اقتصاد
النمو واستهلاك الأسر والمديونية .. توقعات مندوبية التخطيط
14/07/2022 - 21:54
مصطفى أزوكاحسيعرف النمو الاقتصادي الوطني تراجعا في وتيرته ليستقر في حدود 1,3 في المائة مقارنة بـ7,9 في المائة في العام الماضي، حسب المندوبية السامية للتخطيط، التي تتوقع تحقيق نمو في حدود 3,7 في المائة في العام المقبل في ظل ترقب محصول حبوب متوسط.
ارتهان للفلاحة
يدفع ذلك أحمد الحليمي، المندوب السامي في التخطيط، عند تقديم الآفاق الاقتصادي لعامي 2022 و2023، اليوم الخميس الرابع عشر من يوليوز بالرباط، إلى ملاحظة أنه عندما يكون أداء القطاع الفلاحي جيدا، يرتفع النمو إلى 4 في المائة، وعندما يكون أداء ذلك القطاع سيئا ينخفض النمو إلى حوالي 1 في المائة، داعيا إلى كسر هذه الحلقة المفرغة عبر الانخراط في قطيعة على مستوى السياسة الفلاحية والصناعية.
فقد تأثرت توقعات النمو الاقتصادي في العام الحالي، بالانخفاض الحاد للقيمة المضافة الفلاحية بسبب الجفاف وتداعيات تراجع الطلب الخارجي وارتفاع التضخم، ما سيفضي إلى استقرار معدل البطالة في العام الحالي في حدود %12,2 سنة 2022، حسب المندوبية.
ولاحظ الكاتب العام للمندوبية السامية للتخطيط، عياش خلاف، أن النمو الاقتصادي الوطني، سيتأثر في العام الحالي، بتداعيات المحيط الدولي غير الملائم، نتيجة تراجع الطلب الخارجي وارتفاع التضخم. وهكذا، ستؤدي هذه الزيادات العامة في الأسعار إلى اختلالات ملحوظة على مستوى العرض والطلب، الشيء الذي سيؤثر بشكل كبير على القدرة الشرائية للأسر وعلى ميزانية الدولة. كما سيتأثر النشاط الاقتصادي بالنتائج غير الجيدة للقطاع الفلاحي.
سجل عياش خلاف، أن القيمة المضافة الفلاحية سجلت انخفاضا بنسبة 14,6 في المائة، بفعل إنتاج للحبوب الذي يناهز 32 مليون قنطار، أي بانخفاض بحوالي 69 في المائة مقارنة بالموسم الفلاحي الماضي.
تأثر الصناعة بأسعار الطاقة
وأكد على أن الأنشطة غير الفلاحية ستتأثر بالتراجع المتوقع للقطاع الصناعي، بفعل انخفض الطلب الخارجي وتداعيات الارتفاع الكبير في أسعار المنتجات الأساسية المستوردة خاصة المنتجات الطاقية، ملاحظا أن وتيرة نمو أنشطة القطاع الثانوي، ستتباطأ بشكل ملحوظ لتستقر في حوالي 1,5 في المائة سنة 2022 عوض 6,8 في المائة سنة 2021.
وشدد على أن أنشطة قطاع البناء والأشغال العمومية ستشهد تباطؤا كبيرا بنسبة 1,3 في المائة سنة 2022، نتيجة ضعف دينامية العرض والطلب على العقارات وغياب تدابير تحفيزية ضريبية جديدة.
وأكد على الزيادة الاستثنائية في أسعار مواد البناء ستؤدي إلى تراجع أنشطة المنعشين العقاريين نتيجة تراجع هوامش الربح، في حين سيتأثر الطلب على السكن بضعف القدرة الشرائية، غير أن مشاريع البنية التحتية المنجزة من طرف الدولة ستمكن من تغطية الضغوطات على قطاع البناء.
غير أن أنشطة القطاع الثالثي، ممثلة في التجارة والخدمات، ستتمكن جزئيا من تغطية التراجع الملحوظ لأنشطة القطاع الصناعي، حيث ستسجل مساهمة موجبة في نمو الأنشطة غير الفلاحية.
ويرد انتعاش الأنشطة التسويقية، خاصة تلك المرتبطة بالنقل والسياحة إلى إعادة فتح الحدود ورفع القيود على التنقل نتيجة تحسن الوضعية الصحية، بينما ستواصل الخدمات غير التسويقية منحاها التصاعدي سنة 2022، نتيجة ارتفاع نفقات كتلة الأجور، لتسجل نموا بـ 4,7.
تراجع استهلاك الأسر
وتتوقع المندوبية أن يتباطأ نمو الطلب الداخلي بشكل في ملحوظ، حيث لن يتعدى 1,3 في المائة، بسبب تراجع وتيرة نمو استهلاك الأسر إلى حوالي %1,6، والذي ستنخفض مساهمته في نمو الناتج الداخلي الإجمالي إلى حوالي 0,9 نقطة سنة 2022 عوض 4,8 نقط سنة 2021، نتيجة تراجع مداخيل الأسر، خاصة الفلاحية وانخفاض تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج مقارنة بالزيادات الكبيرة المسجلة خلال السنتين الماضيتين.
