سياسة
المسيرة الخضراء.. قصص من ملحمة تاريخية
06/11/2024 - 19:16
مراد كراخييحتفل الشعب المغربي، يوم الأربعاء 6 نونبر 2024، بالذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، التي شكّلت ملحمة تاريخية جسّدت تلاحم العرش والشعب المغربي لتحقيق الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية. ويسترجع متطوعون ذكريات مشاركتهم في هذا الحدث الذي شكل علامة فارقة في التاريخ المغربي.
يوم 6 نونبر من سنة 1975، انطلق أزيد من 350 ألف متطوع من مختلف فئات وشرائح الشعب المغربي باتجاه الأقاليم الصحراوية لتحريرها، بقوة الإيمان وبأسلوب حضاري وسلمي فريد من نوعه.
وأمام عزيمة الحشود الغفيرة المسلحة بالمصحف الشريف والعلم الوطني، لم تجد سلطات الاحتلال حلاً سوى الرضوخ لإرادة الملك والشعب في استكمال وحدة الوطن، وإعلان انتهاء احتلال الأقاليم الجنوبية.
كان أحمد بديدة، ابن حي "سيدي عثمان" الشعبي بالدار البيضاء، أحد الذين استجابوا لنداء الوطن، حيث كان يبلغ من العمر آنذاك 21 سنة، ويتذكر تلك الأيام قائلا: "عندما سُجّلت للمشاركة، لم أكن أعي أنني على وشك خوض تجربة ستظل محفورة في تاريخ بلدي".
بدأت رحلة بديدة نحو الأقاليم الجنوبية للمملكة من الدار البيضاء، حيث كان ضمن المشاركين في هذا الحدث التاريخي، وقال بيديدة، في حديثه لـ SNRTnew، إنه استقل شاحنة من الدار البيضاء برفقة عدد من المشاركين متجهين إلى الجنوب، ضمن قافلة ضمت عشرات الآلاف.
وبعد التوقف في مدينة أيت ملول، التقى بديدة بمجموعة كبيرة من المغاربة الذين تجمعوا من مختلف مناطق المملكة، استعدادا لمواصلة الطريق نحو الهدف المنشود.
واستمرت رحلة أحمد حتى وصل مع باقي المشاركين إلى مدينة طرفاية، حيث تم نصب خيام لهم وتزويدهم بالمواد الغذائية اللازمة، وأشار إلى أنه، وطوال فترة الرحلة، كان عمال البريد يوصلون رسائل المشاركين لأسرهم في مختلف مناطق المغرب، ما جعلهم مطمئنين رغم بعدهم عن أهاليهم.
ولفت بديدة إلى أنه أمضى شهرا كاملا في هذه التجربة التاريخية، التي كانت بالنسبة له تجربة فريدة امتزجت فيها مشاعر الفخر والإخلاص للوطن مع بعض القلق المشروع من ردود فعل المحتل.
ويتذكر أن هذه التجربة تميّزت بتلاحم وتعاون الشعب المغربي بجميع فئاته، حيث شاركت في المسيرة النساء والرجال من مختلف الفئات العمرية والاجتماعية.
وتابع أنه تسلّم، مثل غيره من المشاركين، وثائق تثبت مشاركته في هذا الحدث الوطني الذي سيبقى راسخا في ذاكرة المغاربة، مشيرا إلى فخره بكونه من بين من لبوا نداء الوطن، مساهما في استعادة الأقاليم الجنوبية للمملكة وكتابة فصل جديد في تاريخ المغرب.
بدورها، تتذكر ناجية الوناس، التي كانت ضمن المتطوعين في المسيرة الخضراء، مشاركتها في هذا الحدث، حيث قالت: "لم يكن عمري آنذاك يتجاوز 13 سنة، ووجدت نفسي منخرطة بتلقائية في عملية التسجيل على لوائح المتطوعين. اعتبرت نفسي محظوظة عندما تم تسجيلي وقبولي مع صديقتي، إذ انخرط المغاربة بأعداد تفوق بكثير العدد المطلوب".
واسترجعت الوناس، في حديث سابق لـ SNRTnews، ذكريات المسيرة والرحلة إلى طرفاية، وقالت: "ساد الاحترام في جميع مراحل الرحلة وفي المخيمات التي نصبناها. وكوني امرأة مناضلة، لا يمكنني وأنا أتحدث عن المسيرة إلا أن أستحضر مبادرة الملك الراحل الحسن الثاني، الذي خصّص للنساء نسبة للمشاركة في أفواج المتطوعين، مما أبرز دور المرأة في تلك المسيرة الوطنية النضالية التاريخية".
وتابعت: "حملنا الرايات المغربية وكنا شاهدين على رفع العلم الوطني"، وتتذكر ناجية لحظة العودة إلى بيتها بالدار البيضاء بقولها: "بعد رجوعنا، شعرت بفخر كبير بعد تلبية نداء الوطن وأمنية أمي الحبيبة، واحتفل بنا كأبطال، حيث أُقيم لنا حفل كبير سيظل في ذاكرتي ما حييت".
من جانبه، يروي الحاج محمد، المنحدر من أكادير، في لقاء نظمته جمعية "الخيمة الحسانية"، عن حماس المواطنين للمشاركة في المسيرة الخضراء بعد الخطاب الملكي الذي أعلن فيه المغفور له الحسن الثاني عن انطلاق هذا الحدث الوطني الكبير.
وقال إنه "بعد دعوة المغفور له الملك الحسن الثاني للمشاركة في المسيرة الخضراء، توجه المواطنون، رجالا ونساء، شبابا وشيوخا، لتسجيل أسمائهم ضمن المتطوعين".
وأكد أن الإقبال كان كبيرا لدرجة اضطرت السلطات إلى تقييد التسجيلات، مفضّلة المشاركين ذوي الصحة البدنية الجيدة نظرا للعدد الهائل من الراغبين في المشاركة.
ويتذكر الحاج محمد بفخر لحظة رفع العلم المغربي دون أي مقاومة من القوات الإسبانية، التي خضعت للأمر الواقع، ورضخت لإرادة الملك والشعب المغربي في نيل استقلاله واستكمال وحدته الترابية.
مقالات ذات صلة
سياسة
الأنشطة الملكية
مجتمع
سياسة