اقتصاد
2022 .. مجهودات لمواجهة الجفاف والرفع من نسبة النمو
27/12/2022 - 16:33
وئام فراج
استقرار النمو في 1,1%
يتوقع بنك المغرب أن يسجل النمو الاقتصادي تباطؤا ملموسا في العام الحالي، ليستقر في حدود 1,1 في المائة، بعدما كان في العام الماضي في حدود 7,9 في المائة.
وعزا البنك، في بلاغ له على إثر اجتماع مجلسه، يوم الثلاثاء 20 دجنبر، تباطؤ النمو في العام الحالي إلى "تراجع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 15 في المائة ولتباطؤ وتيرة نمو الأنشطة غير الفلاحية إلى 3,4 في المائة".
بينما تترقب الحكومة نموا في حدود 1,4 في المائة في العام الحالي، يتوقع صندوق النقد الدولي، من جهته، أن ينحصر في حدود 1,25 في المائة.
وسجلت بعثة صندوق النقد الدولي، التي زارت المغرب في الفترة الأخيرة، أن الاقتصاد الوطني عرف العديد من الصدمات الخارجية التي كبحت الانتعاشة السريعة بعد الجائحة، مشيرة إلى أن الجفاف أثر بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي، بينما غذت الصدمات المرتبطة بالحرب في أوكرانيا التضخم وقلصت القدرة الشرائية.
ولاحظت أن انتعاش السياحة وتحويلات مغاربة العالم والصادرات ساهم في التخفيف من تلك الصدمات السلبية.
التضخم يخرج عن السيطرة
واصل بنك المغرب سياسته التشديدية، حيث قرر مجلسه في الاجتماع، الذي عقده في 20 دجنبر، رفع سعر الفائدة الرئيسي من 2 في المائة إلى 2,50 في المائة، في ظل ترقب ارتفاع التضخم إلى 6,6 في المائة في العام الحالي.
وأوضح والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، في الندوة الصحافية التي أعقبت مجلس البنك، أن هذه الزيادة تهدف إلى تفادي عدم تثبيت توقعات التضخم، وتسهيل عودة التضخم إلى نسب تنسجم مع هدف استقرار الأسعار، مبرزا أنه من السابق لأوانه استشعار تداعيات الزيادات في سعر الفائدة الرئيسي التي تم إجراؤها خلال شهري شتنبر ودجنبر من السنة الجارية.
وتأتي الزيادة في سعر الفائدة الرئيسي في ظل ترقب بلوغ التضخم 6,6 في المائة في العام الحالي، وهو معدل يتوقع البنك أن يتراجع إلى 3,9 في المتوسط في العام المقبل، قبل أن يرتفع مجددا في العام الذي بعده إلى 4,2 في المائة، نتيجة الرفع المبرمج للدعم عن المنتجات المستفيدة من نظام المقاصة.
وقد ارتفع معدل التضخم، في شهر نونبر، على أساس سنوي بنسبة 8,3 في المائة، مدفوعا بالزيادة التي سجلتها أثمان المواد الغذائية التي وصلت إلى 14,4 في المائة.
وتجلي، من آخر بحث حول الظرفية لدى الأسر، الذي تنجزه المندوبية السامية للتخطيط، أن 99,1 في المائة منها صرحت بأن أسعار المواد الغذائية قد عرفت ارتفاعا خلال 12 شهرا الأخيرة.
وعند سؤالها حول تطور أسعار المواد الغذائية، خلال 12 شهرا المقبلة، تتوقع 76,4 في المائة من الأسر استمرارها في الارتفاع، في حين لا يتجاوز معدل الأسر التي تنتظر انخفاضها 2,8 في المائة.
بطالة الشباب
كان لتداعيات جائحة كورونا، كذلك، وقع كبير على الاقتصاد الوطني، فرغم أن سنة 2022 تميزت ببداية التعافي من الجائحة وإطلاق ودعم مشاريع استثمارية، إلا أن البطالة مازالت تسجل معدلات مرتفعة، خاصة في صفوف النساء والشباب.
وحسب آخر مذكرة للمندوبية السامية للتخطيط حول وضعية سوق الشغل، طالت البطالة أكثر من 1,37 مليون شخص في المغرب في متم شتنبر الماضي، مسجلة ارتفاعا في صفوف النساء والشباب.
