مجتمع
دراسة تدعو إلى إصلاح قانوني لمحاربة العنف القائم على النوع في المجال السينمائي
22/01/2025 - 12:28
ياسمين اشريف
كشفت نتائج دراسة أنجزتها "جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان" حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في قطاع السينما بالمغرب، أن العنف ضد المرأة يعد جزءا من الحياة اليومية للمهنيات في قطاع السينما بالمغرب، مؤكدة أن حوالي 80 في المائة من المشاركين والمشاركات في هذه الدراسة تعرضوا أو شهدوا حالة على الأقل من العنف القائم على النوع الاجتماعي خلال حياتهم المهنية.
وفي هذا الصدد، قالت فدوى مروب، رئيسة جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الانسان، إن فكرة إجراء الدراسة جاءت بعد اكتشاف بعض أوجه القصور، في ما يتعلق بحقوق الانسان في مجال الإنتاج في القطاع السينمائي بالمغرب.
وأبرزت مروب، في تصريح لـSNRTnews، أن التمرين الأول الذي اشتغلت عليه الجمعية هو قراءة في السياسات العمومية في مجال السينما وملاءمتها مع حقوق الانسان، مؤكدة أن تطور هذه السياسة في القطاع السينمائي لا يأخذ بعين الاعتبار تطور حقوق الإنسان. ومن ناحية أخرى اتجهت القراءة الثانية إلى دراسة الممارسات المهنية، أي هل تحترم معايير حقوق الإنسان، مضيفة أن هذه الدراسة جاءت كذلك انطلاقا من بعض المقالات الصحافية التي كشفت بعض مظاهر التحرش الجنسي في الوسط السينمائي.
وأوضحت المتحدثة نفسها أنه وبالرجوع إلى القانون 18.23 المتعلق بالصناعة السينمائية، وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي، الذي حرر في 20 دجنبر 2024، فإنه لا يمكن التحدث عن تطور أي قطاع في المغرب، وضمنه السينما، دون الأخذ بعين الاعتبار المكانة الدستورية للمرأة، بما فيها المناصفة، والحماية من العنف.
وأوضحت الدراسة أن "العنف النفسي سائد لأنه يستمر زمنياً، ويترك آثاراً أكبر على الضحايا، وكثيرا ما ترتكب هذه الافعال عمدا، حين يستغل صاحب الفعل سلطته، كشكل من أشكال الانتقام، بعد التنديد بالعنف الاقتصادي أو الجسدي".
ووفقا للمستجوبين والمستجوبات، فإن "تفشي العنف النفسي يعود لصعوبة إثبات وقوعه والذرائع والأسباب التي يدفع بها مرتكبو هذا العنف لتبريره"، ثم إن "أشكال العنف الاقتصادي تحتل هي الأخرى المرتبة الثانية، وتتعلق بممارسات شائعة يمارسها الرؤساء التراتبيون، الذين لا يتحلون بالشفافية أثناء تحديد المهام، ويقترحون عقوداً تخدم مصالحهم بشكل أساسي، مستغلين الوضعية الهشة للعاملات في المجال التقني والمكلفات بالإنتاج".
وفي ما يخص العنف الجنسي، أبرزت الدراسة أن "الممثلات الأصغر سنا، يعتبرن الأكثر عرضة للابتزاز الجنسي، أو للتلميحات ذات الطابع الجنسي أو للملامسات الجنسية، كما يتعين توخي الحذر بخصوص انتشار العنف الجنسي الذي يحدث في صمت تام من قبل الضحايا، والذي يتم تصنيفه في المرتبة الأولى، لأن الضحايا لا يقمن بفضحه، ولا يملكن الشجاعة اللازمة للتنديد به.
