نمط الحياة
جامع القرويين وجامعته .. إشعاع تاريخي قاري وعالمي
03/04/2024 - 17:49
وئام فراجوفي هذا الإطار، اعتبر البروفيسور الخضر عبد الباقي محمد، مدير المركز النيجيري للبحوث العربية، بجمهورية نيجيريا الاتحادية، خلال ندوة علمية نظمتها وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بتعاون مع مؤسسة دار الحديث الحسنية، اليوم الأربعاء 03 أبريل 2024، أن جامعة القرويين مفخرة مدينة فاس وجوهرتها عبر التاريخ، مشيرا إلى وجود عدة تجليات تعكس دور مدينة فاس العلمي والحضاري والذي جعلها تسمى بالعاصمة العلمية للمملكة.
إشعاع إفريقي
ويرجع الفضل في الكثير من الإشعاع الذي تميزت به مدينة فاس إلى جامعة القرويين التي امتازت منذ تأسيسها بأدوارها الدينية والاجتماعية والعمرانية وإشعاعها العلمي منذ العصر الإدريسي، يضيف البروفيسور الخضر، مبرزا أنها اشتهرت بغزارة علمها واتساع نشاطها العلمي ليشمل العلوم الشرعية والكونية والعقلية، فضلا عن العمق العلمي الذي كان يميز المدرسين فيها وقدرتهم على البحث والمشاركة.
وتطرق المحاضر النيجيري، في حديثه خلال الندوة التي تحمل عنوان "جهود جامع القرويين وجامعته في خدمة التراث الإسلامي؛ العناية بالمخطوطات نموذجا"، المنظمة بمناسبة مرور ألف ومائتي سنة على تأسيس جامعة القرويين، إلى إشعاع جامع القرويين في إفريقيا جنوب الصحراء.
وأكد أن جامع وجامعة القرويين اعتبرا أيقونة مميزة للجذب والتلاقي بين مختلف الشعوب والأنصار وقبلة يقصدها المتعطشون للعلم والمعرفة من كل مكان، بحيث لم تكن وجهة لطلبة العلم من شمال إفريقيا فقط بل أيضا وجهة لطلاب من العالم العربي والغربي الذين كانوا يقبلون عليها للتزود بالعلم على يد علمائها وشيوخها والاستفادة من مكتبتها الضخمة.
وزاد اهتمام علماء إفريقيا جنوب الصحراء أو بلاد السودان الغربي بهذه المعلمة، يضيف الخضر، بحيث تجسد ذلك في نماذج ومظاهر مثل الإجازات العلمية والمخطوطات والعلاقة بين المراكز والحواضر الدينية.
وشدد على ضرورة استحداث طرق جديدة لاستمرارية هذا الدور وهذا الإشعاع خاصة بما يتواكب مع المستجدات العصرية، وأن يكون هناك اهتمام وتركيز وبوصلة لاستمرار هذا الإشعاع خاصة في البلدان الإفريقية جنوب الصحراء، داعيا إلى تخصيص منح دراسية إضافية لاستقطاب الطلبة والشباب من المجتمعات الإفريقية اسمرارا لهذا التواصل وهذا الدور.
أقدم الخزانات
من جهة أخرى، تطرق المحاضرون إلى أهمية المخطوطات التي تتوفر عليها خزانة القرويين، مبرزين أن جامع القرويين كان حركة علمية فكان قبلة العلماء وكبار العلم مستفيدا من رعاية ملوك الدولة المغربية وعنايتهم، وخلال تلك الحركة نشطت خزانة الجامع ومكتبته بما تضمنته من نفائس المخطوطات والآثار العلمية.
وفي هذا الإطار، أكد عبد الفتاح بوكشوف، محافظ خزانة القرويين، أن خزانة القرويين حظيت منذ تأسيسها إلى هذا اليوم بعناية خاصة من طرف سلاطين الدولة المغربية، مبرزا أنها تعد واحدة من بين أقدم الخزانات وأكثرها إشعاعا في العالم الإسلامي؛ إذ ظلت نشيطة ومؤدية لخدماتها العلمية منذ تأسيسها قبل ما يقارب 7 قرون إلى اليوم.
وساعد هذا الرصيد، الذي دعمه وقواه ارتباطها بجامع القرويين، يضيف بوكشوف، في كلمته، في جعل خزانة الجامعة مصدر إشعاع ثقافي وذاكرة فكرية ومعلمة حضارية عبر التاريخ وملجأ للباحثين في مختلف أنحاء العالم.
ويرجع تأسيس خزانة القرويين إلى منتصف القرن الهجري على يد دولة بني مرين (الدولة المرينينة) الذين عرفوا بحب العلم واشتهروا بالإكثار من بناء المدارس بالمغرب خصوصا في قاعدة ملكهم مدينة فاس.
وأصبحت وقفا مؤبدا لجميع الناس في سبيل طلب العلم وتسهيلا لمن أراد القراءة والنسخ منها، يقول بوكشوف، "وظلت نشيطة محققة لأهدافها إلى أن قام السلطان السعدي أحمد المنصور الذهبي بإضافة جناح آخر للخزانة، والذي ظل يعرف بالقبة السعدية وحبس عليها بقلمه عددا كبيرا من المصنفات بمختلف العلوم".
وعرف عن سلاطين المغرب، وفق المتحدث ذاته، منذ وقت مبكر حبهم للتواصل الثقافي والتهادي العلمي مع المشارقة، وكان الملوك والأمراء يعمدون إلى انتساخ الكتب النفيسة والقيمة ليبعثوا بنظائرها إلى المشرق أحيانا في شكل هدايا وأحيانا أخرى في شكل مبادلات، وفي مقابل ذلك كان ملوك المغرب يحرصون أيضا على جلب النوادر العربية من مختلف الجهات لإغناء الخزينة بمختلف الكتب والمخطوطات.
وشدد المحاضرون، في ختام مداخلاتهم، على أهمية الحفاظ على هذه المخطوطات والإشعاع الدولي لجامع وجامعة القرويين، فضلا عن مضاعفة المجهودات المتعلقة بالتحقق من النصوص العلمية والتراثية التي تحتوي عليها.
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
نمط الحياة
سياسة