اقتصاد
توجهات استراتيجية من أجل فعالية المؤسسات والمقاولات العمومية
03/06/2024 - 14:05
مراد كراخيصادق مجلس وزاري، ترأسه جلالة الملك محمد السادس، السبت فاتح يونيو 2024، على التوجهات الاستراتيجية للسياسة المساهماتية للدولة، ويأتي هذ الإصلاح تنفيذا للتوجيهات الملكية، بهدف إعادة تشكيل المحفظة العمومية وتحسين تدبيرها، فضلا عن تنفيذ الإصلاحات في بعض القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني.
أبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية، خلال عرض قدمته أمام جلالة الملك، خلال المجلس الوزاري، أن السياسة المساهماتية للدولة تشكل إحدى الركائز الأساسية لمشروع إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية، الذي ستضطلع بها الوكالة الوطنية المكلفة بالتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة.
وتتكون المحفظة العمومية بالمغرب، حتى نهاية سنة 2023، من 227 مؤسسة عمومية و45 مقاولة عمومية ذات مساهمة مباشرة للخزينة، بالإضافة إلى 517 شركة تابعة ومساهمة عمومية.
وفي ما يخص المؤشرات المالية لهذا القطاع، فقد حققت المؤسسات والمقاولات العمومية خلال سنة 2022، ارتفاعا في رقم المعاملات الإجمالي حيث انتقل من 285,482 مليون درهم خلال سنة 2021 إلى 331,905 مليون درهم سنة 2022، بينما عرفت القيمة المضافة للقطاع تراجعا حيث انتقلت من 97,164 مليون درهم سنة 2021 إلى 83,979 مليون درهم سنة 2022.
ودعا تقرير النموذج التنموي الجديد إلى إعادة تكوين المحفظة العمومية بهدف التمييز بين المؤسسات ذات الطابع غير التجاري الخاضعة للإدارة والمؤسسات ذات الصبغة التجارية التي تقودها وكالة المساهمات المالية للدولة، وإلى تحسين الشفافية المالية لأنشطة هذه المؤسسات والمقاولات كشرط لازم لإعادة هيكلتها واستقلالها المالي.
7 توجهات استراتيجية
ترتكز هيكلة السياسة المساهماتية للدولة حول سبع توجهات استراتيجية؛ يهم التوجه الأول تكريس قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية كرافعة استراتيجية لتعزيز السيادة الوطنية؛ من خلال دعم جهود الدولة في مجموعة من القطاعات الحيوية، لاسيما الطاقة والصحة والماء والأمن الغذائي والبيئة والاتصال والتنقل.
ويهم الثاني جعل قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية محركا للاندماج القاري والدولي؛ بما يساهم في الاستجابة للتحديات الجيو-استراتيجية، وضمان مصالح المملكة والمساهمة في تعزيز التعاون جنوب – جنوب، وخاصة مع البلدان الإفريقية الشقيقة.
ويتعلق الثالث باعتماد قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية كركيزة أساسية للنهوض بالاستثمارات الخاصة؛ من خلال إقامة شراكات إرادية مع القطاع الخاص، في إطار من التكامل وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الدينامية الاقتصادية الوطنية.
أما الرابع فيخص تكريس قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية كعامل محفز لاقتصاد تنافسي ووسيلة لتقاسم القيمة المضافة وتعزيز فرص الشغل المنتج؛ لاسيما من خلال دعم نماذج اقتصادية فعالة ومرنة، بما يتماشى مع متطلبات التقنين والبيئة التنافسية والفرص المتاحة في الأسواق.
ويهم التوجه الخامس اعتماد قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية كفاعل نشيط في ما يخص العدالة المجالية، وفي خدمة الإدماج الاقتصادي والاجتماعي والمالي والرقمي؛ وذلك في إطار الجهوية المتقدمة، وبما يضمن العدالة المجالية والولوج المتكافئ للمواطنين لخدمات عمومية ذات جودة.
