مجتمع
لبؤات الأطلس .. نجمات تلهمن نساء المغرب
08/08/2023 - 21:00
وئام فراجحظيت لبؤات الأطلس بإشادة واسعة من مختلف المنابر الإعلامية الدولية والوطنية، فضلا عن سياسيين وأساتذة وفنانين، اعتبروا أن الإنجاز الذي حققه المنتخب النسوي مكنه من تسجيل اسمه في تاريخ كرة القدم، نظرا لكونه أول فريق عربي وشمال إفريقي يتجاوز عتبة مرحلة المجموعات في كأس العالم للسيدات.
نموذج يحتذى به
وفي هذا الإطار، اعتبرت أستاذة علم الاجتماع بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية، خلود السباعي، حضور لبؤات الأطلس في المونديال نموذجا يُحتذى به، مبرزة أن النموذج لا يبنى بالخطاب بل بالفعل.
وأكدت السباعي، في تصريح لـSNRTnews، أن "المشكل الأساسي الذي يواجه الشباب المغربي بصفة عامة يكمن في الإيمان بالقيم التي يسمع بها، والتي يسعى الآباء لتلقينها إلى أبنائهم، بحيث تعوّد الشباب والأطفال على أن يتحدث الكبار عن أشياء لا يطبقونها في الواقع"، وهو ما يخلق، وفق أستاذة علم الاجتماع، تنافرا بين القيم والواقع.
وفي المقابل، تضيف السباعي، عندما يتحقق إنجاز من هذا القبيل، فهو يفرض نفسه ويعطي نموذجا واقعيا للنجاح الذي يمكن أن تحققه النساء المغربيات عند منحهن الثقة.
وأشارت الأستاذة الجامعية، في هذا الإطار، إلى أن المنتخب المغربي النسوي لم يحظ منذ البداية بتشجيع كبير من طرف الجمهور، مقارنة بالمنتخب الوطني الأول في فعاليات كأس العالم قطر 2022، إذ لم تكن فئة عريضة من الجمهور مقتنعة بالمنتخب النسوي، بالإضافة إلى نظرة التنمر التي رافقته في مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن لبؤات الأطلس فرضن وجودهن وغيرن نظرة العديد من المتابعين لمباريات كرة القدم إلى النساء المغربيات.
نهضة مجتمعية
وأكدت السباعي أن الخطاب عندما يتحول إلى واقع يصبح أكثر إقناعا، مشددة على أهمية هذا النوع من الأحداث الملموسة لإحداث نهضة في كافة المياديين المجتمعية مثل النهضة الرياضية التي أحدثها المنتخب المغربي في فعاليات كأس العالم قطر 2022 والمنتخب النسوي الآن في كأس العالم للسيدات المقام في أستراليا ونيوزيلند.
وتابعت أستاذة علم الاجتماع بالقول إن "النساء عندما ينجحن يتحولن إلى نموذج، وحينما يتحولن إلى نموذج حقيقي يمكن اتباعه يتغير المجتمع بالقوة وليس باللين وبالخطاب، وهذا هو الطريق الحقيقي لتغيير القيم".
وأبرزت أن الحديث عن القيم يعني تغيير منظومة من التصورات والأفكار النمطية عن المرأة والرجل، سواء في التعليم أو في سوق الشغل أو غيرها من الميادين، "إذ أكدت لبؤات الأطلس أن النساء قادرات على النجاح في أي طريق يسلكنه، كما ألهمن النساء ليكتسبن الثقة في أنفسهن ويتشبثن بحلمهن في ولوج المجال الذي يرغبن فيه، وهذا الإلهام يتناقل عبر الأجيال ومن تم يساهم في تغيير مجتمع بأكمله".
اختراق مجالات ذكورية
من جهته، اعتبر الأستاذ والباحث في علم الاجتماع بجامعة القاضي عياض بمراكش، مولود أمغار، أن الإنجاز الذي حققه منتخب المغرب لكرة القدم للسيدات لم يأت من باب الصدفة أو الحظ، مبرزا أنه لا يمكن تفسيره بمعزل عن الديناميات والتحولات الاجتماعية التي يشهدها المجتمع المغربي.
وأوضح أمغار، في تصريح لـSNRTnews، أن هذا النجاح يأتي نتيجة جهد طويل ومستمر يتجلى في تحركات الحراك النسوي على مدار عقود مضت، مشيرا إلى أن أي مراقب لتطورات القضايا النسوية في المغرب يمكنه أن يلاحظ بوضوح الروابط المتينة بين المجال الرياضي ومجموعة متنوعة من المجالات الأخرى، حيث تحقق المرأة المغربية تقدما كبيرا.
وأضاف الباحث في علم الاجتماع أن المغرب شهد، خلال العقدين الأخيرين، تطورا ملحوظا في حقوق المرأة وتعزيز المساواة بين الجنسين، "الأمر الذي قدم فرصا نسبية للنساء لاختراق مجموعة متنوعة من المجالات التي كانت تعتبر تقليديا حكرا على الرجال، وذلك بفضل التعليم والانفتاح على تبني تغييرات إيجابية".
وفي المقابل، أكد أمغار على ضرورة عدم تجاهل الفرق في العمر الرياضي للنساء مقارنة مع الرجال على مستوى الممارسة، لافتا إلى أن "تأخر المرأة في دخول مجال الرياضة وتحقيق وجود قوي فيه يعكس التحديات التي نواجهها كمجتمع في تغيير تصوراتنا حول المرأة ومكانتها في الفضاء العام، وذلك بسبب نمط التفكير الاجتماعي الذي كان وما يزال بأشكال مختلفة يصوّر الجسم الأنثوي على أنه يفتقد للتحمل والخشونة والقوة المطلوبة لممارسة بعض الرياضات مثل كرة القدم".
تحقيق التميز
وفي هذا الإطار، اعتبر أمغار أن المنجز الذي حققه منتخب المغرب لكرة القدم للسيدات فرصة مواتية للانتشاء والفرح، وفي الوقت نفسه فرصة للوقوف والنظر إلى الفوائد والتأثيرات الاجتماعية الإيجابية المرتبطة بحقوق المرأة في ممارسة الرياضة، وأيضا النظر عن كثب إلى الصعوبات والتحديات التي لا تزال تواجه هذه الحقوق، مبرزا أن التفكير بشكل عميق في هذا الحق والعمل على تطويره أمر ضروري لترسيخ مبدأ المساواة بين الجنسين وتحقيق توازن أفضل في المجتمع لزيادة معدل الإبداع الفردي والجماعي.
من جانب آخر، أكد أمغار أن "الدعم الذي حظيت به لبؤات الأطلس يعكس إلى حد ما تطورا إيجابيا في الوعي الجماعي بمكانة المرأة، ويتضمن اعترافا ضمنيا بحقوقها المستحقة. إذ تعتبر النجاحات الرياضية واحدة من العديد من الإنجازات التي تؤكد على قدرتها على تحقيق التميز ولعب دورًا أكبر وأكثر تأثيرًا في تشكيل وبناء مجتمعها".
كما أن التفاعل الإيجابي والدعم من الجمهور، يضيف الأستاذ الجامعي، يمثلان مؤشرا على التطور الاجتماعي، فهو يعزز الفهم لدور المرأة ومساهمتها في مختلف المجالات، ويعكس التحولات الإيجابية التي تحدث في التصورات والخطابات والقيم والمعتقدات.
ويتوقع أمغار أن الإنجاز الذي حققه المنتخب النسوي لكرة القدم بمثابة تتويج آخر ينضاف إلى ما حققته المرأة المغربية إلى حد الآن، والذي من شأنه أن يُلهم الأجيال الصاعدة من النساء، ويٌحفزهن أكثر على اكتساح المزيد من الفضاءات الاجتماعية التي كانت حكرا على الرجال، وسيمنحهن القدرة على تحقيق أهدافهن والمساهمة بشكل فعّال في تطوير المجتمع.
كما ستشجع هذه الإنجازات، وفق المتحدث ذاته، على تعزيز قيم التكافؤ والمساواة بين الجنسين، وستساهم أيضا في تعزيز التفكير المجتمعي بأهمية مشاركة المرأة في مختلف الميادين ودعمها للتطور والتقدم في مسارها.
مقالات ذات صلة
رياضة
رياضة
رياضة
رياضة