اقتصاد
رصيد المغرب من العملة الصعبة .. صمود ويقظة
02/02/2023 - 13:42
وكالة المغرب العربي للأنباءمن المرتقب أن تعرف الأصول الاحتياطية الرسمية، التي تتمتع بقدرتها على الصمود، دينامية متواصلة. فبتقديرات تصل إلى 362,9 مليار درهم في سنة 2023 ثم إلى 371 مليار درهم في سنة 2024، لا تزال وضعية الأصول الاحتياطية الرسمية، باعتبارها المؤشر المرجعي الوحيد لاحتياطيات الصرف بالمغرب، قابلة للتحكم فيها نسبيا، غير أن اليقظة تبقى مطلوبة.
فبحسب التوقعات الأخيرة لبنك المغرب، بلغت الأصول الاحتياطية الرسمية 341,7 مليار درهم في سنة 2022، مما يعادل تغطية 5 أشهر و18 يوما من واردات السلع والخدمات في 2022. ومن المرتقب خلال السنة الجارية وسنة 2024 أن تغطي هذه الاحتياطيات حوالي 6 أشهر. وتعزى هذه القدرة على الصمود إلى عدة أسباب، يتعين مواصلة تعزيزها بغية جني مكاسب الأصول الاحتياطية الرسمية والاستفادة من آثارها الإيجابية على الاقتصاد الوطني، خاصة في مثل هذه الظرفية الحساسة.
وفي هذا السياق، قال المدير التنفيذي لـ"إف إل ماركتس" (FL Markets)، فريد مزوار، إن "الارتياح المسجل على مستوى الأصول الاحتياطية الرسمية يشكل مصدر دعم لقيمة الدرهم، مما يسمح على وجه الخصوص بكبح جماح التضخم".
ويشاطره هذا الرأي الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير التابعة لجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، المهدي فروحي، الذي أكد أن الأصول الاحتياطية الرسمية تمكن المغرب من الحصول على العملات الأجنبية، خاصة في ظل التضخم الحالي والتقلبات القوية على مستوى الأسواق الدولية، كما أن من شأنها زيادة الاستقلالية المالية للبلاد.
وأوضح مزوار، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه "نظرا لتفاقم عجز الحساب الجاري إلى 3,3 في المائة من الناتج الداخلي الخام، فمن المحتمل أن تكون قدرة الأصول الاحتياطية الرسمية على الصمود خلال سنة 2022 مرتبطة برصيد إيجابي من التمويلات الخارجية"، مضيفا أنه بشكل عام، يتم دعم الاحتياطيات من خلال تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي وصلت إلى 109 مليار درهم في 2022، إلى جانب انتعاش العائدات السياحية التي تضاعفت ثلاث مرات تقريبا.
وفي معرض تطرقه لمسار تطور الأصول الاحتياطية الرسمية، أورد السيد فروحي أن هذه الأخيرة شهدت ارتفاعا بنسبة 1,23 في المائة خلال الفترة الممتدة ما بين يناير 2022 ويناير 2023، موضحا أن هذه الزيادة همت بقدر أكبر الذهب النقدي (15,05 في المائة) والعملات الأجنبية (17,25 في المائة). ويمثل التباين بين القيم المسجلة في يناير 2021 ويناير 2023 أكبر تفاوت، حيث ارتفعت الأصول من حقوق السحب الخاصة خلال السنتين الماضيتين بأزيد من 140 في المائة، والذهب النقدي بأزيد من 14 في المائة.
وتابع أنه رغم ذلك، فقد شهدت العملات الأجنبية انخفاضا تجاوز 29 في المائة، والذي ي عزى بشكل أساسي إلى تفاقم الرصيد السلبي للميزان التجاري بنسبة 39,9 في المائة بين سنتي 2021 و2022، وذلك استنادا إلى الأرقام الصادرة عن مكتب الصرف. وأشار إلى أن "الواردات ارتفعت بنسبة فاقت 40 في المائة، مقابل ارتفاع الصادرات بأكثر من 41 في المائة. كما ارتفعت واردات المنتجات الرئيسية بين سنتي 2021 و2022 بأكثر من 47 في المائة".
وهكذا، ارتفعت واردات المنتجات الطاقية (المحروقات والغاز وغيرها) بأزيد من 110 في المائة، ويرجع ذلك أساسا إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق الدولية نتيجة الانتعاش الاقتصادي الذي صاحب فترة ما بعد كوفيد، وإلى ارتفاع تكاليف النقل، إلى جانب النزاع الروسي- الأوكراني. وارتفعت الواردات الأخرى مثل المواد الغذائية (القمح والشعير والسكر) والمنتجات الخام (الكبريت الخام وغير المكرر وزيت الصويا والخردة المعدنية والمعادن الأخرى) بنسب بلغت تواليا 48 في المائة و54 في المائة، في حين ارتفعت صادرات الفوسفاط بأزيد من 54,8 في المائة.
المراهنة على القطاعات المدرة للعملة
تعتمد قدرة الأصول الاحتياطية الرسمية على الصمود حتما على تعزيز القطاعات المدرة للعملات. وفي هذا الصدد، ت شكل صناعات السيارات والطيران والإلكترونيات والكهرباء والفلاحة والنسيج والجلد وكذا السياحة، قطاعات وفروعا حقق فيها المغرب تقدما ملموسا ومبهرا والتي يجب أن تواصل المملكة المراهنة عليها بغية الإبقاء على الأصول الاحتياطية الرسمية عند مستوى يبعث على الاطمئنان. وينبغي أيضا، بحسب رأي فروحي، الحرص على تقليل الاعتماد على الخارج من أجل توفير الطاقة، وذلك أساسا عبر تشجيع الاستثمار في الطاقات المتجددة (الطاقة الشمسية والطاقة الريحية).
وقال إن "الاكتشافات الأخيرة للغاز الطبيعي بالمغرب والإمكانات القوية من الغاز التي تتمتع بها بلادنا تعد بزيادة مهمة في الأصول الاحتياطية الرسمية وخفض حجم الديون في أفق السنوات المقبلة".
علاوة على ذلك، سلط الخبير الاقتصادي الضوء على الارتفاع المتوقع في نسبة الدين العام مقارنة بسنة 2022، مبرزا أن المندوبية السامية للتخطيط تتوقع زيادة، خلال السنة الجارية، تصل إلى 83,2 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، إلى جانب قروض خارجية تبلغ قيمتها حوالي 60 مليار درهم.
وفي هذا الصدد، ذكر بأن الديون المقومة بالعملات الأجنبية تؤثر بشكل مباشر على الأصول الاحتياطية الرسمية، وبالتالي فإن سداد الديون بالعملات الأجنبية يقلص من الأصول الاحتياطية الرسمية، في حين يرفع القرض بالعملات الأجنبية من حجمها.
وخلص فروحي إلى أن اللجوء إلى المديونية الخارجية ي مكن بلا شك من زيادة الأصول الاحتياطية الرسمية، لكن السداد قد يقلص أكثر من هذه الأصول نظرا لضرورة تسديد المبالغ التي تمثل كلا من رأس المال والفوائد.
مقالات ذات صلة
عالم
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد