رياضة
المغرب وإينفانتينو.. مسار علاقات دبلوماسية رياضية
28/02/2021 - 10:31
صلاح الكومريحين صعد رئيسا لإمبراطورية "فيفا"، خلفا لمواطنه جوزيف بلاتر، قال السويسري جياني إينفانتينو إن من بين برامج عمله، التي سيحرص على الاهتمام بها أكثر، إقامة علاقات عمل مع جميع الاتحادات الكروية العالمية التي تحمل مشاريع رياضية، وقتها كان المغرب قد باشر العديد من المشاريع، من بينها تطوير البنيات التحتية، واعتماد نظام الممارسة الاحترافية، وإحياء كرة القدم النسوية.
وجد إينفانتينو، الإيطالي الأصل، في المغرب نموذجا يحتذى به، يستحق الاهتمام، بل إنه بات يعتبر المملكة، شريكا أساسيا لـ"فيفا" في تطوير كرة القدم الإفريقية والعالمية أيضا.
"SNRTnews" يستعرض مسار علاقة جياني إينفانتينو مع المغرب منذ صعوده رئيسا للاتحاد الدولي، إلى غاية زيارته الأخيرة للمملكة، في 24 و25 فبراير 2021.
إينفانتينو في أول زيارة للمغرب
يوم السبت 12 نونبر 2016، على الساعة الخامسة مساء، حطت طائرة تابعة للخطوط السويسرية في مطار مراكش، نزل منها إينفانتينو مبتهجا، في أول زيارة له للمغرب، بدعوة من فوزي لقجع، الذي كان في استقباله، مرفقا بمستشاره محمد مقروف، وبعض أعضاء المكتب المديري لجامعة الكرة.
جاء حضور إينفانتينو إلى المغرب، بالتزامن مع تنظيم المملكة لمؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي "كوب22" في مدينة مراكش، وأيضا قبيل ساعات من انطلاق مباراة المنتخب الوطني أمام نظيره الإيفواري، برسم التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2018، في ملعب مراكش الكبير، حيث تابع المباراة، إلى جانب حسني بنسليمان، الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية.
في اليوم الموالي لهذه الزيارة، وقبيل مغادرته المملكة، عقد إينفانتينو ندوة صحفية في أحد فنادق مدينة مراكش، حيث عبر عن سعادته بـ"حرارة الاستقبال" الذي حظي به في المغرب، كما أشاد بالمشاريع الرياضية في المغرب، وقال: "لا يمكن لأي رياضي إلا أن يعجب ويفتخر بهذه المشاريع، حين نتحدث عن المغرب، يجب أن نتحدث عنه باعتباره واحدا من أفضل دول العالم في التطور الرياضي"، مضيفا: "المغرب يمكنه أن يقدم الكثير في مساعدة بلدان أخرى في تطوير ممارسة كرة القدم".
مرحلة جفاء عابر
شهدت علاقة إينفانتينو والمغرب توترا وجفاء عبر بسرعة شهري مارس وأبريل من 2018، قبل التصويت على ملف احتضان نهائيات كأس العالم "مونديال 2026" في 13 يوينو 2018.
قبل مرحلة التصويت، أنشأ "فيفا"، بتوصية من إينفانتينو، لجنة مراقبة وتقييم للملفين المترشحين لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026، أطلق عليها اسم "تاسك فورس" (Task Force)، وخول لها صلاحية إقصاء أحد الملفين، وتزامن ذلك مع تقارير إعلامية دولية تحدثت، وقتها، عن أن جياني إينفانتينو، يسعى إلى الإطاحة بالملف المغربي قبل مرحلة التصويت، من أجل تمهيد الطريق لفوز الملف المشترك بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك.
وفي هذا السياق، راسلت الجامعة الملكية المغربية "فيفا"، تحتج على إنشاء لجنة "تاكس فوكس"، فرد عليها الاتحاد الدولي بمراسلة مماثلة، يوضح فيها أن هذه اللجنة "مهمتها تقنية وليست إدارية".
