عالم
جوليان أسانج.. جاسوس أم مدافع عن الحق في المعلومة؟
06/01/2021 - 14:19
مهدي حبشيجوليان أسانج، واسمه الحقيقي جوليان بول هاوكينس، مهندس معلوميات وصحافي أسترالي ولد عام 1971 بمدينة "تاونسفيل" الأسترالية، عُرف في بادئ الأمر تحت مسمى "منداكس" الوهمي، وذلك منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يجد نفسه مطلوباً للعدالة الأمريكية بتهم تصل عقوباتها لـ175 عاماً سجناً.
إديولوجيا "لاسلطوية"
لا يمكن فهم سيرورة حياة الرجل دون تسليط الضوء على "الإديولوجيا" التي يؤمن بها وتوجه سلوكياته، فهو ينتمي لتيار فكري يطلق على نفسه مسمى "كريبطو-آنارشيزم" أو "اللاسلطوية المشفرة"، وهي مرجعية تستند إلى الفلسفة اللاسلطوية، التي تدعو إلى إقامة مجتمع دون هرمية ولا تراتبية، والقضاء على مفهوم "السلطة" في الحياة العامة. فيما يرى أنصار "اللاسلطوية المشفرة" أن ذلك المطلب من شأنه التحقق عبر النضال المعلوماتي من خلال الحواسيب.
يقول أتباع هذا المذهب إن سلاحهم ضد السلطة هو حماية المعطيات الخاصة للمواطنين من تجسس هذه الأخيرة، عبر تشفير تلك المعطيات، وفي الوقت نفسه فضح الحياة الخاصة لذوي النفوذ والسلطة.
منذ سنوات التسعينيات عرف "منداكس" بكونه أحد أنصار هذا التيار، ورفعت ضده دعاوى قضائية من أجل عمليات قرصنة عدة في كندا والولايات المتحدة الأمريكية، في وقتٍ لم يكن عالم الإنترنت مفهوماً ولا متاحاً للجميع.
تأسيس "ويكيليكس"
في الخامس من أكتوبر عام 2006، سيخطو أسانج خطوة أخرى في سبيل تنزيل أفكاره من السماء إلى الأرض، وسيؤسس موقعاً مُستلهما من الموسوعة الإلكترونية "ويكيبيديا"، يروم أن يكون للوثائق المسربة نفس ما تكون "ويكيبيديا" للمعلومات.
وسيوفر ذلك الموقع، لكل من يرغب في ذلك، رفع ملفات ووثائق سرية دون الخشية من انكشاف هويته، وذلك بفضل التشفير القوي الذي يتمتع به الموقع.
لن تتأخر الضربة الأولى لويكيليكس، ففي شهر غشت من عام 2007، ستسقط تسريبات خطيرة المرشح البارز لرئاسة كينيا، ثم في 2008، وفي عز الأزمة الاقتصادية، ستفضح تسريبات الموقع الغش الضريبي لمجموعة من الأبناك السويسرية والإسلندية الكبرى.
لكن الموقع سيشرع في إزعاج البيت الأبيض، حين سيسرب وثائق دبلوماسية تكشف رأي القيادة الأمريكية في الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، وتميط اللثام عن تحريض المملكة العربية السعودية لأمريكا من أجل التدخل عسكرياً ضد إيران ووقف مشروعها النووي.
عدو الأمن القومي الأمريكي
في بادئ الأمر وجهت له تهم بنهج سبيل الابتزاز، وأنه لا يتحرش بالولايات المتحدة الأمريكية سوى سعياً للتمويل لدى الملياردير الأمريكي "جورج سوروس" المقرب من الحزب الديمقراطي الأمريكي، لكن أسانج ظل يرفض تلك الادعاءات ويكشف عن تمويل "ويكيليكس" أساساً من هبات المتعاطفين.
ستستعر حرب "ويكيليكس" على العم سام اعتباراً من أبريل 2010، حين سيسرب شريط فيديو سري يكشف عن جرائم حرب اقترفها الجيش الأمريكي في العراق؛ الفيديو يعد إلى حدود الساعة الدليل المصور الوحيد على جريمة حرب أمريكية في بلاد الرافدين، بحيث يظهر مروحية "أباتشي" أمريكية وهي تقتل 18 مدنياً بدم بارد.
شهوراً قليلة بعد ذلك، وتحديداً في يوليوز 2010، سينشر الموقع مئات الوثاق عن الحرب الأمريكية في أفغانستان، وفي أكتوبر من العام نفسه سيكشف بالوثائق الملموسة، عن أن الحرب في العراق أسقطت 100 ألف ضحية من المدنيين.
في 2010 ستوجه لأسانج تهم بالاغتصاب، لم يجد بدأً أمامها من الخضوع للقضاء البريطاني، وبالرغم من تبرئته لاحقاً، أدرك أسانج أن تلك التهم تنذر بأن جهات تسعى للانتقام منه، فقرر اللجوء عام 2012 للسفارة الإكوادورية في لندن.
سيختفي أسانج عن الأنظار طيلة 7 سنوات سيقضيها بين ظهراني السفارة الإكوادورية، وما كادت العاصفة التي خلفها في واشنطن تهدأ حتى عاد ليضرب بقوة، ففي 2016 سينزل بكامل ثقله في الانتخابات الأمريكية، عبر نشر رسائل إلكترونية سربت انطلاقا من بريد مدير حملة هيلاري كلنتون، الأمر الذي وجه ضربة موجعة لأحلام المرشحة الديمقراطية في أن تكون أول سيدة تسوس البيت الأبيض.
وجهت لأسانج تهم باستقاء تلك الرسائل الالكترونية من المخابرات العسكرية الروسية، كون روسيا الاتحادية بدورها تتهم بالتدخل في انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية، سعياً لتنصيب دونالد ترامب رئيساً بدلاً من هيلاري كلينتون.
المحاكمة البريطانية التي يخضع لها جاءت بعد رفع الإكوادور لجوءها السياسي عن أسانج تحت ضغوط كبيرة، لاسيما بعدما كشف مجدداً في 2017 عن مخطط لتحويل الهواتف الذكية إلى وسائط للتجسس من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA)، وكيف صار بوسع وكالة الامن القومي الامريكية (NSI) التجسس على من تريد حول العالم بأسره.
مقالات ذات صلة
عالم
تكنولوجيا