اقتصاد
الخبير أبركاني: الفرز الجيني للمزروعات فعال ضد الجفاف
07/05/2024 - 11:59
وئام فراج
انخرط المغرب منذ سنة 2015 في الزراعة الرقمية، كحل لمواجهة التغيرات المناخية وإشكالية الاحتباس الحراري. وساهم مجموعة من الباحثين الزراعيين في تعزيز الأبحاث المتعلقة بهذه التكنولوجيات؛ من بينهم الخبير في العلوم والهندسة الزراعية كمال أبركاني.
يسعى الباحث الزراعي كمال أبركاني، أستاذ جامعي بالكلية متعددة التخصصات بجامعة محمد الأول بالناظور إلى البحث عن وسائل حديثة وإدماج جميع التكنولوجيات الرقمية من أجل سقي معقلن والاعتماد على الفرز الجيني لعدة أصناف جينية من أجل التوصل لبذور مقاومة للجفاف وذات مردودية مرتفعة.
وفي هذا الحوار، يوضح أبركاني أهمية استعمال التكنولوجية الرقمية في الزراعة، كما سيقربنا من المشاريع الدولية التي مثل بها المغرب داخل وخارج المملكة، وعلى أهم النتائج التي توصل إليها في مجال البحث الزراعي.
كيف ينخرط المغرب في البحث الزراعي على الصعيد الدولي؟
انخرط المغرب في عدة برامج بشراكة مع الاتحاد الأوروبي وباقي شركائه الدوليين، مثل مشاريع "Prima"و "Horizon Europ" و"fosc era-net" التي تعنى بمجال البحث الزراعي.
ويتم إطلاق طلبات عروض تتعلق بهذه المشاريع، ثم يجتمع الباحثون والشركات والشركاء عبر العالم لدراسة طلبات العروض، ولا تتعدى مدة هذه المشاريع في الغالب 3 إلى 4 سنوات حسب المواضيع المختارة.
ومنذ سنة 2021، انخرطتُ كباحث زراعي مغربي في مشروعين، يهم الأول "DATI-Prima" حول موضوع: Digital Agriculture Technology for Irrigation، والذي تبلغ مدته 3 سنوات، وتشارك فيه خمس دول من بينها المغرب وهي إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال، والثاني "C4C-FOSC" حول موضوع: Tracking Crops for climate change المتعلق بالفرز الجيني.
ويتعلق المشروع الأول بإدماج التكنولوجيات الرقمية من أجل سقي معقلن، بحيث قمنا باستعمال هذه التكنولوجيات وإنجاز عدة أبحاث في إقليم الدرويش على زراعات البطيخ والطماطم، وحصلنا على نتائج جد إيجابية من ناحية الاقتصاد المائي.

كيف اشتغلتم كفريق عمل دولي على هذا المشروع؟ وما هي الخلاصات التي توصلتم إليها؟
كان العمل متكاملا، إذ قام البرتغاليون بابتكار نوع من "مجسات التربة" وهي تكنولوجية حديثة لقياس ومراقبة عوامل مختلفة مثل رطوبة التربة، وغير مكلفة بالنسبة للفلاح، وتم اختبار هذه المجسات في الحقول المعنية بالمغرب.
أما الباحثون الإسبان، استعملوا تقنيات الدرون ذات كاميرات متعددة الأطياف التي تقوم بتشخيص الوضعية المائية للنباتات، فيما قام الباحثون الإيطاليون بالاعتماد على الأقمار الاصطناعية من أجل معرفة الوضعية المائية للنباتات، واستعمل الباحثون الفرنسيون تطبيقا ذكيا عبر الهاتف يمكن من تشخيص الماء ومواد الآزوت الموجودة في التربة، فضلا عن الفوسفور والبوتاسيوم الموجود في النباتات.
وقمنا بثلاث تجارب لمدة 3 سنوات، وتمكنا من خلالها من الحصول على نتائج جد إيجابية مكنتنا من اقتصاد الماء، ولمسنا تأثير هذه التكنولوجية على الزراعات من الناحية الفزيويويجية والنمو والإنتاج.

ماذا عن مشروع الفرز الجيني؟
بالنسبة للمشروع الثاني الذي نشتعل عليه يعتمد أساسا على الفرز الجيني لعدة أصناف جينية (مثل البادنجان والحبوب والأرز).
وفي المغرب نعمل على اختبار أنواع من هذه البذور المقاومة للجفاف، حيث اختبرنا حوالي 40 صنفا جينيا مع الأصناف التي تباع في المغرب وبعض الأصناف المغربية الحرة.
وتمكنا من تقليل استعمال المياه في هذه التجارب بنسبة 50 في المائة، كما أظهرت بعض الأصناف الجينية نتائج جد جيدة، لذلك طلبنا تمديد هذا المشروع الذي انطلق سنة 2021 إلى غاية سنة 2025، قبل عرض نتائجه الأخيرة.
ونؤكد أن الفرز الجيني خيار مهم لمواجهة تداعيات الاحتباس الحراري، وقد قمنا بعدة اجتماعات على الصعيد الدولي لإظهار ذلك وتم تقديم هذا المشروع في مؤتمرات دولية، وشهد إقبالا كبيرا على نتائجه، لأنه يظهر أن الفرز الجيني أحد الحلول الناجعة في المستقبل لمواجهة الإجهاد المائي.
أنتم الآن في إيطاليا للحديث عن هذه الأبحاث، ما هي أهدافكم الأخرى؟
نعم، أنا الآن في إيطاليا من أجل 3 أهداف، الأول هو إعطاء طلبة الماستر والإجازة والدكتوراه بشعبة البيولوجية الحيوية في جامعة ميلانو عدة دروس في تخصصات متنوعة تتعلق بالعلوم النباتية وعلوم الجينات، وذلك بدعوة من الجامعة.
كما نناقش تأثير التغيرات المناخية على الإنتاج الزراعي في دول البحر الأبيض المتوسط بالاعتماد على نتائج الأبحاث التي نقوم بها، وتأثير التغيرات المناخية على جودة الفواكه ونموها.
ونعمل أيضا على تقديم أمثلة عن التجارب الزراعية التي نقوم بها في المغرب وتخطيط التجارب الزراعية، والحديث عن التكنولوجيات الحديثة التي نستعملها للحد من تأثير الجفاف على القطاع الزراعي.
كما نقوم بتلقي تكوين حول بعض التجارب التطبيقية، في أحد مختبرات "Biosciences" بجامعة ميلانو للزرع في المختبر "Cultures In vitro"، واستعمال التعديل الجيني باستعمال تقنية جد متطورة في علوم الجينات "Crisper-Case 9" للتعديل الجيني من أجل تحسين مقاومة النباتات للجفاف.

ونعمل على تجارب اختبار عدة أصناف من نبات الأرز المقاوم للجفاف باستعمال تقنيات متطورة للفرز والتعديل الجيني، من أجل تحقيق السيادة الغذائية.
من جهة أخرى، نهدف إلى البحث عن شركاء من أجل عقد شراكات في الميدان العلمي والبحث الزراعي والانخراط في التجارب الدولية، وتبادل الطلبة الباحثين بين الجامعات المغربية وجامعة ميلانو.

ثم، لدينا اجتماعات أخرى لعرض النتائج الأخيرة من المشروع "داتي بريما" مع الشركاء، والانخراط في مشاريع أخرى في المستقبل.
هل يواجه المغرب أي معيقات تحد من نجاعة رقمنة المجال الزراعي؟
ينخرط المغرب بشكل فعال في مجال الرقمنة، إلا أن المشكل الأساسي يكمن في كيفية تحسيس المزارع المغربي البسيط، (الصغير والمتوسط) بأهمية استعمال الرقمنة، وهنا يوجد منعطف يسعى المغرب لتجاوزه في السنوات الأخيرة، إما عبر التحسيس أو بتقديم بعض العروض لانخراط هؤلاء المزارعين الذين يشكلون ما بين 60 إلى 70 في المائة من المزارعين المغاربة في مجال الرقمنة، وذلك بغض النظر عن المزارعين الكبار الذين لديهم فرق تقنية تهتم بالرقمنة.
ويمكن التأكيد على وجود إرادة قوية للمغرب من أجل المضي في هذا التوجه مع شركاء دوليين مختصين في رقمنة القطاع الزراعي، وهناك عمل سيتم في السنوات المقبلة بالتعاون مع الباحثين المغاربة في هذا المجال.

كما نقترح طلب عروض وطنية عبر المركز الوطني للبحث العلمي من أجل رقمنة الميدان الزراعي وتكثيف الجهود ما بين الوزارات الوصية بهدف عقلنة السقي الزراعي باستعمال الرقمنة.
ونقترح، في هذا الإطار، برمجة مشاريع مندمجة بين الوزارات من أجل طلب عروض ينخرط فيها المزارع الصغير والمتوسط والكبير مع الطالب والباحث والشركات، بشراكة مع الشركاء الدوليين في أوروبا وإفريقيا وأستراليا وآسيا وأمريكا.

مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد
اقتصاد