اقتصاد
بطالة الشباب.. هل تصلح الحكومة ما أفسدته "كورونا"؟
03/12/2020 - 16:14
مهدي حبشيكان صندوق مكافحة الجائحة قد وفر، عبر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مساعدات بألفي درهم لحوالي 950 ألفا من الأجراء المسجلين في الصندوق، الذين علق أو توقف نشاطهم في فترة الحجر الصحي. في الوقت نفسه أفادت المندوبية السامية للتخطيط أن عدد الذين فقدوا شغلهم، في الربع الثالث من العام الجاري، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وصل إلى 589 ألفا.
الشباب يقودون العاطلين
وصل معدل البطالة العام في المغرب في الفصل الثالث من العام الجاري، حسب المندوبية السامية للتخطيط، إلى 12,7 في المائة، غير أن ذلك المعدل شهد ارتفاعا كبيرا بين الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، بحيث انتقل من 26,7 في المائة إلى 32,3 في المائة، كما انتقل معدل البطالة لدى الأشخاص الحاصلين على شهادة من 15,5 في المائة إلى 18,7 في المائة.
وتعد فئتا الشباب والأشخاص الذين لا يتوفرون على شهادة أكثر تعرضا للعمل بدون عقد عمل، بحيث تصل النسبة لدى الشباب، الذين يقل سنهم عن 29 سنة إلى 63,4 في المائة، بينما تقفز إلى 72,8 في المائة لدى الأشخاص الذين لا يتوفرون على شهادة، بحسب بيانات المندوبية السامية للتخطيط، التي تناولت سوق الشغل والبطالة في الفصل الثالث من العام الحالي.
ولاحظت المندوبية السامية للتخطيط أنه "في سياق اتسم بالجفاف والأزمة الصحية المرتبطة بجائحة 'كوفيد-19'، تأثر تطور مؤشرات سوق الشغل سلبيا، حيث استمر الانخفاض البنيوي لمعدل النشاط وهبوط معدل الشغل، كما ارتفع معدل البطالة، خصوصا لدى الشباب والنساء وحاملي الشهادات".
وأوردت المندوبية أن معدل الشغل، حسب السن، قد انخفض بمقدار 3 نقاط لدى الأشخاص البالغين بين 15 و24 سنة، و4 نقاط للبالغين بين 25 و34 سنة، و1,8 نقطة بالنسبة للبالغين 45 سنة فأكثر.
وجاء في تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن الأزمة الصحية أثرت على قابلية الشباب للتشغيل وولوجهم لسوق الشغل، كما لم يتم الاحتفاظ سوى بـ17 في المائة من توظيفات الشباب حملة الشهادات، وعُلقت نسبة 64 في المائة من التداريب.
كيف يمكن إنقاذ الموقف؟
يمكن تفسير تضرر الشباب أساساً من أزمة التشغيل مغربياً بمنطق إحصائي صرف، كون هذه الشريحة تمثل ما يناهز 60 في المائة من مجمل الساكنة في المغرب، "وبالتالي فمن المنطقي أن تكون الأكثر تضرراً من تهاوي أرقام التشغيل في المغرب"، يؤكد رئيس "حكومة الشباب الموازية"، إسماعيل الحمراوي.
وأوردت المندوبية السامية للتخطيط أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة يشكلون 34,8 في المائة من إجمالي حجم الشغل.
وعزا الحمراوي، في تصريح لـ"SNRTnews"، تضرر الشباب من أزمة التشغيل إلى كون الجائحة أضرت بالمقاولات الصغرى والمتوسطة على نحو كبير، مشدداً على أن أزيد من مليون منصب شغل فقد في المغرب منذ تفشي الوباء، خصوصاً في القطاعين الخدماتي والصناعي بالنسبة للشباب.
وقال إنه بات من الضروري إعداد تصور حكومي واضح ومندمج لدعم المبادرات الشبابية والمقاولات الصغرى والمتوسطة لإنقاذ الموقف، كما أشار إلى ضرورة إعادة إحياء القروض من خلال برنامج "انطلاقة"، الذي تعثر بسبب الجائحة.
وكان والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري قد شدد على أنه رغم الأزمة الصحية، تواصل تنفيذ برنامج "انطلاقة"، الذي انطلق في بداية العام الحالي، وإن بوتيرة أبطأ، كي يستفيد منه 9443 من طالبي القروض التي وصلت قيمتها إلى 1,9 مليار درهم، مضيفا أن البرنامج ساهم في إحداث 1900 مقاولة جديدة، مع إمكانية خلق 28 ألف منصب شغل جديد.
ودعا الحمراوي الأبناك إلى تفعيل آليات المواكبة، لإيجاد فرص الشغل للشباب ومساندتهم في تسيير مشاريعهم، مشدداً على أن الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات لا بد أن تلعب دور الوساطة بين الشباب والمقاولات البنكية، حتى لا يرتهن هؤلاء في قروض يعجزون بعدها عن تسيير مشاريعهم.
ويرى المتحدث أنه بات حيوياً تقنين العمل عن بعد، بعدما أبانت الجائحة عن الإمكانيات الكبيرة التي يتيحها هذا الأخير، داعياً الأبناك إلى دعم فرص الشغل التي يتيحها العالم الافتراضي.
خطة حكومية تستهدف الشباب
تضرر الشباب، على وجه الخصوص، من نزيف سوق الشغل لم يفت الحكومة، التي خاضت جلسة استماع لـ"حكومة الشباب الموازية"، في يوليوز الماضي، وتتأهب على إثر ذلك لاتخاذ حزمة من الإجراءات في سبيل إنعاش تشغيل الشباب خلال مرحلة ما بعد الجائحة.
وأوضح مصدر من داخل وزارة الشغل والإدماج المهني، أن الخطة الحكومية لإنعاش تشغيل الشباب، برسم سنة 2021، ترتكز على دعم القطاعات الإنتاجية، لاسيما المقاولات الصغيرة والمتوسطة، والرفع من قدرتها على الاستثمار وخلق فرص الشغل والحفاظ على مصادر الدخل.
وفي التفاصيل، أورد المصدر أن الحكومة تنوي تشجيع المقاولات على تشغيل الشباب، عبر إعفاء الأجور المدفوعة لهذه الشريحة العمرية من الضريبة على الدخل مدة عامين كاملين، شريطة أن يتعلق الأمر بأول فرصة شغل للمعني بالأمر، وتوفره على عقد غير محدد المدة.
كما تنوي الحكومة مواصل دينامية القروض المضمونة من طرف الدولة، على المنوال ذاته، بحيث استفادت المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة من نسبة 98 في المائة من قروض تفوق قيمتها 27 مليار درهم.
من جهة ثانية، تعتزم الحكومة تنظيم مباريات جهوية وإقليمية لريادة الأعمال، ترمي إلى "تحفيز روح ريادة الأعمال لدى الشباب وخلق جو من المنافسة بين الرياديين على المستوى الجهوي والإقليمي، وتشجيع المشاريع الجيدة والمبتكرة".
وقال المصدر إن ثلاث جهات سيجري توسيع البرامج الجهوية للإدماج الاقتصادي للشباب بها. ويتعلق الأمر بجهات الرباط سلا القنيطرة، سوس ماسة وجهة طنجة تطوان الحسيمة، وذلك بشراكة مع الوكالة الفرنسية للتنمية.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد