سياسة
في ذكرى وفاته.. جلالة محمد الخامس الملك المحرر
23/04/2021 - 16:17
موسى متروفتحل اليوم، العاشر من رمضان 1442 هـ، ذكرى وفاة المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، ومعها يستحضر المغاربة تضحياته الجسام من أجل استرجاع المملكة لاستقلالها، التي وصلت حد قبوله النفي مع أسرته الكريمة إلى كورسيكا، ثم بعيدا إلى مدغشقر، بدل فك الارتباط مع الحركة الوطنية.
في مثل هذا اليوم العاشر من رمضان 1380 هجرية، الموافق لـ26 فبراير 1961، التحق الملك المحبوب بالرفيق الأعلى. وهي الوفاة التي كانت صدمة كبيرة للشعب المغربي قاطبة، وخصوصا أن جلالة الملك الراحل صار "أيقونة" ورمزا للاستقلال والتحرر. ولم تمض على شروعه، إلى جانب ولي عهده مولاي الحسن، آنذاك، في بناء دولة الاستقلال، الذي لم يمر عليه إلا سنوات معدودات، لا تتعدى أصابع اليد…
رمزية رمضان
الراحل لم يكن محبوبا فقط من رعاياه المسلمين، الذين رفعوه إلى درجة "التقديس"، ليس فقط لأنه سبط الرسول الأكرم، بل أيضا لمواقفه المعلنة في خطاب طنجة، ليضع البلاد في سياقها العربي الإسلامي، بل بدا من خطابه أن الاستقلال مصير محتوم.
توفي المغفور له محمد الخامس في رمضان، في الشهر الكريم، وهو "ملك مسلم صحيح الإسلام، مؤمن متين الإيمان، سلفي العقيدة والتعبد، قديم في دينه، جديد في دنياه، مجدد مصلح في الدين والدنيا، واسع الاطلاع على أحوال زمنه، يقظان العقل في أسرار السياسة المحيطة به، شجاع الرأي في الجدل المحتدم فيها.."، كما وصفه العلامة الجزائري محمد البشير الإبراهيمي.
خمس حقب
ينقسم تاريخ جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، حسب روبير صراف في كتابه "محمد الخامس واليهود المغاربة"، إلى خمس حقب؛ حقبة الطفولة وتتراوح بين 1910 سنة الولادة إلى سنة 1927، تاريخ اعتلائه العرش، ثم حقبة ولوج عالم السياسة، والتدرب على استعمال أدواتها تحت مظلة الإقامة العامة، وهي حقبة انتهت سنة 1939 مع بداية الحرب العالمية الثانية، ثم الحقبة الثالثة وهي فترة الحرب (1939-1943)، والتي أخذ محمد الخامس خلالها حجمه الدولي. ثم بعدها الحقبة الرابعة، فترة النضال من أجل استرجاع الاستقلال، والتي انتهت سنة 1955، وتأتي الحقبة الخامسة والأخيرة، وهي التي تنتهي بوفاته بعد أن أسس القواعد الأولى لبناء المغرب الحديث.
"من واجبي أن أحميهم"
يحكي صراف أن الملك الشاب كان لا يملك، بعد، تجربة سياسية، متمكنة، حين أعلنت فرنسا الحرب على ألمانيا في 1939، ومع ذلك، فإنه أعطي الدليل على امتلاكه لحدس سياسي متطور، وعلى تعلقه المتين بمتطلبات تفرضها الواجبات الأخلاقية؛ فقد أمر بالدعاء بالنصر لفرنسا ضمن الخطب في الجوامع. ولم يكن هناك أي شيء ليزحزحه عن مسايرة هذا الحدس خاصة بعد احتلال فرنسا سنة 1940، كما أنه لا شيء كان يلزمه بالمبادرة إلى الدفاع عن اليهود بعد ذلك بأشهر قليلة. فقد اجتمع ثقته بالنفس، ويقول للجنرال نوغيس الذي طلب منه تطبيق قوانين فيشي: "إن اليهود المغاربة جزء من رعاياي، ومن واجبي أن أحميهم ضد أي اعتداء".
يقول الصراف:"كان لهذا الرد السريع الوقع النافذ في قلوب اليهود المغاربة، والذين احتفظوا بحب له يقرب من العبادة، توارثوه جيلا بعد جيل في المغرب وفي العالم أجمع!".
لقاء الوطنيين
تذكر المراجع المتعددة أن أول لقاء بين الوطنيين والسلطان سيدي محمد بن يوسف حدث سنة 1934، مما أدى إلى غضب الإقامة العامة التي باشرت في إلقاء القبض على مجموعة من الوطنيين، على رأسهم علال الفاسي، حيث التقى هذا الأخير بالسلطان قبل إلقاء القبض عليه، فوعده جلالته بأن لا يفرط في حقوق المغاربة. وبقي هذا الوعد في عقل الآلاف من المواطنين الذين خرجوا في مظاهرات حاشدة في ماي 1934، وهنا أول مرة هتف له الشعب باسم "الملك" بدلا من "السلطان". فهذا أذكى شعور جلالته بالمسؤولية الوطنية التي يحملها، والتي انتهت في الأخير إلى التحالف مع الحركة الوطنية، وتقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، ثم التوتر الذي أدى إلى مقاطعة توقيع الظهائر من طرف جلالة السلطان، ما عجل بنفيه وما أجج المقاومة المسلحة التي فرضت على السلطات الفرنسية إعادة الملك الشرعي إلى عرشه...
مقالات ذات صلة
رياضة
سياسة
سياسة