مجتمع
حرائق الشمال .. المتطوعون فرسان الحرب على النار
18/07/2022 - 23:40
يونس أباعلي
متسلحون بأدوات خفيفة، حاربوا النيران، في مواجهة مع مصاعب الطبيعة. يحرصون على التحرك سريعا، بشكل جماعي، وذلك ما تقف عليه عناصر الوقاية المدنية المشرفة على هذه التدخلات، إذ قد تفاجئك النيران في أية لحظة تعتقد فيها أنها خمدت، لأن هناك أصنافا من الأشجار والأعشاب سهلة الاحتراق، كما لو أنها تحمل الزيت في أوراقها.
لا يوجد ضمن المتطوعين أعضاء الجمعيات المدنية فقط، إذ التحق بهم عمال الإنعاش الوطني، والمستفيدون من برنامج "أوراش"، فلا همّ للجميع سوى العمل على إطفاء الحرائق.
في وزان، التي انتقل إليها طاقم SNRTnews، كان يوجد إلى جانب فرق التدخل أزيد من 70 متطوعا، أغلبهم شباب، وإلى جانبهم متقدمون في السن لم يرفضوا فكرة التطوع لإخماد نيران غابة أزرير، التابعة لجماعة زومي الواقعة في بداية سلسلة جبال الريف، وهي أكبر جماعات جهة طنجة-تطوان-الحسيمة.

الوزانيون ليسوا وحدهم من واجه الخطر، إذ ساهم العرائشيون والتازيون والتطوانيون والشفشاونيون في عمليات إخماد الحرائق المندلعة، وكان لهم دور كبير.
بدائرة مقرصات، القريبة بنحو 3 كلم من مكان النيران، والتي كانت تطل عليها مباشرة سحب حريق أزريز، تقبّل شبابٌ فكرة التنقل صوب الغابة، إن توسعت رقعته لا قدر الله.
سكان هذه البلدة، التي يلجأ إليها عناصر القوات المسلحة والوقاية المدنية للمبيت، على استعداد كما أكدوا، إذ تابعوا كل تفاصيل عمليات التدخل، وراقبوا كل يوم حجم سحب الدخان المطلة عليهم، فكثافتها تعني أن النيران اقتربت منهم.
في لحظة استراحة، تحدث متطوع في عقده الخامس مع SNRTnews، قائلا إن هناك جمعيات انخرطت في عمليات التدخل، ولأنه عضو بإحداها، لم يتردد في التوجه رفقة زملائه صوب غابة أزرير المشتعلة.

يأخذ نفسه ليسترسل في الحديث، وهو الذي خرج لتوه من محيط النيران، ليلفت إلى أنه مباشرة بعد علم السكان باشتعال الغابة، تعبّأ الجميع، دون تردد، فتواصلت السلطات المحلية مع المتطوعين، وأصبح الجميع مجندين ملتزمين بإنجاز مهمة.
من جانبه، أكد قائد بجماعة زومي، أشرف على عمليات الإطفاء، ضمن دردشة مع SNRTnews، أن هؤلاء المتطوعين عملوا من بزوغ الفجر إلى حلول الظلام، وبقي بعضهم في حالة تأهب أثناء الليل، تماما كما تفعل عناصر الوقاية المدنية والجيش الملكي، وكما فعل متطوعون بباقي المناطق.
تُحركهم توجيهات السلطات المحلية وفرق التدخل، فتراهم، بستراتهم الصفراء، تارة مجتمعين في مكان واحد، وتارة أخرى متفرقين إلى مجموعات، ليتعاركوا مع النيران، في حلبة ذات تضاريس وعرة، وطقس حار يرفع درجات الحرارة، ورياح شرقية، فتتكالب عليهم عوامل الخطر.
الأسلحة التي يعتمدها المتطوعون خفيفة، لكنها فعالة، إذ يحملون معهم المياه على ظهورهم في حقائب بلاستيكية لها أنابيب، عبارة عن مضخات، لرش الرماد والنيران الصغيرة، سواء التي بدأت تكبر رقعتها، أو تلك التي أطفأتها مياه الطائرات.
كما يعتمدون على آلات فلاحية معروفة، بهدف اقتلاع الأعشاب والأغصان ورش الرماد والنار بالأتربة، بينما ينضم آخرون إلى عناصر الوقاية المدنية، لحمل خراطيم المياه ورش الحرائق، والمساعدة في ملء الصهاريج، والعمل بجانب الآليات الثقيلة التي تقتلع الأشجار بعيدا عن رقعة النيران كي لا تتوسع.
جانب آخر من عمل هؤلاء المتطوعين برز أكثر في العرائش، حيث اقتربت النيران من السكان وأحرقت منازل وأردت حيوانات، إذ تحركت جمعيات مدنية ومواطنون لتقديم المساعدات للمتضررين، ونقلهم بعيدا عن الخطر، فيما اختار البعض توزيع مواد غذائية وقنينات ماء على المتضررين وعلى من كانوا في الصفوف الأمامية.
وتبقى أهم مرحلة في مهامهم، حين لم يتبق من النيران سوى القليل، إذ يتوجب عليهم أن يسارعوا إلى قتل "روح" اللهب، كي لا ينهض من جديد. لذلك لا يكفون عن العمل إلى حين التأكد من أن النار صارت رمادا.
ولأن التطوع الإنساني لا حدود له، فقد امتد في القصر الكبير إلى ما بعد الإطفاء، إذ تحتضن المدن الأسر التي تم نقلها من منازلها المتضررة أو المهددة، حيث يتم إيواؤها والتكفل بها، إلى أن يتأكد الجميع من أن الخطر زال.

مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع