلال اللعب أو تمضية الوقت مع أقرانه.
وفي نفس السياق، يفيد المتحدث ذاته أنه من حق الطفل اتخاد قرار الظهور أو الاختفاء عن عالم "السوشيال ميديا"، حتى وإن كان أحد والديه من المشاهير وعلى هؤلاء الآباء أن يمتنعوا عن مشاركة محتوى خاص بصغارهم، إلى أن يبلغون السن الذي يخول لهم اتخاد القرار الذي يناسبهم بخصوص الظهور على هذه المواقع.
ويؤكد الأستاذ الباحث في علم النفس الاجتماعي أن مشاركة نمط عيش الصغير بشكل يومي، من شأنه أن يؤثر على نفسيته لاحقا، عندما سيستوعب أن عالمه الخاص كان عرضة لمئات الآلاف وربما الملايين من المتابعات، مما سيعرض الأم أو الأب حتما للمساءلة والمحاسبة من طرف الصغير.
من جهة أخرى، يحذر محسن بنزاكور من خطورة مشاركة صور وفيديوهات الأطفال على "السوشيال ميديا" والتي تتجلى في إمكانية استغلالهم من طرف المواقع الخاصة بـ"البيدوفيليا"، وبالتالي تحول الطفل إلى ضحية للتحرش الجنسي.
ويطالب المتحدث ذاته من الجهات المختصة التدخل لمنع استغلال الطفولة الأغراض التجارية، خاصة على العالم الافتراضي، وذلك من خلال سن عقوبات زجرية لكل أم أو أب خولت له نفسه استغلال أطفاله لأهداف مادية.
محتوى مرفوض
من جانبه، يرفض فوزي بوخريص، أستاذ علم الاجتماع، استغلال براءة الطفل بغاية تحقيق الشهرة والربح المادي على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى وإن كانت الحياة الخاصة لوالديه مكشوفة للعلن، موضحا أن ذلك لا يعني مشاركة التفاصيل الخاصة بصغيرهم، من صور وفيديوهات وتفاعلات.
ويرى المتحدث ذاته أن ذلك من شأنه أن يساهم في التأثير سلبا على نفسية الطفل وقد يظهر ذلك من خلال ردود فعل غير متوازنة وانطوائية، وربما عنيفة، وذلك على المدى البعيد.
ويعتبر بوخريص أن الطفل يعد من أضعف الفئات داخل المجتمع، لذلك تم إقرار مجموعة من البنود الدولية من خلال مجموعة من المعاهدات والاتفاقيات الرامية لحماية الطفولة من جميع أشكال الاستغلال.
ويؤكد المتحدث ذاته أن الطفل يحتاج، خلال فترات نموه، لحماية خاصة من طرف والديه، اللذين من المفروض أن يشكلا له ملاذا آمنا من العوامل الخارجية، وليس القيام بإبرازه لأهداف مرتبطة بالمال والشهرة أو التعاطف وغيرها من المظاهر التي أصبح يستغل من خلالها الطفل، خاصة افتراضيا.
ماذا يقول القانون؟
في نفس السياق، يوضح توفيق الراضي، محام بهيئة الدار البيضاء، أن المشرع المغربي خص الطفل بمجموعة كبيرة من النصوص القانونية الرامية لحمايته من محيطه، بما فيهم الأصول، سواء من خلال الدستور أو القانون الجنائي المغربي ومدونة الأسرة، بالإضافة إلى مصادقة ومشاركة المغرب في الاتفاقيات المتعلقة بحماية الطفل، التي تعد بمثابة قانون خاص وجب تطبيقه.
ويشير المتحدث ذاته إلى أنه بالرغم من نص مجموعة من القوانين والتدابير الممكنة، لضمان سلامة الأطفال الجسدية والنفسية وتوفير الحماية اللازمة لهم من جميع أشكال الاستغلال، إلا أن مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت شكلا جديدا لاستغلال الصغار. هذه المرة من طرف آبائهم الذين يعتقدون أن من حقهم قتل "حميمية" الطفل في سبيل تحقيق الشهرة والمكتسبات المادية.
ويوضح الراضي أن القانون الجنائي المغربي قد وضع مجموعة من العقوبات الزجرية في حق الآباء الذين يعرضون أطفالهم للضرر، نتيجة سوء المعاملة أو إعطاء القدوة السيئة، أو القيام أمامهم بأي نوع من أنواع السلوك المشين، مشيرا إلى أنه بالرغم من أهمية هذه النصوص، إلا أنها لا تطبق على أرض الواقع، في مواجهة الآباء "المؤثرين"، الذين يستغلون صغارهم لأغراض تجارية.
ويضيف المتحدث ذاته: "لقد آن الأوان، ليقوم المشرع المغربي باستحداث نصوص صريحة، ترمي لحماية الطفل من الأصول في استغلال حياتهم الخاصة وإظهارها على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بتحديد السن القانوني الذي يسمح بمشاركة محتوى خاص بالطفل على هذه المواقع، بالإضافة إلى موافقة الطفل على أن تظهر حياته الخاصة للعلن".
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
مجتمع