اقتصاد
ماذا نعرف عن الهيدروجين الأخضر ولماذا يحظى باهتمام المغرب؟
09/03/2024 - 12:03
وئام فراجيحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام كبير من طرف دول العالم الراغبة في تلبية الطلب المتزايد على مصادر الطاقة الخالية من الكربون. ويسعى المغرب بدوره لتسريع وتيرة تطوير مصادره من الطاقات المتجددة، عبر وضع استراتيجية طاقية تروم ضمان استقلالية المملكة في المجال وتقليص الانبعاثات الغازية. فما المقصود بالهيدروجين الأخضر؟ وما هي خطة المغرب لتحقيق ريادة قارية في هذا المجال؟
ينتج الهيدروجين الأخضر، وفق خبراء الطاقة، عند القيام بفصل المياه عن طريق التحليل الكهربائي، والذي يستلزم تمرير تيار كهربائي خلالها. ويُعرف بكونه وقود عالمي خفيف وعالي التفاعل، "وتستخدم هذه الطريقة تيارا كهربائيا لفصل الهيدروجين عن الأكسجين في الماء، بحيث يؤدي الحصول على هذه الكهرباء من مصادر متجددة، إلى إنتاج طاقة دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي".
استخدامات الهيدروجين الأخضر
وظهر الهيدروجين كأحد الخيارات الرائدة لتخزين الطاقة من مصادر الطاقة المتجددة ونقلها لمسافات طويلة؛ أي من المناطق ذات موارد الطاقة الوفيرة إلى المناطق التي تعرف محدودية في الطاقة على بعد آلاف الكيلومترات.
وأكدت حكومات الدول الرائدة في الطاقات المتجددة أن الهيدروجين الأخضر ركيزة أساسية من أجل اقتصاد أخضر خالي من الانبعاثات الكربونية.
وبالإضافة لكون الهيدروجين الأخضر صديق للبيئة، له أيضا دور هام في الانتقال الطاقي، خصوصا في القطاعات التي لا تستطيع الاعتماد على الكهرباء فقط، إذ يمكن للهيدروجين الأخضر، حسب خبراء الطاقة الدوليين، توفير الحرارة لصناعة الزجاج أو تشغيل السفن والطائرات.
وأكد الخبراء أن الهيدروجين لا يعد مصدرا للطاقة بل ناقلا لها، أي يمكن استخدام الكهرباء الزائدة الناتجة عن محطات الطاقة الشمسية لإنتاج هيدروجين أخضر، وتخزينه من أجل استخدامه في وقت لاحق، عندما تواجه هذه المحطات صعوبة في تلبية الطلب.
كما يستخدم الهيدروجين أساسا كبطارية لتخزين الطاقة التي يتم إنتاجها خلال أشهر الصيف بهدف استخدامها في فصل الشتاء.
عرض مغربي منتظر
كان المغرب، الذي يستورد أكثر من 90 في المائة من حاجياته من الطاقة، بلور استراتيجية قبل 15 عاما في مجال الطاقات المتجددة، التي أضحت تمثل حوالي 38 في المائة في المزيج الطاقي، علما أن المغرب انخرط عبر الاستراتيجية منخفضة الكربون في أفق 2050 في مسار يراد من ورائه الوصول إلى 80 في المائة من الطاقات المتجددة في أفق 2050.
ويعتبر المركز المغربي للظرفية أن الاهتمام بالهيدروجين يندرج ضمن رؤية للريادة في الطاقات المتجددة، فالمغرب بما يتوفر لديه من شمس ورياح قوية وقرب جغرافي استراتيجي من الأسواق الأوروبية يتوفر على جميع المؤهلات لكي يتموقع كفاعل رئيس في هذا القطاع الصاعد.
ويشدد المركز المغربي للظرفية على أن المؤهلات التي يتوفر عليها المغرب تنسجم مع الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، الذي شدد على أهمية الهيدروجين الأخضر في الاستراتيجية الطاقية الوطنية.
ويراد عبر خارطة الطريق المغربية تنويع باقة الطاقة، مع خلق نموذج اقتصادي وصناعي يلائم الهيدروجين الأخضر كمصدر جديد للطاقة.
وقد أكد أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال المؤتمر الدولي الرابع حول النقل المستدام الذي شهدته مراكش في 2020، على أهمية تطوير الهيدروجين الأخضر بهدف إزالة الكربون من العديد من القطاعات الاقتصادية، معتبرا أنه يمكن للمغرب أن يستقطب 4 في المائة من الطلب العالمي على الجزيئات الخضراء.
وسبق أن أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، أن الهيدروجين الأخضر يدخل ضمن الحلول التكنولوجية الواعدة التي من شأنها تلبية الطلب على مصادر الطاقة الخالية من الكربون، وذلك في ظل التنافسية التي تتميز بها الطاقات المتجددة.
