مجتمع
تقرير رسمي : الخصاص يهدد الجودة والولوج إلى الخدمات الصحية
29/11/2023 - 21:12
يونس أباعلي
اعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه بالرغم من تحسّن عرض العلاجات الصحية بالمغرب في السنوات الأخيرة، إلا أن العرض يظل دون ما تقتضيه دينامية تعميم التغطية الصحية، خصوصا في ما يخص توزيعه على المجالات الترابية، مؤكدا أن النقص في الموارد البشرية الصحية يهدد الجودة والولوج إلى الخدمات.
في نقطة يقظة حول النقص في الأطر الطبية، في إطار تقريره السنوي الثاني عشر، رأى المجلس نفسه أنه إذا كان تمويل ورش تعميم منظومة التغطية الصحية شرطٌ لضمان استدامتها، فإن توفير الرأسمال البشري الطبي اللازم يكتسي أهمية أكبر بالنظر لدوره الحاسم في حسن سير هذه المنظومة واضطلاعها بأدوارها على الوجه الأمثل، خصوصا أن مشروع إصلاح المنظومة الصحية جاء بهدف تجاوز أوجه القصور التي تعاني منها المنظومة وتوفير علاجات ذات جودة للمواطنين.
وضعية الرأسمال البشري
يشير في هذا الصدد إلى أنه من المتوقع أن يتفاقم الخصاص في أعداد مهنيي الصحة في السنوات المقبلة، لذلك فإن هدف تحقيق نسبة التغطية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية (4,45 مهني صحة لكل 1000 نسمة) صار أكثر صعوبة وسيبقى رهينا بمدى قدرة مؤسسات التكوين على رفع أعداد الخريجين والاحتفاظ بالمهنيين خصوصا بالقطاع العمومي.
وانتقد طول مدة تكوين مهنيي الصحة، خاصة الأطباء، وكذا كلفته، إذ يعتبر أن هذا يجعله غير متاح لعديد من المهتمين بهذا التخصص المهني، في وقت تشكل المهام الإدارية عبئا إضافيا عليهم يؤثر على جودة وظروف الاشتغال.
وشدد على أن الحد من هجرة الكفاءات المغربية يقتضي تغيير البراديغم الحالي في ما يتعلق بتدبير المسار المهني للعاملين بالقطاع، بما يسمح بإرساء ممارسات تمكن من الاحتفاظ بهم، من خلال تبني آليات للتشجيع والتحفيز وتعزيز مهاراتهم ومكافأة مجهوداتهم.
وأكد المجلس أن إشكالية الموارد البشرية في قطاع الصحة لا تهم الوزارة الوصية وحدها، إذ رأى أنها تتسم بطابعها العرضاني حيث تقتضي انخراط مختلف الأطراف الفاعلة المعنية بما فيها القطاع الخاص وتعزيز التنسيق بينها.
ويؤدي النقص في المهنيين إلى صعوبة الولوج إلى العلاجات والتأثير سلبا على تجربة المواطن مع المرفق الصحي، كما يقول المجلس الذي أورد مثال طول فترات الانتظار للحصول على موعد، مشيرا إلى أن مؤشر ثقة الأسر سنة 2022 يكشف أن 60,8 في المائة منها ما تزال تعتبر أن جودة الخدمات الصحية تعرف تدهورا مقابل 12,6 في المائة فقط ترى العكس.
ما الذي يتوجب القيام به؟
المصدر نفسه نوّه بالقانون الإطار رقم 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، والذي يحدد الأهداف الأساسية للإصلاح، منها اعتماد منظومة أجور ترتكز في جزء منها على ربط الأجر بإنجاز العمل، وإحداث الهيئة العليا للصحة، وتنفيذ برنامج للرفع من عدد المهنيين في أفق سنة 2030 بتخصيص 3 ملايير درهم، وبلوغ عتبة 24 مهني لكل 10.000 نسمة وإحداث 3 كليات للطب و3 مراكز استشفائية.
غير أنه من خلال التشخيص الذي قام به المجلس، قال في نقطة اليقظة إنه من الواجب إعادة النظر في حكامة القطاع لتجاوز اختلالاته البنيوية.
ويقترح في هذا السياق وضع إطار مرجعي للمهن والكفاءات يحدد الصلاحيات والمهام، وتعزيز إمكانيات التناوب والحركية المهنية، وإرساء نظام للرفع التدريجي للأجور وتعزيزه بتعويضات، وتوظيف أكبر عدد من الإداريين لتخفيف العبء، وتوسيع الاعتراف بالشهادات.
كما أوصى بالتسريع بتنفيذ بنود الاتفاقية الإطار الموقعة في 25 يوليوز 2022 بين القطاعات الوزارية المكلفة بالصحة والتعليم العالي والاقتصاد والمالية، الرامية إلى رفع عدد المهنيين في أفق سنة 2030، وإحداث كلية للطب ومركز استشفائي في كل جهة.
ويرى أنه يتوجب إشراك مجالس الجهات في تدبير السياسة الصحية على المستوى الترابي، واستثمار التكنولوجيا الجديدة وإعادة النظر في نماذج التكوين وتوجيه اختيارات الشباب.

مقالات ذات صلة
مجتمع
تكنولوجيا
مجتمع
سياسة