اقتصاد
تنمية مستمرة في الصحراء المغربية
06/11/2021 - 17:31
يونس أباعلياستمرت التنمية في الأقاليم الجنوبية منذ إطلاق النموذج التنموي الخاص بها من طرف جلالة الملك محمد السادس قبل سنوات، فقد أصبحت قطبا استثماريا عالميا، لذلك أكدت الحكومة على لسان رئيسها عزيز أخنوش أنها ستواصل دعم مسار التنمية والوفاء بكل الالتزامات المعلنة.
لذلك فبخصوص عقود برامج التنمية المندمجة للجهات الجنوبية الثلاث، أكد وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الأربعاء الماضي (4 نونبر)، أن الوزارة بادرت في إطار الوفاء بالتزاماتها التعاقدية برسم سنة 2021، إلى تحويل المساهمات المالية المتعهد بها بمقتضى اتفاقيات الشراكة المتعلقة بهذه الجهات، مذكرا بأن الكلفة المالية الإجمالية للمشاريع موضوع النموذج الجديد لتنمية الأقاليم الجنوبية تقدر بحوالي 79 مليار درهم، مخصصة لإنجاز ما يناهز 700 مشروع.
لا شيء غير التنمية
من يناير إلى شتنبر 2021 تمت المصادقة من طرف اللجنة الموحدة للاستثمار بالمركز الجهوي للاستثمار بجهة العيون على 177 ملفا، وهو ما يشكل زيادة قدرت بـ115 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، بغلاف مالي تجاوز 6 ملايير درهم و7000 منصب شغل يُتوقع إحداثها، كما يوضح المدير العام للمركز محمد جعيفر.
وقد أكد جعيفر، في تصريح لـSNRTnews، على أن الدينامية التي تشهدها هذه الجهة رفعت من وتيرة التنمية وحفظت على الاستثمار المحلي والأجنبي، وهو ما يؤكده سمير أنوار مدير قطب المشاريع في مركز للمركز الجهوي للاستثمار بالداخلة وادي الذهب.
فيما أكد رئيس المجلس الجماعي للعيون مولاي حمدي ولد الرشيد لأعضاء في المؤسسة العالمية الإفريقية – اللاتينية أن وجه الأقاليم الجنوبية تغير بالأوراش الكبرى، في لقاء كان الخميس الماضي بالعيون، عندما جاؤوا، على غرار وفود دولية سبقتهم، للاطلاع عن قرب على دينامية التنمية السوسيو-اقتصادية التي تشهدها الأقاليم الجنوبية للمملكة.
بلغة الأرقام يتحدث جعيفر عما تحقق في جهة العيون، إذ أشار إلى وجود 266 مشروعا تشمل كل أقاليم الجهة بمبلغ مالي ضخم يناهز 46 مليار درهم. هذه المشاريع التي بلغت نسبة إنجاز جد متقدمة همت البنيات التحتية من طرق وموانئ ومطارات خصوصا الطريق السريع تزنيت العيون، تأهيل المدن، البنيات الاجتماعية والثقافية والرياضية، الطاقات المتجددة، الصحة، التكوين والتمدرس، البيئة والماء.
يشدد على أن جهة العيون الساقية الحمراء أضحت تتوفر على عدة مؤهلات اقتصادية وفرص استثمارية وإمكانات هامة لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة مرتبطة أساسا بالاقتصاد البحري والأخضر. ففضلا عن القطاعات التي تمثل عصب الاقتصاد الجهوي مثل الصيد البحري وتربية المواشي والمناجم فإن الجهة أضحت اليوم قطبا هاما في انتاج الطاقات المتجددة الريحية والشمسية مع إمكانات هامة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
الجهة توفر فرصا هامة أيضا في تربية الأحياء البحرية وفي المجال الصناعي خصوصا الصناعة التحويلية المرتبطة بتثمين منتوجات الصيد البحري والصناعات الأخرى خصوصا المرتبطة بالطاقات المتجددة من أجل الرفع من الاندماج الصناعي الجهوي.
وفي المجال السياحي تتمتع الجهة بمؤهلات تجعل منها وجهة للسياحة الايكولوجية وكذا سياحة الأعمال، بفضل توفرها على واجهة بحرية تقارب 600 كلم وكثبان رملية ومحمية النعيلة ومواقع متعددة للنقوش الصخرية والمعالم التاريخية (دار البحر ونصب سانت اكسبيري بطرفاية ومنارة بوجدور...) كما يشرح مدير المركز الجهوي للاستثمار لجهة العيون الساقية الحمراء.
وأضاف "في المجال الفلاحي نجد أن النموذج التنموي وفر مجالا مسقيا بضواحي بوجدور لإنتاج الخضر والفواكه التي تنضاف الى المجالات السقوية الحالية والمخصصة للزراعات العلفية التي ساهمت بدورها في تطوير تربية الابقار وانتاج الحليب ومشتقاته بالجهة". كل هذه الإمكانات والفرص تجعل من الجهة قطبا تنافسيا منفتحا على العمق الافريقي وجزر الكناري، في نظره.
عن نوع المشاريع التي تستهدف الشباب في أقاليم الجهة، يوضح المسؤول نفسه أن مشاريع النموذج التنموي الخاص بأقاليم الجنوب غطت كل القطاعات الحيوية واستهدفت الرأسمال البشري بكل فئات المجتمع خصوصا الشباب والنساء، موردا مثال كلية الطب معهد التكوين في الطاقات المتجددة، مدينة المهن والكفاءات، الملاعب الرياضية والبنايات المدرسية والتكوينية والثقافية.
وفي ما يخص الشق الاقتصادي الذي يستهدف الشباب، يُذكر جعيفر بالدينامية المتواصلة عبر البرامج التي تهدف إلى توفير فرص الشغل وتحسين الدخل لذا هذه الفئة. مبرزا أن الجهة على غرار باقي جهات المملكة تستفيد من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مرحلتها الثالثة وبرامج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني التي تنفذها العديد من القطاعات الحكومية بالإضافة الى البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك محمد السادس والذي يعرف تقدما هاما في الإنجاز على المستوى الجهة بفضل الشراكات الهامةمع القطاع البنكي.
المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية تحتضنها الجهة، بكثافة مقارنة مع الأعوام السابقة، إذ أشار المسؤول نفسه إلى إنجاز المنشآت الاستشفائية وبنيات التكوين والبحث والابتكار وأيضا إنجاز الطرق خصوصا الطرق السريع تزنيت العيون وتأهيل الموانئ والمطارات. كل هذا ينضاف إليه إنجاز المناطق الصناعية واللوجستيكية وكذا التهيئة الحضرية وتأهيل المدن ومحطة تحلية مياه البحر ومحطة لمعالجة المياه العادمة وأيضا وإنجاز الفضاءات الرياضية والثقافية.
مشاريع مُنجزة وأخرى مرتقبة
في تقرير حديث عن الأقاليم الجنوبية، كشفت وزارة الاقتصاد أن جهة الداخلة وادي الذهب استحوذت على 50 في المائة من عدد المشاريع الاستثمارية التي عبأت الدولة لها رصيدا عقاريا، تليها جهة العيون – الساقية الحمراء بنسبة 28,3 في المائة.
الجهتان وصلتا العالمية، بعد إطلاق منصتين رقميتين، كل ما تتضمنه من معطيات وامتيازات تدفعان للاستثمار دون تردد.
في مشاريع الطاقة بجهة الداخلة، تم إعطاء دعم مستمر لإنجاز محطات للطاقة الريحية والشمسية، مع تعزيز شبكة الطرق التي تربط بين مختلف أقاليم تراب الجهة، ليصل طولها إلى حوالي 3.369 كلم، 60% منها طرق إقليمية.
يبقى الطريق السريع تيزنيت - الداخلة أكبر مشروع طرقي في طور الإنجاز يمتد على طول 1055 كيلومتر، فيما تم استغلال مطار الداخلة من قبل 4 شركات للطيران، مع وجود مشروع إنشاء محطة جوية جديدة بالعركوب.
وتعد المنطقة الصناعية واللوجستية WEST AFRICA FREE ZONE التي سيتم إنشاؤها بالداخلة، منصة بارزة للتجارة العالمية تمكن من الاستجابة للحاجيات اللوجستية للفاعلين الاقتصاديين وتقوية تنافسيتهم. وستشكل هذه المنطقة اللوجستية متعددة التدفق، منصة لوجستية متعدد الوسائط (جوي وبحري وطرقي) لتأمين تدفقات خط أوروبا – أفريقيا، كما تورد المنصة الرقمية "داخلة كونيكت" التي خصصت لتشجيع الاستثمار في مدينة الداخلة، تم تدشينها بمناسبة زيارة قام بها كاتب الدولة السابق المكلف بشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ديفيد شينكر إلى الأقاليم الجنوبية، يناير الماضي، قبل أن يتم إنشاء منصة مماثلة خاصة بالعيون..
ثروات تنموية
جهة الداخلة تعرف أيضا تجهيز وتهيئة منطقتين للتجارة واللوجيستيك بكل من الكركرات وبئر كندوز، تغطي كل منهما مساحة إجمالية تناهز 30 هكتارا ستوفران 150 وحدة تتراوح مساحاتها بين 1000 و5000 متر مربع للوحدة.