وأوضحت بنعلي، خلال فعاليات مهرجان الرباط للعلوم، أن "عرض المغرب" في مجال الهيدروجين الأخضر عملي ومحفز، أصبح ضروريا لتنفيذ التزام المملكة لصالح الاستدامة والابتكار، مشيرة إلى أن المملكة انخرطت في مسار التنمية المستدامة عبر وضع استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة والتي يتم حاليا إعادة صياغتها، وذلك تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الهادفة لتحقيق تنمية مستدامة وتحول طاقي ناجع.
وتسمح هذه الاستراتيحية بتحقيق تكامل وتقارب في السياسيات القطاعية، نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز نماذج جديدة للتقدم المبني على أساس اقتصاد أخضر وشامل.
ويرتقب أن تكشف الحكومة عبر مرسوم عن تفاصيل عرض المغرب الخاص بالهيدروجين، علما أن مجلس الطاقة العالمي بألمانيا، سبق أن صنف المغرب واحدا من خمسة بلدان تتوفر على أكبر إمكانات لإنتاج وتصدير الجزئيات الخضراء (الأمونيا والميثانول).
10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر
ويرى مسؤولو شركة " طاقة المغرب" أن المملكة تتوفر على امتيازين مهمين على مستوى الهيدروجين الأخضر؛ حيث يتمثل الأول في القرب من أوروبا التي تتطلع إلى الحصول على 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر في أفق 2030 ويكمن الثاني في تنوع مصادر الطاقة المتجددة.
وأمنت شركة "طاقة المغرب"، المدرجة في بورصة الدار البيضاء، عبر العقار العمومي 70 ألف هكتار بالداخلة من أجل تخصيصه لتوفير الهيدروجين الأخضر، غير أن رئيس مجلس إدارة "طاقة المغرب" عبد المجيد العراقي الحسيني، أكد، في آخر ندوة صحفية بمناسبة تقديم النتائح السنوية، أن حجم الاستثمار الذي تداوله في ذلك المشروع والذي حدد في 96 مليار درهم، لا يعدو أن يكون مجرد تقديرات، وليس إعلانا صادرا عن الشركة.
وأعلن مشروع "وايت ديونز" (الكثبان البيضاء)، الذي تقوده الشركة المغربية "فالكون كابيتال الداخلة"، في وقت سابق، عن شراكة استراتيجية مع شركة "هيدروجين فرنسا" (HDF ENERGY)، من أجل إحداث محطة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في قلب جهة الداخلة - وادي الذهب، باستثمار أولي يقدر بـ2 مليار دولار.
ويندرج هذا المشروع في إطار الرؤية الرائدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل جعل المغرب رائدا عالميا في مجال الطاقة الخضراء.
ويسعى مشروع "وايت ديونز" (الكثبان البيضاء)، الذي يطمح في التموقع كأحد الفاعلين المرجعيين في قطاع الطاقة المتجددة بالمغرب، إلى الاستفادة من 14 عاما من الخبرة التي تتمتع بها المملكة المغربية في مجال الطاقة النظيفة، ومن منظومة مواتية للابتكار والاستثمار.
تقليص الانبعثات الغازية
تعتمد الاستراتيجية الطاقية للمغرب على 3 ركائز أساسية تتعلق بتطوير الطاقات المتجددة والنجاعة الطاقية، والتكامل الإقليمي. كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى ضمان استقلالية المملكة الطاقية والإسهام في تقليص الانبعثات الغازية.
وأعطى جلالة الملك محمد السادس خلال ترؤسه جلسة عمل خصصت لتطوير الطاقات المتجددة والآفاق الجديدة في هذا المجال، الثلاثاء 22 نونبر 2022 بالقصر الملكي بالرباط، تعليماته ببلورة "عرض المغرب" عملي وتحفيزي في أقرب الآجال، يشمل مجموع سلسلة القيمة لقطاع الهيدروجين الأخضر بالمغرب. ويتعين أن يشمل، إلى جانب الإطار التنظيمي والمؤسساتي، مخططا للبنيات التحتية الضرورية.
وأكدت وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة عملها على وضع مخططات الاستثمار ومراقبة ومتابعة هذه المخططات مع القطاعين العام والخاص، بهدف خلق بيئة مواتية للاستثمار النظيف والبحث والتطوير وتعزيز آفاق التصدير، وبالتالي تقوية مكانة المغرب في المجال الطاقي على المستوى الوطني والدولي.
كما شددت الوزيرة بنعلي على ضرورة اتباع نهج صارم وعملي لتحقيق هدف البلوغ إلى 52 في المائة من الطاقات المتجددة قبل عام 2030، وتحقيق مختلف الأهداف المسطرة في المجال، مؤكدة أن المغرب يسعى لخلق شراكات لتقوية القطاع وجعله أكثر مرونة، فضلا عن خلق نظام بيئي مناسب لنمو وتطور الهيدروجين الأخضر بالمغرب في كافة المجالات.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد