اقتصاد
"لائحة سوداء" لفضح "تجار" الفواتير الوهمية
01/12/2020 - 10:12
مصطفى أزوكاحلوح وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة محمد بنشعبون بالتوجه في العام المقبل، نحو تشديد المراقبة على الفواتير الوهمية، التي يرى أنها تكلف الدولة ملايير الدراهم، وهي ممارسة سبق التنديد بها في العديد من المناسبات وأثيرت في سياق المناظرة للضريبة التي عقدت في العام الماضي بمدينة الصخيرات.
ثقب في خزينة الدولة
نبه بنشعبون، في لقائه الأخير مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، إلى خطورة التعامل بالفواتير الصورية، التي تفوت على الدولة الملايير من الدراهم، خاصة في ما يتصل بالضريبة على القيمة المضافة، التي وفت الدولة بمتأخرات خاصة تجاه المقاولات الخاصة تصل إلى 40 مليار درهم، بينما يرتقب أن تفي بمتأخرات متبقية في حدود 17 مليار درهم.
ولم تغب مسألة الغش الجبائي عن النقاش الذي انخرط فيه والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، مع لجنة المالية بمجلس النواب، في الأسبوع الماضي، حيث اعتبر أن الغش الجبائي وصل إلى مستويات كبيرة، داعيا إلى إصلاح نظام الحوكمة وربط المسؤولية بالمحاسبة، والتركيز على جودة الموارد البشرية.
ويجمع العديد من المراقبين على أن هناك فاعلون يعمدون إلى إحداث شركات، يكون نشاطها الأساسي بيع فواتير مقابل عمولات، حيث أن مشتري تلك الفواتير يسعون إلى خفض التحملات أو الاستفادة من الخصم ذي الصلة بالضريبة على الشركات أو الضريبة على القيمة المضافة.
وكانت المديرية العامة للضرائب، ذهبت، في سياق الإعداد للمناظرة الوطنية للجبائية التي نظمت في العام الماضي بالصخيرات، إلى أن من بين الشركات التي لا تضع تصريحات جبائية مع توفرها على رقم جبائى، هناك 47 ألف شركة تصدر فواتير بقيمة 53 مليار درهم في عام 2017.
وذهبت المديرية إلى أن بعض تلك الفواتير تهم عمليات حقيقية، بينما تشير أخرى إلى فواتير صورية تباع لشركات تمارس الغش من أجل الزيادة في التكاليف التي تتحملها، معتبرة أن الخسائر بالنسبة لموارد الدولة ذات الصلة بتلك الشركات تلك تبلغ 12 مليار درهم برسم الضريبة على الشركات والضريبة على القيمة المضافة والضريبة على الدخل.
لائحة سوداء
ستشرع الإدارة الجبائية اعتبارا من العام المقبل، في نشر لائحة للموردين الذين ثبت في حقهم التعامل بفواتير صورية، حيث يرى الخبير المحاسبي المهدي فقير أن تلك "اللائحة السوداء" ستكون طريقة لفضح من يتعاطون لتلك الممارسة التي لا يجيزها القانون.
ويؤكد مشروع قانون المالية على أنه "يجب أن تكون عمليات شراء السلع والخدمات التي يقوم بها الخاصة للضريبة لدى بائع خاضع للرسم المهني منجزة فعليا ومثبتة بفاتورة قانونية لها قوة الإثبات تحر في اسم المعني بالأمر".
ويضيف أنه عندما تعاين الإدارة أنه تم تحرير فاتورة من قبل أو باسم مورد مخل بالالتزامات المتعلقة بالإقرار والأداء المنصوص عليها في مدونة الضرائب، وعدم وجود نشاط فعلي، فإن الخصم المطابق لهذه الفاتورة لا يتم قبوله.
ويشير المشروع إلى أنه "تضع إدارة الضرائب رهن إشارة الخاضعين للضريبة على موقعها الإلكتروني قائمة لأرقام التعريف الضريبي للموردين المخلين، تعدها وتحينها بصورة منتظمة بعد إصدار حكم قضائى اكتسب قوة الشىء المقضي به تبعا للمسطرة الجنائية على المخالفات الضريبية".
ويذهب سعد بلفقير، الخبير المحاسبي، إلى أن الفواتير الصورية ممارسة شائعة منذ سنوات غير أنه يتصور أن الصيغة التي جاءت في قانون المالية، ستحمل الملزم تبعات سلوك يأتي أحد الموردين، الذي يتعاطى يلجأ إلى الفواتير الصورية في معاملاته.
ويؤكد على أنه كان يفترض عند الوقوف على تلك الممارسة التدليسية في المرة الأولى تنبيه المتعامل مع المورد التي يعمد إليها، على اعتبار أنه لا يمكنه فحص ما إذا كانت الفاتورة صحيحة، مشيرا إلى أن محاصرة تلك الفواتير يستدعى تعبئة العديد من المراقبين على مستوى.
ومن جهته، يذهب الخبير المحاسبي، المهدي فقير أنه ينتظر أن يتم بعد المصادقة النهائية على مشروع قانون المالية الذي يتضمن ذلك المقتضى، أن تتواصل الإدارة العامة للضرائب أكثر حوله، من أجل توضيح جميع جوانبه.
عقوبات رادعة
يجري التشديد على تطبيق عقوبات جنائية في حال تسهيل التهرب الضريبي أو الحصول على خصم على الضريبة أو تحصيل مبالغ غير مستحقة، كما ستطبق تلك العقوبات على الفواتير الصورية.
وتؤكد المادة 146 من مدونة الضرائب إلى أنه "يجب أن تكون عمليات شراء السلع والخدمات التي يقوم بها الخاص للضريبة لدى بائع خاضع للرسم المهني منجزة فعليا ومثبتة بفاتورة قانونية لها قوة الإثبات تحرر في اسم المعني بالأمر".
وتشير المادة 192 من مدونة الضرائب إلى أنه "بصرف النظر عن الجزاءات الضريبية المنصوص عليها في المدونة يتعرض لغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم كل شخص ثبت في حقه قصد الإفلات من إخضاعه للضريبة أو التملص من دفعها أو الحصول على خصم منها أو استرجاع يغر حق استعمال الوسائل التالية: تسليم أو تقديم فاتورات صورية، تقديم تقييدات محاسبية مزيفة، بيع بدون فاتورات بصفة متكررة، إخفاء أو إتلاف وثائق المحاسبة المطلوبة قانونيا، اختلاس مجموع أو بعض أصول الشركة أو الزيادة بصورة تدليسية في خصومها قصد افتعال إعسارها".
وتضيف المادة أنه "في حالة العود إلى المخالفة قبل مضي خمس سنوات على الحكم بالغرامة المذكورة، الذي اكتسب قوة الشيء المقضي به، يعاقب مرتكب المخالفة، بزيادة على الغرامة، بالحبس من شهر واحد إلي ثلاثة أشهر".