رياضة
هل تغري كرة القدم المستثمرين الخواص بالمغرب؟
20/12/2020 - 23:04
مهدي حبشي
ليست هذه أول مرة يتوفر فيها المغرب على نص قانوني يشير إلى إمكانية خلق الأندية المغربية لشركات رياضية، فمنذ عام 1988 أشار القانون 06.87 إلى تلك الإمكانية، حين نص في مادته 15 على أنه: "تضم الجامعات الرياضية العصب إن وجدت، والجمعيات الرياضية والشركات الرياضية الهادفة إلى تحقيق أرباح".
لكن منصف اليازغي، مؤسس المركز المغربي للدراسات والأبحاث في المجال الرياضي، يفسر سبب صعوبة التوجه إلى منطق الشركات في ذلك العهد؛ "كل الأندية كانت منضوية تحت منطق التطوع، فمعظم اللاعبين كانوا يحملون قمصانها تطوعاً وبدون أجر محدد. كما أن القانون المذكور نفسه لم يكن يوضح كيفية التحول من جمعية لشركة رياضية".
بعد ذلك بـ21 عاماً، وتحديداً عام 2010، أتى القانون 30.09، المتعلق بالرياضة والتربية البدنية، بشكل أوضح وبتفصيل شافٍ، ليحث الأندية المغربية على الإقدام على ذاك التحول، قصد مواكبة انتقال البطولة الوطنية إلى النمط الاحترافي.
ماذا يغير خلق شركات في شكل الأندية المغربية؟
وفقاً للخبير اليازغي، يخول ذلك التحول للأندية المغربية بالفعل إدارة النشاط الاحترافي؛ إذ دخل المغرب على مستوى كرة القدم إلى عالم الاحتراف، وأصبحت لقطاع كرة القدم مساطر وإجراءات تحتاج إلى إطار قانوني يدعم الحكامة والشفافية، على مستويات تحصيل الضرائب والتدبير، فصار خلق شركات رياضية توجهاً لا محيد عنه.
هذا التحول سيتيح للأندية المغربية الانتقال من التمويل العام إلى التمويل الخاص، بمعنى أن هذه الأخيرة لن تبقى رهينة لدعم الدولة والسلطات المحلية على مستوى التمويل، بل سيفتح الباب أمام تمويلها من خلال استثمارات خاصة كأي شركة.
وتعول الأندية المغربية في تمويلها بنسبة كبيرة على الدعم العمومي، الذي يمر عبر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، بحيث كشفت الجامعة عن حجم الدعم الذي خصصته موسم 2018-2019، للأندية الوطنية المنتمية للقسم الوطني الاحترافي، والذي بلغ 17 مليار سنتيم لأندية القسم الأول فحسب.
وشدد المتخصص في السياسات الرياضية، في حديثه، على أن خلق شركات ينهي كذلك ارتباط التدبير المالي للنادي بشخص معين، وإن كان الرئيس، إذ أبانت العديد من الأزمات، التي وقعت فيها تلك الأندية، عن سوء تدبير أشخاص بعينهم، أو عن ارتباط ضيق بين الوضع المالي للنادي وذلك الشخص.
هل هي نهاية الجمعيات الرياضية؟
"الشركة لن تنهي وجود الجمعية"، يجزم اليازغي، موضحاً أن الأخيرة ستفوض للأولى بناءً على اتفاقية شراكة تسيير شؤونها. إذ ينص القانون 30.09 على أن الأندية "تتخذ شكل شركة مساهمة، يتكون رأسمالها وجوباً من أسهم إسمية، حيث يجب أن تتملك الجمعية الرياضية 30 في المائة على الأقل من أسهمها، و30 في المائة على الأقل من حقوق التصويت".
ويوضح اليازغي ذلك بالقول إن بإمكان الجمعيات فرض شروط من خلال الاتفاقية التي تربطها بالشركة، "مثلاً، يمكن للجمعية أن تفرض على الشركة عدم المساس بشعار النادي وألوانه..."، كما أن القانون يضبط مدة الشراكة بين الجمعية والشركة في 10 سنوات على أبعد تقدير، تنتهي بنهاية الموسم الرياضي.
ونبه قانون التربية البدنية والرياضة، أيضا، إلى الأمور التي يشترط أن تتضمنها الشراكة بين النادي والشركة، وفي طليعتها توزيع الأنشطة المرتبطة بتكوين الرياضيين بين الطرفين، والكيفية التي يتم وفقها استخدام المنشآت الرياضية من كليهما، وشروط استعمال الشركة لاسم الجمعية الرياضية وألوانها ورموزها وعلاماتها المميزة.
ويخلص اليازغي، في الحديث معه، إلى أن الانتقال إلى نظام الشركات من شأنه إحداث قطيعة مع نظام الهواية، والذي يطرح عدة إشكالات متعلقة بالشفافية المالية والتدبير والإشكالات المتعلقة بوضعية اللاعبين وتقاعدهم...
وقال إن الأزمات التي تتخبط فيها بعض الأندية الوطنية هي أكبر تجلٍ لما يمكن أن يأتي به نظام الشركات من فضائل، "إذ أن الشركة تتوفر على جدول توقعات، يضبط الرواتب والميزانية المخصصة للاستثمار وباقي المصاريف، وتكون لها ميزانية سنوية محددة وموزعة بشكل مضبوط على مصاريفها... ما يحول بينها وبين الوقوع في أزمة".
غياب الاستثمار يعطل التغيير
تسارعت في الآونة الأخيرة عملية الانتقال إلى نظام الشركات الرياضية، إذ أنهت معظم الأندية الوطنية إجراءات في هذا الصدد، بعدما استخلصت سجلها التجاري من المحكمة، مستوفية بذلك كل الشروط التي حددتها الجامعة من أجل المشاركة في منافسات البطولة الوطنية لهذا الموسم.
خلق شركات يروم بالأساس فتح الباب أمام المستثمرين الخواص لدعم كرة القدم الوطنية عبر ضخ الأموال في شرايينها، لكن اليازغي يؤكد أن ذلك لم يحدث لحدود اللحظة؛ "من الصعب في الوقت الحالي العثور على شركات مستعدة للاستثمار في الرياضة، لأن الشركة عموماً تبحث عن الربح، لا عن تشجيع النشاط الرياضي".
في ظل هذا المعطى، استغلت الأندية المغربية ثغرة قانونية، وفقاً للمتحدث، والتي تقول إن للجمعيات الحق في امتلاك 30 في المائة من أسهم الشركة "على الأقل"، وهكذا استأثرت بعض الجمعيات بـ95 في المائة من أسهم الشركات المحدثة، فيما توزعت نسب ضئيلة على عدة أشخاص، وهكذا انضبطت الأندية للقانون دون أن يكون لذلك أثر فعلي على واقعها.

مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة