رياضة
لقجع.. "الليبيرو"
14/03/2021 - 23:55
يونس الخراشيبدأ كل شيء من مدينة بركان، حيث ولد فوزي لقجع، سنة 1970، لأب معلم (مدرسة المسيرة) من قرية تزاغين زكزل، وأم ربة بيت من قرية تافوغالت. فكان مواظبا في تعليمه، عاشقا لكرة القدم، ولكن ليس إلى الحد الذي يجعله ينتمي إلى فريق ما، فيترك مساره الدراسي جانبا، حتى وهو يلعب لصغار النهضة.
في وقت لاحق، ولأن الخال والد، كما يقال، سيمضي الطالب فوزي لقجع على أثر خاله عمر لهبيل، المسؤول سابقا عن شركة "سوجيطا"، ليحصل على دبلوم مهندس زراعي من معهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة. كما سيحصل على دبلوم من "ESCAE"، سيؤهله، لاحقا، ليصبح مسؤولا كبيرا في وزارة المالية؛ مديرا للميزانية، بعد أن قضى سنوات مسؤولا في وزارة الفلاحة عن صندوق المقاصة.
ورغم تفوقه في المسار الدراسي، ثم نجاحه الوظيفي، إلا أن لقجع لم يزد صلته باللعبة الأكثر شعبية إلا توطيدا. فمن ناحية سيجده مسيرو نهضة بركان معهم، باستمرار، مشجعا، ومؤيدا، ومساعدا. كما أن حبه للمولودية الوجدية، التي كان يرأسها الناجم لهبيل، قريب أمه، سيجعله معها، ومدافعا عنها كلما كانت بحاجة إلى ذلك.
يقول لحسن مرزاق، رئيس فضاء المولدية للثقافة والرياضة، وصديق لقجع: "كلا، لم يمارس الكرة بالمعنى المتعارف عليه، وهو الانتماء، ثم المرور بالفئات السنية، وهكذا. ولكنه ظل يعشق النهضة البركانية، ويشجعها، ويساعدها. وكذلك الشأن مع المولودية الوجدية، التي عشقها، وشجعها في بداياته".
كان مفترضا أن يدخل فوزي لقجع إلى الجامعة الملكية لكرة القدم عضوا في لجنة الهواة، باسم فريقه نهضة بركان، على عهد الرئيس علي الفاسي الفهري، غير أن رفضه للمنصب أجل ذلك الدخول. وفي سنة 2013، سيصبح هو الرئيس الجديد للمؤسسة المدبرة لشؤون الكرة في المغرب، ليبدأ مسارا جديدا في حياته سينهل فيه من تجاربه السابقة والموازية.
هناك شبه إجماع بأن كرة القدم المغربية شهدت، على عهد لقجع، قفزة نوعية، سواء تعلق الأمر بتدبيرها، أو بمأسستها، أو بتعزيز بنياتها التحتية. ولئن كان للفاسي الفهري فضل في بدء العمل على مشاريع سنها سلفه حسني بنسليمان، دون أن يتمكن من وضعها على الأرض، فإن لقجع فضل الاشتغال على تلك المشاريع بوتيرة أسرع وأنجع.
"هو رجل التفاصيل بامتياز"، يقول مصطفى برجال، أحد أصدقاء النهضة، من مدينة بركان، ثم يواصل:"هذا الرجل يعشق عمله بقوة وشغف. ومن يعرفونه في الرباط يؤكدون لك ذلك. تجده في مكتبه بوزارة المالية حتى وقت متأخر، ومنه يلتحق مباشرة بمكتبه بمركب محمد السادس ليواصل متابعة شؤون المستديرة، ولا ينتهي الأمر عند ذلك الحد، بل يواصل متابعته لكل صغيرة وكبيرة لها علاقة بكرة القدم. ولا ينسى أسرته (مرضي الوالدين)، ولا العمل الاجتماعي الذي يفضل أن يكون في سرية تامة وبعيدا عن الأضواء".
نتائج المنتخب الوطني الأول لكرة القدم ساعدت، بدورها، في تسريع وتيرة العمل على عهد لقجع في رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. فالعودة للتنافس في كأس إفريقيا للأمم، حتى مع الإخفاق في الفوز باللقب، والتأهل إلى المونديال، بعد التغيب عنه لفترة عشرين سنة، ساهما كثيرا في تجديد الثقة في الرجل، كي يواصل عمله.
يشتغل لقجع كثيرا في الكواليس. ويستقبل ضيوفه في مكتبه بوزارة المالية أكثر مما يفعل في مكتبه بجامعة الكرة. فليس هناك وقت فائض ليضيع في التنقل بين المكتبين. وحين يحدث أن يحضر هناك، فمن أجل متابعة مشروع معين، حتى يشعر من يشتغلون عليه بأنه معهم، ويمكنهم الاستعانة به إذا تطلب الأمر ذلك.
بقصة شعره التي تجعله أقرب إلى "رجل عسكري"، ونظارتيه اللتين تعطيان الانطباع بأنه "رجل مختبرات"، يعتمد فوزي لقجع على جسده الأقرب إلى "رياضي"، بكرش صغيرة، تنم عن مكوث غير قصير في المكاتب، ليحضر، وبسرعة، في الملتقيات. يتحدث العربية والفرنسية بطلاقة، ويستعمل في الغالب عبارات دبلوماسية، وفي بعض الأحيان عبارات "قاصحة"، كي يوصل المعنى المراد ووصوله إلى البعض.
بعد نهاية "شان 2020" بالكاميرون، حيث توج المنتخب الوطني بلقب الدورة، قال لقجع، في تصريح صحفي: "من حسن حظنا أن جلالة الملك محمد السادس هيأ لنا كل الظروف المواتية كي نشتغل بفخر في القارة الإفريقية، وما علينا سوى المضي في هذا الطريق، لتطوير الذات والآخرين". وهو ما سيؤكده عقب حصوله، يوم 12 مارس 2021، بالرباط، على العضوية في مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، إذ قال إن انتخابه "أمر تستحقه المملكة وكرة القدم المغربية"، وزاد موضحا "أن تموقع المغرب على الصعيد الإفريقي جاء بفضل الإستراتيجية الاستباقية الحكيمة التي نهجتها المملكة بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس منذ سنوات".
لقجع، الذي كان عين سنة 2019 بالقاهرة نائبا ثانيا لرئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، الملغاشي أحمد أحمد، بعدما كان يشغل منصب النائب الثالث، فضلا عن منصب رئيس لجنة المالية ونائب رئيس لجنة الأندية بالكونفدرالية الإفريقية للعبة، والعضوية بلجنة الحكامة بالاتحاد الدولي لكرة القدم، يعي جيدا أن عملا كبيرا جدا ينتظره في المستقبل.
فمن ناحية، تحتاج الكرة المغربية أكثر من أي وقت مضى إلى المزيد من الدعم كي تواصل تطورها محليا، وتجذر مكانتها قاريا. ومن ناحية ثانية، تحتاج الكرة الإفريقية إلى الدعم، بدورها، كي تطوي السنوات العجاف الطويلة التي مرت بها، وتنهض. ومن ناحية أخرى، سيكون المغرب وإفريقيا معا بحاجة إلى حضور لقجع في الاتحاد الدولي لكرة القدم لوضع ملف المونديال، الخاص بدورة 2030، في سكته الصحيحة.
إن كان من شيء يعاب على لقجع، فهو طموحه الزائد عن اللزوم. فلمرات غير محسوبة تعهد بأشياء أكبر من الواقع الذي يشتغل فيه، ثم وجد نفسه بحاجة إلى الوقت كي ينسى ما سبق له أن قاله، وتعهد به. فلا شيء ينضج فجأة، أو فقط لأننا نريد ذلك. فالزرع يحتاج صبرا ووقتا، وبخاصة إلى تربة ومحيط جيد. وهكذا هي المشاريع المرتبطة بتطوير الكرة المغربية، بكل فئاتها، وأنواعها، وخاصة بمؤسساتها.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة