إفريقيا
كارلوس لوبيز: إفريقيا هي مستقبل العالم
28/04/2021 - 10:48
مصطفى أزوكاحراكم كارلوس لوبيز تجربة كبيرة في التعاطي مع القضايا الإفريقية. فقد كان يدير اللجنة الاقتصادية لإفريقيا التابعة للأمم المتحدة، ويعمل اليوم أستاذا بجامعة كاب تاون بجنوب إفريقيا، ومعهد العلوم السياسية بباريس والمعهد الملكي للشؤون الدولية بلندن.
يتحدر كارلوس لوبيز من غينيا بيساو، عاش جميع التحولات التي عرفها بلده وإفريقيا. لم تلهه انشغالاته، كمؤرخ واقتصادي ذي حضور دولي، عن الغوص في تفاصيل الأوضاع التي تعيشها القارة السمراء، حيث ترسخ لديه إيمان لا يلين بأن إفريقيا يجب أن تنحو نحو تكريس استقلالها الفكري.
يتصور أن ذلك سيتيح للقارة بلورة أجوبة سديدة للتحديات التي تواجهها، خاصة أنه يراهن على توجه إفريقيا نحو بلورة عقد اجتماعي للقرن الواحد والعشرين، يقوم على نوع من التضامن بين الأجيال، معتبرا في الوقت نفسه أن النموذج التنموي الغربي الذي صاغه الغرب منذ الثورة الصناعية، زج بالعالم في طريق مسدود، ما يفرض على القارة السمراء إبداع نموذج يستخلص الدروس من هفوات النموذج الغربي.
يؤكد على أن الغرب ووسائل الإعلام الغربية تنتج خطابا يعكس نظرة تعود للماضي حول إفريقيا، حيث تختزل في كونها مصدر المواد الأولية، وأرض الفرص غير المستغلة، ومرتع الصعوبات. إنها في تصوره كليشهات، تغذيها حتى المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي تأتي بإحصائيات مجتزأة من أجل فرض شروط على بلدان القارة، وسياسات لم تؤت النتائج التي وعدت بها بلدان القارة، التي اضطرت في الثمانينات من القرض الماضي للامتثال لسياسات بوحي من تلك المؤسسات، كما لو كان الأمر يتعلق بتلميذ نجيب لم تعكس نتائجه ذلك الحرص الذي يبديه.
ويسجل أن صندوق النقد الدولي فقد البوصلة، منذ الأزمة المالية التي عرفها العالم، قبل اثني عشرة عاما، ملاحظا أنه يسعى إلى الانفتاح وإبداء نوع من المرونة التي يبتعد عبرها عن تلك المشروطية الصارمة التي تميزه، مشددا على أن البلدان يمكنها أن تحصل على ما تريد إذا كانت لها قدرة على التفاوض، مثل مصر والمغرب ورواندا ونامبيا وساحل العاج والسينغال وكينينا، بل إن هناك نزوعا نحو إحداث نوع من التحول في العلاقات مع صندوق النقد الدولي، كما يفعل وزير مالية غانا الذي ينتقد شروط تلك المؤسسة.
يذهب إلى أن النموذج الاقتصادي الذي تعرفه القارة لم ينفصل عن النموذج الكولونيالي، حيث أن 35 بلدا، تمثل المواد الأولية 80 في المائة من صادراتها. علما أن القارة تتوفر على العديد من المعادن الاستراتيجية، مثل الكوبالت أو مواد أولية مثل الكاكاو، التي تصدر دون تحويل، والحال أنه يمكن اللجوء في مستوى أول إلى تحويل الكاو إلى بات، آنذاك يمكن للبلدان المصدرة الحصول على مخزون والتفاوض مع الشركات التي تصنع الشوكولاطة.
وبعد أن يشير عند تناول القطاع الزراعي إلى كون 60 في المائة من الأراضي غير مستغلة، واقتصار السقي على 9 في المائة من الأراضي، وضياع 30 في المائة من الإنتاج، والصعوبات التي تعترض تمويل الفلاحين الصغار، يشدد على ضرورة تغيير مقاربة القطاع الزراعي، بالكف عن النظر إليه باعتباره قطاعات اجتماعيا يروم محاربة الفقر والجفاف، مؤكدا على التعاطي معها كقطاع اقتصادي، خاصة عبر إدخال التصنيع فيه، داعيا إلى التخلص من الفكرة التي تقوم على التعارض الصناعة والفلاحة. فهو يؤكد على أن التصنيع يبدأ من التحويل الزراعي.
ويتصور عند الحديث عن التصنيع على ضرورة السعى نحو خلق طبقة مقاولاتية محلية، يمكنها أن تحل محل المستثمرين الأجانب، في الوقت نفسه، والمراهنة على غرار مع تبنته بلدان مثل جزر موريس على التدرج، حيث بدأت بتحويل السكر، قبل أن تنتقل للنسيج، التكنولوجيات الدقيقة بقيمة مضافة أكبر.
ويرى أن الاقتصاديين يعتبرون أن الطريقة الوحيدة من أجل التصنيع، هي تقليد من يوجد أمامنا، لكن دون النسج على منواله، حيث يمكن للبلدان الإفريقية نحو المراهنة على الإنتاج بطريقة إيكولوجية، عبر استعمال الطاقات المتجددة، وتخليص الإنتاج من الكربون. هذا التوجه يمكن يميز القارة، خاصة إذا اهتدت بحكامة تحسن استثمار الموارد، خاصة بعد الأزمة الصحية.
لا يمكن للعالم أن يغفل الدور المستقبلي للقارة السمراء في تصور لوبيز، الذي يعتبر أن أوروبا مدعوة لإعادة النظر في مقاربتها للهجرة مثلا، خاصة في علاقتها بقارة ذات بنية ديمغراقيا شابة. هو يرى أن الشيخوخة تزحف على أوروبا، ويتساءل حول ما إذا كانت ستستعيض عن الشباب بالروبوتات، إذا ما أغلقت حدودها دون المهاجرين.
مقالات ذات صلة
إفريقيا
إفريقيا
إفريقيا