وبتعلق السادس باعتماد قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية كمدبر مسؤول للموارد، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة؛ عبر تعزيز مساهمة المؤسسات والمقاولات العمومية في تشجيع تدبير مسؤول للموارد الطبيعية، وتعزيز قدرة البلاد على مواجهة تحديات تغير المناخ.
فيما يتعلق التوجه السابع والأخير بتعزيز الدور النموذجي لقطاع المؤسسات والمقاولات العمومية من حيث الحكامة وحسن الأداء؛ وذلك من خلال إرساء تدبير نشط لمحفظتها وتدعيم مساهماتها أو وضع سياسة للتخلي عن بعضها، بهدف تثمين أمثل للممتلكات المادية وغير المادية للمؤسسات والمقاولات العمومية وتحسين نجاعة أدائها.
إعادة تشكيل المحفظة العمومية
يأتي إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، ويهدف إلى إعادة تشكيل المحفظة العمومية وتحسين تدبيرها، فضلا عن تنفيذ الإصلاحات في بعض القطاعات الرئيسية للاقتصاد الوطني، وذلك لضمان خدمة عمومية سهلة المنال وعالية الجودة، وتسريع ورش إعداد السياسة المساهماتية للدولة.
وكان المغرب بلور قانونا متعلقا بإصلاح المؤسسات والمقاولات العمومية، وقانونا آخر يقضي بإحداث الوكالة الوطنية للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية، حيث أن محفظة هذه الوكالة تتشكل من 57 مؤسسة ومقاولة عمومية تشرف على أوراش مهيكلة.
وستتولى الوكالة، التي ستمثل رافعة أساسية في إعادة هيكلة المحفظة العمومية، عقلنة هذه الأخيرة عبر خلق نوع من الانسجام والتكامل لضمان الفعالية الاقتصادية والاجتماعية، علما أن الوكالة ستعنى بالإشراف على 99 في المائة من القيمة المضافة للمساهمات العمومية، حسب تصريحات سابقة لوزارة الاقتصاد والمالية.
وستشرف الوكالة على مصالح الدولة المساهمة دون أن تحل محل المؤسسات والمقاولات العمومية التي ستبقى مسؤولة على تنفيذ مشاريعها، على اعتبار أن الوكالة ستقول بدور المواكبة وتقديم المشورة لتسريع عملية التحويل وإعادة الهيكلة.
توجيهات ملكية
وأكدت التوجيهات السامية المتضمنة في خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2020 على ضرورة "الإسراع بإطلاق إصلاح عميق للقطاع العام، ومعالجة الاختلالات الهيكلية للمؤسسات والمقاولات العمومية، قـصد تحقيق أكبر قدر من التكامل والانسجام في مهامها، والرفع من فعاليتها الاقتصادية والاجتماعية. ولهذه الغاية، ندعو لإحداث وكالة وطنية مهمتها التدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة، ومواكبة أداء المؤسسات العمومية".
وفي سياق هذه التوجيهات السامية، أكد جلالة الملك خلال خطابه السامي الذي ألقاه، بتاريخ 09 أكتوبر 2020، بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، على ضرورة القيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة للقطاع العام، وعلى الدور المحوري الذي ستقوم به الوكالة المذكورة في هذا المجال.
وجاء في الخطاب الملكي: "إن نجاح أي خطة أو مشروع، مهما كانت أهدافه، يبقى رهينا باعتماد مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة. ويجب أن تعطي مؤسسات الدولة والمقاولات العمومية، المثال في هذا المجال، وأن تكون رافعة للتنمية، وليس عائقا لها.
ونظرا للأهمية الاستراتيجية لهذه المؤسسات، فإننا نجدد الدعوة للقيام بمراجعة جوهرية ومتوازنة لهذا القطاع. كما نتطلع للدور الهام، الذي ستقوم به، في هذا المجال، الوكالة التي ستشرف على مساهمات الدولة، وتتبع أدائها".
مقالات ذات صلة
الأنشطة الملكية
الأنشطة الملكية
سياسة
مجتمع