ومما يُبرز الدور الذي أضحى يلعبه الإقليم، هو توفره على50% من الإنتاج الوطني في قطاع تربية الأحياء البحرية، و45% من المزارع البحرية الوطنية، أي 11 مزرعة نشطة، و يختضن أول مفرخه على الصعيد الدولي لإنتاج صغار اللميعة الأوروبية، و80% من المشاريع الجديدة لتربية الأحياء البحرية تتمركز في المنطقة، و2400 هكتار مخصصة لإنشاء 124 مشروعا خاصين بتربية الصدفيات وزراعة الطحالب من أجل إنتاج توقعي يصل إلى 78 ألف طن سنويا وإحداث 2500 منصب شغل.
سمير أنوار، مدير قطب المشاريع في مركز للمركز الجهوي للاستثمار بالداخلة وادي الذهب، قال إن الجهة تضم منصات لوجستيكية الأولى في بئر كندوز والثانية في الكركرات، على مساحة 35 هكتارا لكل منصة، إلى جانب ميناء الداخلة الضخم، سيضم منصة لوجستيكية صناعية، إلى جانب محطة تحلية المياه البحرية التي بها سيتم ري حوالي 5000 هكتار من الأراضي الفلاحية، فضلا عن توسيع الشبكة الطرقية.
يشدد على أن الجهة تثير المستثمرين أكثر من أي وقت مضى، خصوصا مع التطورات السياسية التي تشهدها قضية الوحدة الترابية.
ولفت إلى أن هناك زيادة في المشاريع الاستثمارية وتحسين الخدمات، والإصلاح شمل محاور أساسية في المركز، إذ تم إنشاء هيئة إقليمية موجدة لتسريع القرارات وتبسيط الإجراءات ورقمنة الخدمات إذ.
وأضاف "هناك مواكبة للمقاولات وتوفير الموارد البشرية، لمواكبة الديناميكية الملموسة"، لافتا إلى أن الموقع لعب دورا كبيرا، إذ يجعل المستثمر قريبا من السوق الإفريقية، وهذا ما يشجع على الاستثمار.
طاقات متجددة في الصحراء
التنمية غير المتوقفة مكنت جهة العيون من التوفر على مزارع دولية للطاقة للريحية والشمسية، فإلى جانب المحطة الشمسية نور 2 العيون، والمحطة الشمسية نور 2 بوجدور، ومزرعة للطاقة الريحية بوجدور (300 ميغا واط)، ومزرعة للطاقة الريحية تيسكراد(100 ميغا واط)، خصص المغرب وعاء عقاريا كبيرا بجهة كلميم واد نون لفائدة مشروع إنتاج الطاقة النظيفة، الذي تعتزم الشركة البريطانية “Xlinks” تنفيذه بميزانية ضخمة تناهز حوالي 250 مليار درهم. ويتعلق الأمر هنا بمحطة بتوليد الطاقة الريحية والشمسية، ونقلها عبر كابل بحري نحو بريطانيا على مسافة تناهز 3800 كيلومتر.
فيما كان صندوق أمريكي استثماري قد أعلن نيته الاستثمار في إنشاء محطة للطاقة الريحية في مدينة الداخلة، بمبلغ مالي يصل إلى 3 مليارات دولار، من أجل تشغيل مركز بيانات خاص بتقنية البلوكشين. هذا المشروع الذي ستصل ميزانيته على مدى خمس سنوات إلى 3 مليارات دولار، بطاقة تصل إلى 900 ميغاواط على مساحة شاسعة تبلغ آلاف الهكتارات.
أما شركة سولونا تكنولوجي ستنجز مشروعا للطاقة الريحية “هارماتان” بمدينة الداخلة، سيسمح للمغرب بتطوير صناعة البلوكشين والمالية، بعدما عملت حوالي ثلاث سنوات على تطوير حقل ريحي بقدرة 900 ميغاوات على مساحة 10 آلاف هكتار في الداخلة كما كشف مديرها التنفيذي في وقت سابق.
كما أعلنت شركة بولونية متخصصة في صناعة معدات مكافحة الحرائق، استعدادها فتح وحدات صناعية في الأقاليم الجنوبية المغربية. فيما عقد رؤساء مقاولات فرنسية، الثلاثاء 26 أكتوبر الماضي بالداخلة، لقاء مع مسؤولين محليين، من أجل استكشاف فرص الاستثمار والشراكة بجهة الداخلة - وادي الذهب.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
سياسة
سياسة
سياسة