وكان مولاي حفيظ العلمي، رئيس لجنة ترشح المغرب لاستضافة مونديال 2026، شكك في الهدف من إنشاء "فيفا" لجنة "تاكس فورس"، وقال في تصريح لقناة "الرياضية": "هذه اللجنة أنشئت من أجل هدف واضح، ألا وهو إقصاء الملف المغربي"، مضيفا: "الاتحاد الدولي لكرة القدم وضع مجموعة من العراقيل، من بينها رفع عدد المنتخبات المشاركة في المونديال من 32 إلى 48 منتخبا، لقد كان هدفهم إقصاء الملف المغربي".
ورد إينفانتينو على الاتهامات التي وجهتها له مجموعة من المنابر الإعلامية الدولية، من بينها قناة "ESPN" المكسيكية، وصحيفة "ليكيب" الفرنسية، وقال، في لقاء مع صحيفة "24heures"، في 4 يونيو 2018: "مهمتنا هي التأكد من أن عملية تقديم طلب الترشح لاستضافة كأس العالم صحيحة، هذا ما فعلناه، لم تكن هناك أي نية لإقصاء أحد الملفين، لقد كانت مهمتنا شفافة، ويمكن أن تكون مثالا يحتذى به للعديد من المنافسات الرياضية".
استقبال ملكي
بعد شهر ونصف من خسارة المغرب سباق الترشح لاستضافة كأس العالم "مونديال 2026"، عاد إينفانتينو إلى المغرب، حيث حظي بترحاب كبير، واستقبال ملكي من طرف الملك محمد السادس، يوم الاثنين 30 يوليوز 2018، في القصر الملكي "مرشان" بمدينة طنجة، بمناسبة الذكرى 19 لعيش العرش.
وقال إنفاتينو، في تصريح صحفي بعد حفل الاستقبال الملكي: "بالنسبة لي، إنه لفخر كبير أن أكون اليوم متواجدا بطنجة لحضور هذا الحفل البهيج لعيد العرش"، مضيفا: "حقا، تنتابنا الكثير من المشاعر والأحاسيس القوية بمناسبة هذا الحفل الرائع في بلد يعشق كرة القدم".
مباشرة بعد هذا الاستقبال، عقد إينفانتينو اجتماعا مع فوزي لقجع وبعض أعضاء الجامعة الملكية المغربية في مدينة طنجة، حيث تطرقوا لفشل الملف المغربي في الفوز بتنظيم نهائيات كأس العالم 2026، واعتبر رئيس "فيفا"، أن وصول الملف المغربي لمرحلة التصويت، يدل على أن المغرب، جاد في استضافة أكبر التظاهرات العالمية، ويسير في الطريق الصحيح للفوز بتنظيم النهائيات مستقبلا.
ومباشرة بعد هذا الاجتماع، شد إينفانتينو الرحال إلى سويسرا، على عجل، للنظر في التسريبات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام الإنجليزية حول ظروف منح قطر شرف استضافة نهائيات كأس العالم 2022.
إينفانتينو في مركب محمد السادس
في 1 فبراير 2020، عاد إينفانتينو إلى المغرب، للمشاركة في يوم دراسي تحت عنوان "تنمية المنافسات والبنية التحتية في إفريقيا"، في مركز محمد السادس لكرة القدم، بمدينة سلا.
على هامش هذا اليوم الدراسي، قام إينفانتينو، مصحوبا بفوزي لقجع، رئيس الجامعة، وأحمد أحمد، رئيس الاتحاد الإفريقي "كاف"، بجولة في جميع مرافق مركز محمد السادس، حيث انبهر بجميع منشآت المركز، واستجابته لجميع الشروط الدولية التي يعتمدها "فيفا" في المراكز الرياضية عالية الجودة.