وأشارت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها إلى أن الاقتصاد الوطني فقد، بين الفصل الثالث من سنة 2021 ونفس الفصل من سنة 2022، 58 ألف منصب شغل.
كما لفتت إلى أن عدد النشيطين المشتغلين في حالة الشغل الناقص بلغ 911 ألف شخص على المستوى الوطني؛ إذ انتقل معدل الشغل الناقص من 9,5 في المائة إلى 8,5 في المائة على المستوى الوطني، ومن 8,6 في المائة إلى 7,5 في المائة بالوسط الحضري ومن 10,8 في المائة إلى 9,9 في المائة بالوسط القروي.
يشار إلى أن ضغط الظرفية المرتبطة بالسوق الدولية والجفاف، دفع الحكومة إلى رفع مخصصات المقاصة المبرمجة في قانون المالية في العام الحالي من 17 مليار درهم إلى 33 مليار درهم.
ارتفاع عجز الميزان التجاري
ارتفع عجز الميزان التجاري، في العشرة أشهر الأولى من العام الجاري، بحوالي 94 مليار درهم، مدفوعا، بشكل خاص، بالقفزة القوية التي شهدتها واردات المنتجات الطاقة والغذاء، خاصة القمح، وذلك في الوقت الذي واصلت صادرات الفوسفاط ومشتقاته والسيارات مساهمتها في التخفيف من تدهور ذلك العجز.
وحسب ما جاء في التقرير الشهري لمكتب الصرف، الصادر في فاتح دجنبر الجاري، بلغ عجز الميزان التجاري، في العشرة أشهر الأولى من هذا العام 260,8 مليار درهم، مقابل 166,7 مليار درهم في الفترة نفسها من العام الماضي، مسجلا زيادة بنسبة 56,4 في المائة.
وتراجع معدل تغطية الواردات بالصادرات، في متم أكتوبر الماضي، بـ57,6 في المائة، بعدما كان في حدود 60,2 في المائة في الفترة نفسها من العام الماضي.
توقعات بتسارع النمو في 2023
في ظل التذبذبات التي يشهدها الاقتصاد الوطني والمجهودات المتخذة للرفع من نسبة النمو ولإنعاش مختلف القطاعات الاقتصادية، يتوقع بنك المغرب أن يتسارع النمو الاقتصادي، في العام المقبل، ليصل إلى 3 في المائة، مدفوعا بارتفاع القيمة المضافة الفلاحية بنسبة 7 في المائة، مع فرضية العودة إلى تحقيق إنتاج متوسط من الحبوب في حدود 70 مليون قنطار، مترقبا، في الوقت نفسه، تباطؤ نمو الأنشطة غير الفلاحية إلى 2,4 في المائة، متأثرا، على وجه الخصوص، بتدهور المناخ الخارجي.
من جهة أخرى، يرتكز مشروع قانون المالية لسنة 2023 على فرضيات تحدد نسبة النمو في 4 في المائة، ونسبة التضخم في حدود 2 في المائة، وعجز الميزانية في حدود 4,5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
ويرى خبراء الاقتصاد أن فرضيات قانون المالية لسنة 2023 متفائلة بالنظر للوضع الراهن. وتساءل الخبير الاقتصادي والأستاذ بالمعهد العالي للتجارة وإدارة المقاولات بالدار البيضاء، محمد الرهج، في هذا الإطار، حول خطة الحكومة لتحقيق أربع نقاط إضافية، في ظل الركود الذي يشهده الاقتصاد العالمي، "ما يجعل من الصعب الوصول إلى نسبة نمو في حدود 4 في المائة".
وأبرز الرهج، في تصريح لـSNRTnews، أن المبادلات التجارية للمغرب تتم خصوصا مع الدول الأوروبية، "ومع الأزمة الحالية، يمكن أن يتراجع الطلب على المنتوجات المحلية ما من شأنه تعميق أزمة المقاولات المغربية والتأثير بشكل مباشر على نسبة النمو".
غير أن وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، أكدت، في عدة مناسبات، أن فرضيات قانون المالية واقعية وتأخذ بعين الاعتبار التطورات التي يعرفها الاقتصاد العالمي وأساسيات الاقتصاد الوطني.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
عالم
اقتصاد
عالم