Art & Culture
حبيب سلام .. اكتشف نفسه في الصين فأبدع "تالعربات ن الطالب"
27/12/2024 - 17:01
SNRTnewsحققت أغنية أمازيغية لشاب ولج عالم الغناء من باب الهواية انتشارا كبيرا في مواقع التواصل الاجتماعي، لتحقق عدد مشاهدات قارب 800 ألف في ظرف أقل من ثلاث أسابيع. ولعب اعتماد الشاب حبيب سلام على كورال من الأطفال، دورا رئيسا في نجاح الأغنية، التي تنهل من الإرث الثقافي وعادات الدراسة في المسيد بقرى الأطلس الصغير. فمن يكون حبيب سلام؟ وما قصة أغنية "تالعربات ن الطالب"؟
في قلب الأطلس الصغير، حيث تعتبر جبالها الأقدم عمرا جيولوجيا، وحيث يسود الهدوء الوديان، وُلد حبيب سلام عام 1998، في قرية أيت أحمد؛ المكان الذي منحه أولى ملامح الإلهام.
وسط طبيعة جبلية خلابة تزينها أشجار اللوز والأرگان، عاش حبيب سلام طفولة هادئة، غير مدرك آنذاك أن الهدوء سيصبح لاحقاً اللحن الذي سيعزف عليه مسيرته الفنية. فبين أزقة القرية الصغيرة، كان الطفل يتعلم قيم البساطة والكرم.
تربى في مجتمع بسيط يحافظ على العادات والتقاليد الأمازيغية، مما ساعده على بناء هويته الثقافية القوية التي تظهر بوضوح في أغانيه. يعترف حبيب سلام، في حديثه لـSNRTnews، بولعه بالموسيقى الأمازيغية منذ صغره، حيث بدأ العزف على البانجو أو "السنيترة" والغيتار كهواية يمارسها في أوقات فراغه، ليكتشف في كل وتر صدى الطبيعة التي أحاطت به.
إلا أنه لم يكن يخطط لأن يصبح مغنياً؛ فقد ركّز على دراسته وجعلها أولوية في حياته. هذا الالتزام ساعده على بناء قاعدة قوية لمستقبله، بينما ظلت الموسيقى جزءا من عالمه الخاص، يعبر من خلالها عن ذاته وهويته الأمازيغية.
حصل حبيب سلام على شهادة البكالوريا في مدينة تزنيت، ثم قرر متابعة دراسته العليا في الصين، وهناك حصل على درجتي الإجازة والماستر في مجال إدارة الأعمال والتجارة الدولية.
وفي غربة جمعت بين التحدي والحنين، وجد حبيب سلام نفسه أمام جمهور أمازيغي كبير يتابع حياته عبر فيديوهات يومية يصورها وينشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
خلال فترة الحجر الصحي، شارك حبيب سلام شغفه بالموسيقى مع متابعيه. وانطلق في عالم الغناء بجرأة مفاجئة، حيث أعاد تقديم أغنية "زايد الزمان" للفنان الأمازيغي القدير محمد أوتحناوت بأسلوب مبتكر يمزج بين الأغنية العصرية وروح الموسيقى التقليدية.
لاقت الأغنية انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أثارت إعجاب الجمهور وأبرزت موهبة حبيب سلام في الغناء والعزف.
سار حبيب سلام في درب الغناء حريصاً على تجديد التراث الموسيقي الأمازيغي وإيصاله إلى الأجيال الشابة بطريقة حديثة، متأثراً بعدد من الفنانين الأمازيغ الذين شكلوا جزءا مهماً من إلهامه، من بينهم سعيد أشتوك، الحاج أحمد أمنتاك، عمر واهروش، والحاج بلعيد.
مع أغنية تلو الأخرى، ونجاح تلو الآخر، وصولاً إلى أحدث إصداراته "أغنية تالعربات ن الطالب"، التي تجاوزت كونها أغنية لتصبح حكاية مكتوبة بالنغم عن تراث قديم،
استعاد حبيب سلام من خلالها عادة "تالعربات"، حيث كان الطلاب أو "إمحضارن" يقدمون بشكل أسبوعي هدايا بسيطة لفقيه المسجد، مثل درهم واحد أو بيضة، كتعبير عن الاحترام والتقدير.
يقول حبيب سلام عن هذا العمل: "تالعربات ن الطالب ليست مجرد حكاية نوستالجية، بل صرخة تحث على الحفاظ على الموروث الثقافي والقيم الأخلاقية التي يحتاجها عالمنا اليوم بشدة".
رغم نجاحه الفني، لم ينسَ حبيب سلام مساره الأكاديمي، حيث أنشأ شركة خاصة تساعد الطلبة الدوليين على الالتحاق بالجامعات في الصين.
هذا التوازن بين الفن والعمل يجعله نموذجاً فريداً لشاب استطاع أن يحقق انسجاماً بين طموحه وشغفه.
يطمح الفنان الشاب حبيب سلام اليوم لإيصال الموسيقى الأمازيغية إلى الساحة العالمية. وبمزيج بين التراث والحداثة، يعمل على مشاريع مشتركة مع فنانين عالميين، واضعاً أمام عينيه هدفاً واحداً: أن يُعرّف العالم بغنى وتنوع الثقافة الأمازيغية.
صفاء نوري (صحافية متدربة)
مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
عالم
عالم
فن و ثقافة