وتترقب أن يتأثر استهلاك الأسر بالارتفاع القوي لأسعار المواد الطاقية التي ستؤدي إلى ارتفاع أسعار المنتجات الأساسية الأخرى. وهكذا ستنخفض القدرة الشرائية للأسر بحوالي 1,5 في المائة سنة 2022 عوض الارتفاع بنسبة 1,1 في المائة كمعدل نمو سنوي للفترة 2015-2019.
تعتبر أن استهلاك الإدارات العمومية، سيعزز من وتيرة نموه ليسجل ارتفاعا بنسبة 5,5 في المائة سنة 2022، نتيجة مواصلة ارتفاع نفقاتها، خاصة النفقات من السلع والخدمات، التي تمثل 15,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وهكذا، سيتباطأ الاستهلاك النهائي الوطني، ليسجل نموا بوتيرة 2,5 في المائة عوض 7,5 في المائة خلال السنة الماضية، ليساهم في النمو الاقتصادي بحوالي نقطتين سنة 2022 عوض5,9 نقط سنة 2021.
وتشير إلى أن الطلب العالمي الموجه نحو المغرب سيشهد تباطؤا في وتيرة نموه لتنتقل من 10,9 في المائة سنة 2021 إلى5,9 في المائة سنة 2022، معتبرة أن الطلب سيتأثر الاقتصاد الوطني بتداعيات الاختلالات التي تعرفها التجارة العالمية، خاصة نتيجة تباطؤ نمو أهم الشركاء التجاريين.
اشتداد الضغط على الميزانية
وعند تناول وضعية المالية العمومية، في السياق الراهن المضطرب جراء الحرب في أوكرانيا، تتوقع المندوبية أن تتأثر بالارتفاع الكبير للأسعار العالمية للمواد الأولية، الشيء الذي سينعكس على النفقات الجارية، التي سترتفع بحوالي 11 في المائة لتصل إلى في 20,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022.
وتعزى هذه الزيادة أساسا إلى الارتفاع المرتقب لنفقات صندوق المقاصة، التي ستبلغ حوالي 2,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، بفعل ارتفاع أسعار الغاز والقمح وإلى الإعانات المقدمة إلى مهنيي قطاع النقل من أجل تغطية تأثير تفاقم أسعار الوقود. كما يمكن تفسير هذه الزيادة في النفقات كذلك إلى زيادة النفقات من السلع والخدمات، التي ستستقر في حدود 15,9 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022.
غير أن المندوبية ترى أن نفقات الاستثمار ستعزز من مستوياتها رغم الظرفية الاقتصادية الراهنة، في إطار السياسة المتبعة من طرف الدولة والتي تهدف إلى الإقلاع الاقتصادي وخلق فرص الشغل عن طريق النفقات، حيث ستعرف النفقات الإجمالية زيادة بحوالي8,5 في المائة في العام الحالي لتمثل حوالي 26,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.
وتتوقع أن ترتفع المداخيل الجارية بشكل طفيف لتصل إلى20,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022 عوض19,9 في المائة خلال السنة الماضية، مدعمة بالزيادات المتوقعة على مستوى الضرائب المباشرة وغير المباشرة.
وستسجل المداخيل الواردة من الضريبة على الشركات قفزة نوعية، ارتباطا بالنتائج الجيدة لأنشطة الفوسفاط والأسمنت والقطاع المالي، حسب المندوبية، التي تترقب كذل تحسن مداخيل الضرائب غير المباشرة نتيجة الزيادة في مداخيل الضريبة على القيمة المضافة للواردات التي استفادت من ارتفاع قيمة الواردات وفي مداخيل الضريبة على الاستهلاك الداخلي خاصة الضريبة على المنتجات الطاقية. وستستقر المداخيل غير الجبائية في حدود2,6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022 عوض في المائة 2,9 سنة 2021.
وخلصت المندوبية إلى أن عجز الميزانية سيستقر في حدود5,4 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2022، أي بتفاقم مقارنة ب 3,7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي كمتوسط سنوي للفترة 2014 -2019.
وذهبت المندوبية إلى أن الضغوطات التي تعرفها ميزانية الدولة، ستؤدي إلى تفاقم الحاجيات التمويلية للخزينة، حيث ستضطر الخزينة إلى الاقتراض عبر اللجوء إلى الأسواق الدولية من أجل التخفيف من هذه الضغوطات على السيولة الداخلية، رغم ارتفاع معدلات الفائدة نتيجة تشديد السياسات النقدية من طرف البنوك المركزية الكبرى على المستوى العالمي، حيث يتوقع أن تقوم الخزينة بناء على القانون المالي لسنة 2022، باللجوء إلى الاقتراض الخارجي في حدود 40 مليار درهم.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
سياسة
اقتصاد