وأبرزت جمعية اللقاءات المتوسطية للسينما وحقوق الإنسان في الدراسة المذكورة أن أغلب حالات العنف تأتي نتيجة لضعف الإطار المهني، الذي يخلق بيئة مواتية لوقوع كافة أشكال العنف ضد المرأة، ومن بينها ضعف مستوى تسيير ديناميات الفريق، في ظل وجود فرق غير متجانسة في أغلب الأحيان، وخاصة خلال التصوير، حيث ترتبط كل المهن ببعضها البعض، أو عدم التقدير المضبوط للموارد اللازمة للإنتاج، والذي يؤثر بشكل مباشر على التزامات الإنتاج تجاه الفرق وخاصة النساء".
وأكدت الدراسة أنه "في ظل غياب مدونة سلوك تبسط القيم والمبادئ الأساسية للعمل داخل الهياكل المرتبطة بقطاع السينما، فإن آلية الانصاف الداخلي تواجه عدة عقبات، تتمثل في عدم تعامل رؤساء الشعب بجدية مع شكاوى الضحايا، ووجود ثقافة تتسامح وتستخف بجميع أشكال العنف، خاصة تلك التي تقوم على العنف القائم على النوع، بحجج يختلقها مرتكبو العنف".
وأشارت الدراسة إلى عراقيل أخرى مرتبطة بضعف تحسيس مهنيات قطاع السينما بالعنف القائم على النوع الاجتماعي، فضلا عن عدم الوعي بحقوقهن، وإجراءات الانتصاف الداخلية والخارجية، إلى جانب ضعف التضامن بين زملاء العمل، والتخوف من انتقام مرتكبي العنف، والذي تعززه حقيقة سيطرة الرجال على القطاع، الذين إما يشتركون في الممارسات نفسها، أو يعبرون عن اللامبالاة تجاهها".
ودعت الدراسة إلى ضرورة "اتخاذ إصلاحات قانونية، من أجل وضع قواعد مهنية لمكافحة كافة أشكال التمييز والعنف القائم على النوع، وكذلك لضمان احترام ظروف عمل المهنيات في قطاع السينما، وفقاً لقانون الشغل، ودفاتر التحملات المبرمة مع الجهات الوصية"، إضافة إلى "إعداد عقد نموذجي من قبل المركز السينمائي المغربي ووزارة الثقافة، والمؤسسات الوصية، من أجل حماية النساء المهنيات في القطاع السينمائي بالمغرب من كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي، من خلال تحديد المهام بوضوح، وإدراج مواد تتعلق بحسن السلوك، وتعاقب على الممارسات التمييزية وتحظرها".
وأوصت الدراسة بتنظيم حملات تحسيسية لفائدة النساء المهنيات في قطاع السينما، مؤكدة أهمية تنظيم دورات التكوين والتحسيس، مع انخراط المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني، مع فتح نقاش عمومي لرفع الطابوهات حول قضايا العنف القائم على النوع الإجتماعي.
جدير بالذكر أن إعداد هذه الدراسة يندرج في إطار تفعيل إحدى التوصيات الرئيسية، التي تضمنتها دراسة "السياسة العمومية في مختلف السينما وحقوق الإنسان في المغرب"، في أفق الملاءمة مع دستور الحقوق والحريات، التي أصدرتها الجمعية. وتمثل هذه الدراسة كذلك إحدى اللبنات الأساسية في مسار الترافع الذي تنهجه الجمعية، في أفق وضع سياسة عمومية خاصة بالسينما تعزز حقوق الانسان، خاصة حقوق المرأة، وتضمن حمايتها من كافة أشكال التمييز والعنف.
وتطلب إنجاز هذه الدراسة تعبئة مهنيي قطاع السينما، بهدف تعميق التفكير الفردي والجماعي بخصوص هذا الموضوع، من خلال تنظيم مقابلات شبه مهيلكة مع 15 شخصا يمتهنون الإخراج، والإنتاج، والتصوير، والمهن التقنية. وتم تنظيم ورشة عمل بتاريخ 25 شتنبر 2024، من أجل مناقشة نتائج الدراسة من قبل الفاعلين السينمائيين، والفاعلين الحقوقيين، خصوصا في مجال حقوق المرأة.

مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
فن و ثقافة
عالم
مجتمع