وقال إينفانتينو، خلال كلمته الافتتاحية في اليوم الدراسي: "زيارتي لمركز محمد السادس الرائع، منحني طاقة إيجابية وحمستني كثيرا، هذا المركز يضاهي أرقى المراكز التقنية العالمية، ويعد مفخرة، ليس للمغرب فحسب، بل لإفريقيا والعالم".
وواصل إينفانتينو حديثه الإيجابي عن المغرب، وقال، مخاطبا رؤساء الاتحادات الإفريقية التي حضرت اليوم الدراسي: "لا يجب أن نكون خجولين، لأن الإصلاح شجاعة، ويجب أن نتحلى بالشجاعة الكافية لإصلاح ما يمكن إصلاحه، ما يقوم به المغرب في مجال الإصلاح الرياضي شجاعة كبيرة، أنظروا إلى هذا المركز الرائع، إنه تحفة فنية، إنه مثال حي على ما يمكننا القيام به لتطوير كرتنا".
زيارة رفيعة المستوى
زيارة إينفانتينو الأخيرة إلى المغرب، يومي 24 و25 فبراير 2021، لم تكن عادية، بل أكثر أهمية من سابقاتها، ورفيعة المستوى، حسب وصف بعض المنابر الإعلامية الإفريقية، مستدلة على ذلك بأن رئيس إمراطورية "فيفا"، استقبل من طرف ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، وأيضا من طرف عثمان الفردوس، وزير الثقافة والشباب والرياضة، إضافة إلى استقباله من طرف فوزي لقجع، رئيس الجامعة الملكية المغربية.
في هذا السياق، قال خالد ياسين، الإعلامي المغربي السابق في قناة "بي إن سبورتس": "زيارة إينفانتينو إلى المغرب تحمل أكثر من دلالة، في ظاهرها وبطانيا"، مضيفا: "خلفيات هذه الزيارة، أن إينفانتينو اختار المغرب ليؤسس لشراكة قوية مع المملكة، ونحن في حاجة إلى هذه الشراكة، لأنها تقدم إلى العالم صورة مشرفة على ما يتم تحقيقه من إنجازات في المغرب".
وأضاف الإعلامي المغربي، في حديث تلفزيوني: "استقبال إينفانتينو من طرف ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، تحمل إشارات قوية، مفادها أن هناك صفحة جديدة فتحت بين المغرب والاتحاد الدولي لكرة القدم، وبالتالي أصبح الأخير يعتبر المملكة شريكا استراتيجيا في تطوير الممارسة الكروية".
وأشار المتحدث ذاته، إلى أن هذه الزيارة، تندرج، أيضا، في سياق عزم المغرب الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم 2030، موضحا: "إينفانتينو يريد أن يضع بصمة مميزة على ولايته في رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم، وهذه البصمة، تتجلى، بالأساس، في إعادة كأس العالم إلى إفريقيا".
إيينفانتينو: شكرا للملك محمد السادس
في ختام زيارته الأخيرة إلى المغرب، يوم الخميس 25 فبراير 2021، عبر جياني إينفانتينو عن اعتزازه وسعادته بما يقدمه الملك محمد السادس لكرة القدم المغربية، وقال: " في نهاية زيارتي إلى المغرب، باسمي وباسم الاتحاد الدولي لكرة القدم فيفا، وكل البعثة التي رافقتني في هذه الزيارة، نريد أن نشكر جلالة الملك محمد السادس على التزامه وشغفه وإرادته وطموحه من أجل تقوية كرة القدم المغربية".
وأشاد إينفانتينو، أيضا، بدور المغرب في تطوير كرة القدم النسوية، محليا وقاريا، مشيرة إلى أنه ناقش هذا الموضوع مع ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، مضيفا: "لقد تحدثنا، أيضا، عن برامج تطوير كرة القدم، ليس فقط المغربية، بل حتى الإفريقية والعالمية".
ومن المرتقب أن يعود رئيس "فيفا" إلى المغرب، في 12 مارس المقبل، لحضور أشغال الانتخابات الرئاسية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم "كاف"، في مدينة الرباط.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة