Monde
وحدة مناسبة هندسيا لاحتياجات مرضى التوحّد في مستشفى فرنسي
30/11/2024 - 23:46
أ.ف.بتشكّل الهندسة المعمارية لوحدة فريدة من نوعها دُشِّنَت أخيراً في مستشفى فرنسي للأمراض النفسية، وسيلة لتهدئة المرضى الذين يعانون اضطرابات التوحد الشديدة، من خلال أجهزة لامتصاص الأصوات، وتجويفات تتيح الاختلاء، وألوان ناعمة.
ويضم هذا القسم في مستشفى فيناتييه في مدينة ليون (وسط شرق فرنسا) عشرة أسرة، بالإضافة إلى صالة ألعاب رياضية ومنشأة للعلاج بالمياه المعدنية وحديقة شتوية.
وتقول المسؤولة الصحية في قسم النمو العصبي آن دوشان "عندما تسلّمنا عام 2019، كان المرضى مقيّدين طوال الوقت مع فترات محددة للإراحة من القيود".
أما في الوحدة الجديدة التي تبلغ مساحتها 1107 أمتار مربّعة، فلكل فرد غرفته الخاصة مع حمامها. في وسط المساحة المشتركة الواسعة، توجد شجرة متحجرة يغمرها الضوء الطبيعي. ويمكن للمرضى، الذين يقضون نحو ستة أسابيع في المركز، مشاهدة الخارج من خلال نوافذ كبيرة أو الانزواء في "تجويفات" صغيرة لعزل أنفسهم عن الآخرين.
ويشير المهندس المعماري ليونيل تاباريه إنه استلهم فكرته من تجربته في تصميم المنتجعات الصحية.
وتشرح رئيسة قسم النمو العصبي كارولين دوميلي أن المشروع "يهدف إلى توفير راحة أعمق وأكثر استمرارا، مما يتيح الحد من استخدام المؤثرات العقلية، إذ أن الجدران يمكن أن يكون لها بالفعل دور علاجي"، بفضل ثقوب صغيرة في الجدران تؤدي إلى تخفيف الصوت.
اختلاء
ويوضح أخصائي التوحد لوران موترون أن معظم الباحثين يعتبرون أن تكييف بيئة من يعانون اضطراب التوحّد يتطلب الحد من الضوضاء والاكتظاظ .
ويلاحظ أستاذ الطب النفسي أن هؤلاء المرضى "غالبا ما يسعون إلى النأي بأنفسهم عن التشبيك الاجتماعي (...) وبالتالي يحتاجون إلى مكان للاختلاء، يكون في الوقت نفسه في متناول مراقبة فريق الرعاية الصحية".
لكنهم لا يشعرون جميعا بالانزعاج من العوامل نفسها، وبالتالي إذا كان للهندسة المعمارية دور، فإن الأهم يتمثل في "إضفاء الطابع الشخصي على الرعاية".
وتؤكد كارولين دوميلي أن في القسم "مجموعة من المساحات القابلة للتعديل، بحيث يتمكن الشخص، وفق احتياجاته، من العثور على مكان يشعر فيه بالارتياح"، معربة عن أملها في ألاّ تكون هذه الوحدة، وهي الأولى من نوعها في فرنسا، ومصممة بالكامل من أجل ومع المصابين بالتوحد، خطوة منعزلة.
العائد على الاستثمار
وتُذكّر دوميلي بأن هذا النوع من الهندسة المعمارية تطور كثيرا في الولايات المتحدة. أما في فرنسا فـ"لا تؤخذ نوعية الحياة (...) في الاعتبار في مباني المستشفيات"، نظرا إلى كونها ذات طابع وظيفي.
وتُفيد دوشان بأن المستشفى استثمر سبعة ملايين يورو في هذا المشروع، لكن تطوير خدمات العيادات الخارجية وتقليص مدة الإقامة الاستشفائية وإعادة العلاج مكّن في المقابل من الاستغناء عن 36 سريرا.
وفي الولايات المتحدة، تخصصت شركة "إتش كي إس" في هذا الخط الجديد من الأبحاث الذي يسمى الهندسة العصبية. ويقول أحد مهندسيها وهو إريك كوتشي، المصاب بالتوحد: "اليوم، يطلب زبائننا" مشاريع تأخذ في الاعتبار تأثير المساحات على الدماغ، "وهم على استعداد للدفع".
ويلاحظ أن "هذه الأمور كانت في الماضي أول ما يُستغنى عنه في الموازنات". أما اليوم، فتبيّن أن "العائد على الاستثمار كبير، وليس فقط بالدولار، ولكن بنتائج أفضل على صحة المرضى".
وتقول زميلته إيرين بيفي "إذا لم يتمكن المريض من الحصول على الهدوء، يجب على مقدمي الرعاية تخديره طبيا (...). ولكن إذا أمكنت مساعدته على الشعور بالهدوء، وتقليل انزعاجه، فلن يكون الأمر أكثر متعة بالنسبة له فحسب، بل سيكون كل شيء أكثر سلاسة وبتكلفة أقل".
مقالات ذات صلة
مجتمع
عالم
عالم
مجتمع