اقتصاد
هذه شروط صبغ الاقتصاد المغربي باللون الأخضر
29/05/2021 - 12:45
SNRTnewsيُعَرَّف "الاقتصاد الأخضر" بكونه نشاطاً اقتصادياً يراعي السلامة الصحية للإنسان، ويخفض على نحو كبير المخاطر البيئية التي ينطوي عليها الإنتاج والاستهلاك الاقتصاديان، بما في ذلك خطر الاحتباس الحراري واستنزاف الثروات الجوفية...
ويبقى العنصر الأهم لأجل بلوغ هذا النمط الاقتصادي، الخاضع لمعايير التنمية المستدامة، خفض منسوب انبعاثات الغازات الدفيئة في الجو، وفي طليعتها غاز ثنائي أكسيد الكربون، متبوعاً بالميثان أساساً، واللذين ينبعثان من إنتاج واستهلاك الطاقات الأحفورية (الفحم والنفط والغاز الطبيعي).
إلا أن تساؤلات تطرح حول إمكانية الوصول إلى "اقتصاد أخضر"، مع الحفاظ على تنافسية الاقتصاد، واستمرار تطور نمط العيش الإنساني على النحو التصاعدي نفسه... فهل يقدر المغرب على ضمان هذا التوازن؟
كيف نحصل على اقتصاد أخضر؟
لأجل بلوغ هذه الغاية، لن يكون كافياً اتخاذ إجراء واحد أو حتى مجموعة من الإجراءات، يؤكد الأخصائي المغربي في تطوير المشاريع الطاقية بباريس، عدنان بلحسن، الذي شدد في تصريح لـ"SNRTnews" على أنه "ينبغي خلق منظومة متكاملة، في قلبها إجراءات جد متنوعة".
ويرى بلحسن أن حجر الزاوية في هذا المشروع، هو المُضي قدماً في تشجيع إنتاج الطاقة انطلاقا من مصادر متجددة، كالريحية والشمسية... مع التركيز على هذه الأخيرة، بالنظر لكلفتها المعقولة، التي تتيح خفض منسوب الكربون في النشاط الاقتصادي مع الحفاظ على تنافسيته.
هذا التوجه اتخذ فيه المغرب خطوات عملاقة، من خلال تشييد محطة "نور" بالقرب من مدينة ورزازات. إذ تهدف المملكة لإنتاج 52 في المئة من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030. إلا أنه يظل غير كافٍ بحسب الخبير بلحسن، فـ"من أجل نجاعة طاقية، صار من الضروري سن قوانين تضبط قطاع البناء، حتى لا تكون الأبنية في المغرب مُستهلكة شرِهة للطاقة".
وهو ما يوافق عليه الخبير الآخر، المهدي الداودي، الذي شدد على أن القطاعين الأكثر استهلاكاً للطاقة على الصعيد الوطني هما قطاع النقل بالدرجة الأولى، يليه قطاع البناء، بنسبة تناهز 70 في المئة لكليهما. وأن أي مجهود لخفض كربونية النشاط الاقتصادي ينبغي أن يتم على هذين المستويين بالأساس.
ولأجل خفض كربونية قطاع النقل، أكبر مستهلكي الطاقة مغربياً، يرى بلحسن أن على المغرب منح تشجيعات ضريبية لمُقتني السيارات الكهربائية والهجينة، فيما يدعو الداودي إلى تطوير قطارات لنقل السلع والبضائع، بدل شاحنات الوزن الثقيل، وبشكل عام الانتقال من النقل الحراري إلى النقل الكهربائي.
ويخلص الداودي إلى أن التخلص من "الاقتصاد الكربوني"، يمر عبر الاستعاضة عن الطاقات الأحفورية الباعثة للكربون بالطاقة الكهربائية، بحيث "يستهلك المغرب حاليا نحو 20 في المئة من حاجياته الطاقية من الكهرباء، فينبغي الوصول إلى 60 – 70 في المئة، شريطة أن يكون معظم الإنتاج الكهربائي مستمداً من الطاقات المتجددة".
ونوه بلحسن من جهته بمشروع القانون الأخير لوزارة الطاقة والمعادن والبيئة، والذي يروم تشجيع الأسر المغربية على الإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية، قائلاً إن بإمكانه خفض استهلاك المغاربة للكهرباء المتأتية من الفحم الملوث للبيئة، إذا ما عملت الدولة على تسهيل ولوج الأسر لمصادر إنتاج الطاقات النظيفة.
ويتوخى بند في مشروع قانون مالية 2021، في هذا السياق، إعفاء ألواح الطاقة الشمسية (الفوتوضوئية) من الضريبة على القيمة المضافة، قصد تشجيع الأسر على اقتنائها.
ماذا يستفيد الاقتصاد المغربي من خفض كربونيته؟
"توازن الرعب"، ذلك الذي ينبغي احترامه أثناء صبغ الاقتصاد بلون أخضر، إذ ينبغي الحفاظ على البيئة وصحة الإنسان، دون المساس بتنافسية الاقتصاد.
وفي هذا الصدد يرى الخبير بلحسن أن الأثر البيئي الإيجابي للاقتصاد الأخضر سيرخي بظلاله على صحة الإنسان ويخفض معدل الأمراض التنفسية، وهو ما يعادل دون شك رفع إنتاجية اليد العاملة.
بالإضافة إلى ذلك، يتوجه قادة الاتحاد الأوروبي لفرض "ضريبة الكربون"، وهي ضريبة ستفرض على كل المنتجات التي تتدخل في سلسلة إنتاجها عوامل كربونية أو مسيئة للبيئة. وبالنظر لكون السوق الأوروبية مهمة للمغرب، باعتبار دول الاتحاد الأوروبي شريكاً اقتصادياً رئيسياً للمملكة، فإن في صالح قوة البلاد التصديرية خفض كربونية إنتاجها، بغرض الإعفاء من هذا النوع من الضرائب، وبالتالي رفع تنافسية الاقتصاد المغربي.
ومن جهة أخرى، فإن الاحتباس الحراري، الذي يعد من أخطر المشاكل البيئية المرتبطة بانبعاث الكربون في الجو، أثر على نحو ملحوظ على القطاع الفلاحي في العالم بأسره، ولا يمكن فصل الجفاف الذي بات يُعانيه المغرب عن هذا السياق. كما ترى تقديرات أن القارة الإفريقية تخسر نحو 4 في المئة من ناتجها الداخلي الخام سنوياً بسبب آثار الاحتباس الحراري على الفلاحة.
إلا أن المختص، المهدي الداودي، يرى أن مجهود المغرب في هذا الاتجاه لن يكون ذا جدوى إذا لم تسايره مجهودات الدول الأكثر استهلاكاً للطاقة عالمياً، كالصين والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي... "القارة الإفريقية برمتها لا تستهلك سوى 3 إلى 4 في المئة من الطاقة في العالم، وبالتالي فإن أثر نشاطها الاقتصادي على البيئة بسيط، فإذا لم ينضبط كبار المستهلكين للاقتصاد الأخضر، فلن يكون مجهود المغرب وسائر القارة ذا جدوى في هذا السياق".
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد