مجتمع
دعوة إلى اعتماد استراتيجية وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر
29/01/2022 - 12:27
وئام فراجأكدت أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن موضوع الاتجار بالبشر يحظى بمكانة خاصة في عمل المجلس الوطني، مشيرة إلى أن المجلس تطرق للإشكاليات التي مازالت تعتري هذا الموضوع في تقريره السنوي لسنة 2020.
صعوبة تكييف الجريمة
وتطرقت بوعياش، في مداخلتها، إلى صعوبة تكييف جريمة الاتجار بالبشر، والتي تطرح إشكالا كبيرا يعيق تحقيق العدالة المنشودة، مبرزة أن هذه الجرائم تستهدف على وجه الخصوص النساء والأطفال واللاجئين والمهاجرين.
وأوضحت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المجلس عمل سنة 2020 على معالجة عدد من الإشكاليات المرتبطة بالموضوع، والتي تم تكييفها على أنها جرائم تتعلق بالاتجار في البشر، بعد تحليلها وتدقيق الأفعال المرتكبة فيها.
ودعت بوعياش، إلى ضرورة توسيع دائرة الانكباب والتقييد وتكييف الجرائم على أساس أنها تتعلق بالاتجار في البشر، نظرا لكونها جرائم غير معترف بها بشكل واضح ويتم تكييفها مع جرائم أخرى، مبرزة أن المجلس قام بالعديد من العمليات في مجال الحماية تتعلق بالنهوض بقانون الاتجار في البشر والتحسيس به.
وأكدت على أن الاتجار بالبشر انتهاك جسيم لكرامة الإنسان، كما يسلب إرادته واختياره وقراره في الحياة، ما يستدعي توسيع مجالات تكييف هذه الجريمة، وحماية كافة النساء والأطفال والمهاجرين واللاجئين ضحايا شبكات الاتجار في البشر.
الإناث الأكثر استهدافا
من جهتها، تطرقت سارة بنتفريت، عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة، إلى إشكالية المفاهيم المندرجة ضمن هذه الجريمة، مشيرة إلى وجود صعوبات في التملك الأمثل لبعض المفاهيم سواء في القانون الوطني أو الدولي، خاصة في المفاهيم المتعلقة بالاستضعاف ومبدأ الموافقة أو الرضا، والاستغلال.
وأوضحت في هذا الإطار، أن القانون الدولي لم يُعرف الاستغلال، بل ذكر وبسط مكوناته فقط، "ونتحدث هنا عن استغلال دعارة الغير وكافة أشكال الاستغلال الجنسي أو السخرة أو الخدمة قصرا أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق أو الاستعباد ونزع الأعضاء".
وأضافت بنتفريت، أن الإشكال المطروح يكمن في كيفية إثبات نية الاستغلال، والذي يعد حدا أدنى من الممارسات المذكورة، مشيرة، في المقابل، إلى أن "القانون المغربي المتعلق بالاتجار في البشر لسنة 2016، تضمن مجموعة من المميزات بغض النظر عن اللبس الذي مازال يخلقه".
وحول الإحصائيات المتعلقة بجريمة الاتجار في البشر، التي تضمنها التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة لسنة 2018، أكدت ممثلة مكتب الأمم المتحدة اكتشاف 5 آلاف حالة من الضحايا الذين تم الإبلاغ عنهم، في منطقة شمال إفريقيا، مشيرة إلى وجود العديد من الضحايا لا يتم الإبلاغ عنهم.
ويتم استغلال 30 في المائة من الضحايا جنسيا، في منطقة شمال إفريقيا، مقابل 30 في المائة في العمل القصري، أما على الصعيد العالي، أوضحت المتحدثة ذاتها، أن 50 في المائة من الضحايا يتم استغلالهم لأغراض جنسية، مقابل استغلال 38 في المائة في العمل القصري، فيما تتوزع باقي النسبة على عدد من الصور الأخرى.
وحسب معطيات المكتب، الإناث هن المستهدفات الأساسيات في هذه الجريمة، إذ تشكلن، على المستوى العالمي 46 في المائة، فيما تمثل الفتيات 19 في المائة من الضحايا، في حين يعد الرجال أكثر استهدافا في منطقة شمال إفريقيا، وذلك ارتباطا بالأساس بالعمل القصري.
وتضاعفت نسبة استغلال الأطفال كذلك 3 مرات في الآونة الأخيرة، كما زادت نسبة استغلال الذكور منهم 5 مرات، وفق معطيات الإحصاء الذي تم ما بين سنتي 2016 و2018.
ثالث أكبر الجرائم من حيث العائدات
بدوره، أوضح رشيد مزيان، رئيس مصلحة قضايا المرأة والطفل بوزارة العدل، أن القانون رقم 27.14 الخاص بمكافحة الاتجار البشر الذي دخل حيز التنفيذ بالمملكة منذ ست سنوات، جاء ليتمم بعض المقتضيات الخاصة بالقانون الجنائي والمسطرة الجنائية، مؤكدا أن المشرع المغربي حاول من خلاله الالتزام بالاتفاقيات الدولية.
وأضاف أن هذا القانون عزز الترسانة التشريعية عبر تقديم تعريف خاص لهذه الجريمة يتماشى والمعايير الدولية، كما وصف الاتجار بالبشر بالجناية ووضع لها ظروف التشديد.
وتعد هذه الجريمة، وفق مزيان، من بين ثالث أكبر الجرائم من حيث عائداتها بعد تجارة السلاح وتجارة المخدرات، ما جعل المشرع المغربي يؤكد على إلزامية مصادرة الأدوات المستعملة فيها وعائداتها.
وفي ما يتعلق بالإحصائيات الوطنية الخاصة بهذه الجريمة، أكد مزيان عدم وجود قاعدة بيانات وطنية متعلقة بجريمة الاتجار في البشر إلى حدود اليوم، موضحا أن الإشكال المطروح في موضوع الإحصائيات يكمن في طريقة "تكييف" الجريمة، "إذ تكيفها كل مصلحة حسب عملها، ما يخلق أحيانا تضاربا بين تكييف الشرطة لهذه الجريمة وتكييف النيابة العامة لها".
ضعف ثقافة التبليغ
من جهتها، تطرقت خديجة تبان، عضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، إلى مجموعة من الإكراهات التي تعتري هذا الموضوع؛ على رأسها صعوبة تعريف الجريمة والصور والعناصر المكونة لها، فضلا عن صعوبة التكييف والكشف عن ضحايا الاتجار في البشر، مشيرة إلى أن بعض الضحايا يرفضون التعاون مع السلطات إما جهلا أو خوفا.
وانتقدت استمرار غياب أو ضعف ثقافة التبليغ، إضافة إلى عدم وضوح مسار التكفل بالضحية، وتسجيل نقص في التكوين الخاص بهذه الجريمة.
ودعت تبان، في هذا الإطار، إلى إعداد واعتماد استراتيجية أو خطة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، مشددة على ضرورة توفر رؤية واضحة لمساندة ودعم الضحايا، وآليات فعالة في مجال التعاون القضائي الدولي.
كما شددت على أهمية رفع وتيرة التحسيس والتواصل لزيادة الوعي بخطورة الجريمة وتبعاتها القانونية والتفكير في إحداث مراكز متخصصة في إيواء والتكفل بالضحايا، نظرا للخلط المسجل بين ضحايا العنف العادي والاتجار بالبشر، إضافة إلى إحداث آلية وطنية لحماية الضحايا وإعادة إدماجهم في المجتمع.
مقالات ذات صلة
سياسة
مجتمع
عالم
رياضة