رياضة
حكيمي .. الظهير النموذجي
23/06/2021 - 09:30
صلاح الكومريكما هو شأن باقي المغاربة، بكى أشرف حكيمي لخسارة "الأسود" نهائي كأس إفريقيا. أًصابته حرقة الهزيمة رغم حداثة سنه. ورغم عيشه في بيئة بعيدة جغرافيا ومختلفة ثقافيا واجتماعيا عن المغرب، لكن انتماءه الروحي لوطنه وأصوله كان يسري في دمه بالفطرة.
حكيمي، المولود في 4 نونبر 1998 في مدريد، لاعب إنتر ميلان الإيطالي، ليس من أولئك الذين ساوموا الجامعة الملكية المغربية من أجل اللعب للمنتخب المغربي. فحين قرر والده إلحاقه بالفئات الصغرى لريال مدريد، وهو لا يتجاوز السابعة من عمره (سنة 2006)، كان من طموحاته خلافة جيل "وليدات الزاكي"، وأن يكون يوما ما مكان مروان الشماخ وجواد الزايري ويوسف حجي ونور الدين النيبت. وكل من هؤلاء كان قدوة بالنسبة له وهو يلعب في صغار أكاديمية الفريق الملكي.
على غرار كثير من اللاعبين البارزين، لم يولد حكيمي وفي فمه ملعقة من ذهب، بل قاسى الحرمان والعوز في طفولته. فوالده المتحدر من مدينة واد زم، ووالدته المتحدرة من القصر الكبير، هاجرا إلى إسبانيا أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بحثا عن أفق جديد، وناضلا من أجل توفير عيش كريم لأبنائهم الثلاثة، نبيل، الابن البكر، وأشرف، الابن الأوسط، ووداد، آخر العنقود، حتى إن والدته كانت تشتغل منظفة في المنازل، ووالده بائعا متجولا في مدينة خيتافي، جنوب العاصمة مدريد.
يقول حكيمي، الذي تبلغ قيمته السوقية حاليا 50 مليون أورو، متحدثا عن طفولته: "والديّ وصلا إسبانيا عندما كانا في عز الشباب، سنهم كان يناهز العشرين عاما، أمي كانت تعمل منظفة في المنازل، وأبي كان بائعا متجولا، هكذا كانا يعملان من أجل حياة أفضل.. واجهنا الكثير من الصعاب، نأكل لحد ما، لم نكن نطلب من والدينا الكثير، كانا يحاولان شراء أحذية رياضية لي، كانا يقومان بكل ما في استطاعتهما لتوفير احتياجاتي وإخوتي".
خلافا لمجموعة من اللاعبين المغاربة مزدوجي الجنسية، لم يسبق لأشرف حكيمي أن حمل ألوان أي فئة من المنتخبات الإسبانية، فقد كان هدفه واضحا أمامه منذ الطفولة، اللعب تحت الراية المغربية، لهذا لبى الواجب الوطني من أول نداء وجه له، وخاض أول مباراة مع "الأسود" في 11 أكتوبر 2016، أمام المنتخب الكندي، تحت قيادة المدرب الفرنسي هيرفي رونار، مع أنه سبق أن لعب، قبل ذلك، للمنتخب الوطني لأقل من 20 سنة والمنتخب الأولمبي.
أواخر شهر شتنبر من سنة 2017، كان حكيمي على موعد مع أول خطوة له في عالم الكبار، فقبل مباراة ريال مريد أمام ضيفه إسبانيول، في 1 أكتوبر، تلقى اتصالا من الفرنسي زين الدين زيدان، مدرب الفريق، سأله أين أنت، أجاب، مع أصدقائي، قال له: "جهز نفسك، أريدك ضمن التشكيلة الرسمية أمام إسبانيول".
يقول حكيمي عن تلك اللحظة: "لن أنساها أبدا، كنت مع أصدقائي، فتلقيت اتصالا من زيدان قال لي: ماذا تفعل، يجب أن أتحدث معك. أخبرني أن اللاعب كاربخال يعاني إصابة ولا يستطيع اللعب، وأنه يستدعيني للمشاركة مع الفريق في التشكيلة الرسمية أمام اسبانيول. لم أصدق الأمر، كدت أطير من الفرح. اتصلت بوالدي لأخبرهم بهذا المستجد، في تلك الليلة، لم أستطع النوم".
بعد هذه المباراة، اعتبر كثيرون أن زيدان غامر وأشرك أشرف حيكيمي، فرد عليهم المدرب الفرنسي قائلا في تصريح صحفي: "إنه لاعب شجاع، ماذا تحتاج لكي تلعب في المستوى العالي؟ تحتاج أن تكون شجاعا ومجتهدا، وحكيمي يجتهد كثيرا لكي يكون هنا".
توج حكيمي مع ريال مدريد بخمسة ألقاب، كأس السوبر الإسباني، وكأس السوبر الأوروبي، وكأس العالم للأندية، ودوري أبطال أوروبا، وكأس الملك، وفي كل مرة كان يحمل فيها كأس أحد هذه البطولات، كان يظهر متلحفا بالعلم المغربي، تعبيرا منه عن تشبثه بوطنيته وأصوله.
شارك حكيمي مع المنتخب الوطني في نهائيات كأس العالم "مونديال 2018"، كان، وقتها، أصغر لاعب في تاريخ "الأسود" يشارك في هذه التظاهرة، وثالث أًصغر لاعب مشارك في البطولة، ما خول له التتويج بجائزة أحسن لاعب إفريقي شاب للسنة ذاتها، فقد قدم أداء طيبا جعل العديد من الأندية الأوروبية تطلب التعاقد معه، اختار منها فريق "بروسيا دورتموند" الألماني، حيث لعب لموسمين، وتوج معه بلقب الكأس الممتازة، وفي فترة الانتقالات الصيفية الماضية شد الرحل نحو إيطاليا للعب مع إنتر ميلان.
يعتبر أشرف حكيمي، حاليا، واحدا من أفضل 5 أجنحة يمنى في العالم، بل إن كريستيان فييري، اللاعب الدولي الإيطالي السابق، اعتبره، أخيرا، أفضل ظهير أيمن في العالم، وقال عنه: "حين أنظر لانطلاقاته وطريقة اختراقه لدفاعات الخصوم، أتأكد أنه الأفضل".
وهو في الثانية والعشرين من عمره، استطاع حكيمي، عن جدارة واستحقاق، تحقيق حلم الطفولة بأن يكون خليفة مروان الشماخ وجواد الزاييري في تشكيلة "الأسود". وحقق الكثير من الإنجازات، وأمامه طريق طويل وممهد لمواصلة التألق والتحليق في أعلى مستوى، متسلحا بالشجاعة والاجتهاد، فرغم بعض الصعاب التي تواجهه أحيانا، خاصة من الذين يحاولون عرقلة مساره، إلا أنه لا يعير ذلك اهتماما، يحافظ على هدوئه وبرودة أعصابه ويواصل المسير منتصف القامة، مرفوع الهامة.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة