سياسة
مفاوضات الاستقلال .. المقاومة السياسية
18/11/2021 - 13:15
SNRTnewsنال المغرب استقلاله سنة 1956، بعد كفاح تعددت أشكاله في مواجهة الوجود الاستعماري المفروض منذ 30 مارس سنة 1912، وإلى جانب المقامة المسلحة اتخذ النضال في سبيل الاستقلال طابعا سياسيا.
وثيقة المطالبة بالاستقلال.. أصل البداية
من أبرز تجليات هذا الكفاح وضع وثيقة المطالبة بالاستقلال باتفاق مع جلالة الملك محمد الخامس الذي عرف مضمونها من لدن قادة حزب الاستقلال، قبل أن تقدم لممثل السلطات الاستعمارية في 11 يناير 1944.
شكل تلاحم السلطان محمد بن يوسف وشعبه، والمتمثل في مساندته للمطالبة بالاستقلال وتعاونه مع الحركة الوطنية، وخطابه التاريخي بطنجة الذي طالب فيه بالاستقلال، من أبرز مظاهر المقاومة التي جعلت القوة الاستعمارية تتحرك ضده وتنفيه رفقة العائلة الملكية إلى كورسيكا سنة 1953 ومنها إلى مدغشقر سنة 1954.
خلف هذا القرار انتفاضة الشعب المغربي في وجه الاحتلال، وظهرت بوادر العمل المسلح والمقاومة والفداء وتشكلت الخلايا الفدائية والتنظيمات السرية وانطلقت العمليات البطولية لضرب الاستعمار ومصالحه.
لم تهدأ المقاومة إلا بتحقيق أمل الأمة المغربية في عودة جلالة المغفور له محمد الخامس إلى أرض الوطن، يوم 16 نونبر 1955، حاملا معه لواء الحرية لمواصلة ملحمة تحقيق الوحدة الترابية.
المنفى.. مفاوضات سياسية أم مقاومة مسلحة؟
كشف عبد العزيز الطاهري، أستاذ التاريخ المعاصر بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، في كتابه "الذاكرة والتاريخ، المغرب خلال الفترة الاستعمارية 1912 – 1956"، أن الزعيم السياسي علال الفاسي رفض المفاوضات السياسية مع الفرنسيين، ووجه إثر نفي السلطان نداء، من القاهرة التي كان مستقرا بها آنذاك، دعا فيه المغاربة إلى المقاومة المسلحة، وعبر فيه عن مواقفه السياسية مما يجري في المغرب، فقد كان يراهن على الدعم العربي والإسلامي وتكثيف التسلح واستمرار المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الفرنسية، والتحرك في الأمم المتحدة لإحكام عزلة فرنسا.
ووفق الطاهري، فقد رفضت حركة المقاومة وجيش التحرير المفاوضات، حسب أحد قادتها الغالي العراقي، ويضيف أن المفاوضات تعتبر، بالنسبة للأغلبية الساحقة من المقاومين، خروجا عن المصداقية ومسألة غير واردة عندهم.
وفي المقابل، أفاد المصدر ذاته أنه يستخلص مما كتبه رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدغار فور، أن عبد الرحيم بوعبيد يعتبر من السياسيين الذين رفضوا نهج المقاومة المسلحة.
ودافع بوعبيد في مذكراته عن مسار المفاوضات السياسية، معتبرا أن هدف الجميع، سياسيين ومقاومين، كان هو عودة السلطان واستقلال البلاد، واعتبر أن المفاوضين باسم حزب الاستقلال كانوا يرفضون صيغة الاستقلال التدريجي أو الحكم الذاتي أو الاستقلال داخل الترابط، وإنما كانوا يتفاوضون على إلغاء معاهدة الحماية وإعلان الاستقلال الوطني.
وأكد السياسي ذاته في عرض ألقاه أن عودة ابن يوسف تعتبر شرطا مبدئيا لإعادة الثقة إلى العلاقات المغربية الفرنسية، وأن أية صيغة انتقالية ينبغي أن تقود إلى إعادة تنصيب الملك الشرعي.
بعد العودة من المنفى
بعد عودة جلالة المغفور له محمد الخامس، من المنفى واصل المغرب ملحمة استعادة جميع ترابه من المستعمر، وأفاد امحمد بوستة، الذي شغل منصب مدير ديوان أحمد بلافريج أول وزير خارجية في المغرب المستقل ابتداء من 26 أبريل 1956، تفاصيل المرحلة الطويلة التي سبقت الجلاء التام للقوات الفرنسية من المغرب.
وأورد بوستة، في أحد حواراته أن قضية الجلاء هاته كانت من أصعب النقاط المطروحة على جدول أعمال للمفاوضات المتواصلة بين المغرب وفرنسا، بعد الاستقلال، وقال: "لم نتوقف عن المطالبة بجلاء القوات الفرنسية منذ 1956، فضلا عن المظاهرات والاحتجاجات المتواصلة على استمرار الوجود العسكري الفرنسي في المغرب".
ووفق بوستة، فقد أعطى الفرنسيون خلال المفاوضات، أهمية بالغة لمصير الأراضي الفلاحية التي كان يملكها المعمرون الفرنسيون، استمرت حتى بعد الحصول على الاستقلال، وقال: "كانوا يطالبون بتعويض المعمرين عن هذه الأراضي مقابل استرجاعها منهم، بقي المشكل معلقا على مدى سنوات، في ما أذكر، إلى أن بدأ يحل نسبيا من خلال الاتفاق على تعويض المعمرين عن الأراضي الفلاحية المسترجعة في تلك الفترة".
إعلان الاستقلال
وفي سنة 1956، أعلن جلالة المغفور له محمد الخامس، وبجانبه رفيقه في الكفاح جلالة المغفور له الحسن الثاني انتهاء الاحتلال وبزوغ عهد الحرية والاستقلال.
وواصل جلالة المغفور له الحسن الثاني، الذي خلف محرر الأمة، مسار بناء البلاد واستكمال الوحدة الترابية للمملكة، باستعادة الأقاليم الجنوبية بفضل المسيرة الخضراء المظفرة.
ويتواصل اليوم، في عهد صاحب الجلالة الملك محمد السادس، ورش تحديث المغرب، وفي مقدمته الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة، ودمقرطة البلاد، وتحقيق تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية تضمن لكل مواطن العيش الكريم، وترقى بالمملكة إلى مصاف البلدان التي تجعل العنصر البشري محور سياستها الاقتصادية والاجتماعية.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة