نمط الحياة
رأي : من يخاف المؤثرين؟
16/04/2022 - 16:44
جمال الخنوسيفاطمة الزهراء عمور وزيرة غير محظوظة بالمرة. لقد سقطت على رأسها كرة ثلج تتدحرج منذ وقت طويل. ووجدت نفسها وسط نقاش مكانه الطبيعي "أغورا" الصحافيين.
وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، تعرضت لانتقادات شديدة، جراء جعل مجموعة من المؤثرين محور خرجتها لعرض برنامج فرصة، الذي يسعى إلى تمويل مشاريع حاملي الأفكار. الأمر الذي أغاظ بعض الصحافيين، وجعلهم يتمردون على الوزيرة. فالقضية زادت عن حدها، وتكررت لمرات، وفي مناسبات سابقة، مع مسؤولين مختلفين. وأصبح الاعتماد على المؤثرين أمرا مزعجا للبعض، دفعهم للقول إن المؤثرين والمؤثرات سينهون مهنة الصحافة، وسيتعقبوننا إلى أن يقضوا على آخر صحافي منا.
هذه الجلبة تجعلنا نتساءل: لماذا يهاب بعض الصحافيين المؤثرين؟ ما الذي يجعل فرسان القلم، هؤلاء، يخافون على مهنتهم من قوم عملتهم الخاصة هي: كوكو ليزامي؟
الجواب بسيط جدا؛ إننا نحن معشر الصحافيين لا نواجه مشاكلنا بشجاعة. وخلقنا بالتالي عدوا وهميا. لنكن صرحاء: إن الصحافيين لهم عدو وحيد هو أنفسهم، وفي حمضنا النووي كل دوافع الاندثار والتشرذم. من ينكل بالصحافيين غير صحافيين أمثالهم؟ من وصل بهذه المهنة إلى الحضيض؟ من يقذف بالفُتاتِ في وجه الصحافيين على رأس كل شهر؟ من فتح الباب للمهنة على مصراعيه لكل من هب ودب؟ من يوزع البطائق ويحدد منتسبي مهنة المتاعب؟ من تقاعس عن تطوير المهنة؟
لننظر قليلا إلى الضفة الأخرى. هل يهاب الصحافيون في ليبيراسيون ولوموند ولوفيغارو، نبيلة بنعطية أو سكويزي؟ حتما لا. وحتى عندما اندلع نقاش حاد في فرنسا، بعد استقبال الرئيس ايمانويل ماكرون الثنائي كارليتو وماكفلاي، انصب النقاش على مسألة قدسية مهمة الرئيس، ولم يتحدث الصحافيون حينها عن أنهم مهمشون أو أن كارليتو ورفيقه سيقتلان المهنة.
غير أن التمادي في هذا الخيار، يمكن أن يجر على صاحبه وابلا من الانتقادات. وهو الأمر الذي اقترفته مارلين شيابا، وزيرة المواطنة في حكومة جون كاستيكس، عندما استقبلت مجموعة من المؤثرات تقيأتهن أقذر برامج تلفزيون الواقع، فكان رد الفعل قويا وعاصفا.
نعم لقد أخطأت شيابا المغربية، عندما لم تمنح المواطنين حقهم في المعرفة، ولم تقم بإعطاء الأولوية للإخبار، عبر وسائل الاعلام المختلفة، وتسهيل مهمة نساء الصحافة ورجالاتها، ثم بعدها التواصل عبر مؤثرين وصانعي محتوى جادين، يتوجهون يوميا إلى ملايين الشباب، عبر فايسبوك وانستغرام وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي. وسنقول، بحسن نية، إن خطأ الوزيرة كان سوء تقدير للأولويات فقط. لكن مع التنبيه إلى ضرورة ألا يصبح هذا السلوك استسهالا تواصليا، سيدفع حتما إلى تمييع علاقة المواطنين بالمسؤولين. فلا ديموقراطية دون صحافة ذات جودة، تصنع التوازن بممارسة دورها كاملا.
لنتعلم الدرس أيضا من وهم كبير، روج له الكثيرون في وقت سابق، اسمه "المواطن الصحافي". كابوس جعل كل من يمتلك مدونة أو صفحة على فايسبوك صحافيا، الهاتف حضنه، ويوتيوب موطنه. وعشنا كوارث أشخاص يطلقون الكلام على عواهنه، ويوزعون الاتهامات، وينشرون الأخبار الكاذبة والمضللة بعد لازمتهم الشهيرة: "خوتي المغاربة" ... لنحم بيتنا الداخلي نحن معشر الصحافيين من أنفسنا، من تجاوزاتنا، من أخطائنا القاتلة، دون التيه في معارك هامشية مع المدونين أو المؤثرين أو غيرهم، لأن مهنتنا التي أفنت صحافيات وصحافيون حياتهم من أجلها أكبر من كل هذا.
لقد وجدت الوزيرة نفسها وسط زوبعة كبيرة، ونقاشات في مختلف الجرائد والمواقع وشبكات التواصل الاجتماعي.. فمن الذي يجرؤ، إذن، على القول إن الصحافيين لا تأثير لهم؟
مقالات ذات صلة
سياسة
اقتصاد
إفريقيا
مجتمع