مجتمع
تاريخ الجوائح بالمغرب .. الفقه يحدد شكل الحجر الصحي؟ 2/3
11/04/2022 - 17:47
يونس أباعلياتخذت ظاهرة الحجر الصحي في تاريخ المغرب ثلاثة أشكال رئيسية، يُحددها كتاب "الحراك الاجتماعي في المغرب بين الفقيه والطبيب والأمير"، في شكلٍ يكون بمبادرة من الأهالي، دون انتظار أمر السلطان، حتى صار عادة كلما حلت جائحة.
الشكل الثاني يكون بأمر من السلطان، كما حدث مع وباء الطاعون الذي ضرب المغرب في عهد المولى إسماعيل، إذ تم منع المغاربة من التنقل بين فاس ومكناس. وفي 1492 تم منع يهود من ولوج فاس بعدما قدموا من الأندلس، كما منعت وسائل التنقل من وإلى سبتة. أما الشكل الثالث للحجر الصحي، فقد كان بتنسيق بين السلطان والمجلس الصحي الدولي.
وشهدت عدة أقطار إسلامية تأسيس مجالس صحية لتدبير الأزمات الصحية، تتكون من أطباء وقناصل أجانب، كالمجلس الأعلى بالقسطنطينية (1831) وإدارة الصحة العمومية بمصر (1831) وقبلهما المجلس الصحي الدولي بالمغرب (1792)، كما يُخبرنا كتاب "تاريخ الأوبئة والمجاعات بالمغرب في القرنين 18 و19" لصاحبه الأمين البزاز.
والمغاربة على عكس ما يُقال عرفوا بأنهم يقبلون على الأطباء الأجانب، إذ يشير المصدر نفسه إلى أنه في سنة 1789 هرعوا إلى الطبيب الإنجليزي "لمبريير" في أصيلة، وذكر أن التلقيح الذي تعمّم بالمراسي ابتداء من 1875 كان بفضل الأطباء الأجانب.
كانت أغلب الأوبئة التي عرفها المغرب وافدة ولم تكن محلية، بحسب المراجع التاريخية التي تحدثت عن الموضوع. إذ تلج عبر المعابر الحدودية، من الجانب الجزائري، وميناء طنجة ومن الجنوب عبر الطريق التجارية.
كان الحجر الصحي الذي فرض على المغاربة، إلى جانب استناده إلى الأطباء يتحدد بحسب قواعد الفقه، إذ كانت الأحكام الفقهية التي تصدر آنذاك تحرمه، وتعتبر "الكرنتينة" تهديدا لمصالح الناس المادية وعقائدهم الدينية.
كتب قاضي مراكش عبد الله بن خضراء السلاوي على رأي الناصري، "وأما حكم الكرنتينة فهو الحظر، وبه أقول لما فيه من الفرار من القدر والقضاء". وقد ندد العالم الجزائري بالتصور السائد حول الحجر الصحي، إذ أرجعه إلى الجهل وأمر بتطبيقه في العالم الإسلامي ولم يرى مانعا من الاستعانة بالأوروبيين.
ويرى الباحث المتخصص في التاريخ، خالد طحطح، في إحدى مقالاته، أن شروط تحقيق الحجر الصحي كانت صعبة آنذاك، وأن "القبول بفكرة التدخل في الشؤون الصحية للأجانب في المغرب وخصوصا في شؤون الحج لم تساهم إلا في خرق هبة المخزن، نتيجة التنازلات التي كان يقدمها للقوى الأجنبية، أما السكان فكانوا يرون فيه هيئة فضولية تتدخل فيما لا يعنيها… خاصة عندما تقترح على الحكومة عزل الأصحاء عن المرضى، أما الحجاج وربابنة السفن فكانوا ساخطين إلى أقسى درجة، لما كانوا يلاقونه من مشقة في الحجر الصحي، وكثيرا ما تحايلوا للنزول دون الذهاب للكرنتينة، ومنهم من كان ينزل سرا وراء منارة مالاباطا".
مقالات ذات صلة
عالم
سياسة
إفريقيا
مجتمع