اقتصاد
أمطار منعشة لمعنويات الفلاحين المغاربة
27/11/2020 - 14:19
مهدي حبشياستقبلت مدينة برشيد تسع مليمترات من الأمطار أمس الخميس، "ذلك أول الغيث"، كما يقول المزارع محمد الإبراهيمي، الذي يؤكد على أنها أمطار منعشة لمعنويات المزارعين، الذين سينبكون أكثر على خدمة الأرض، خاصة أولئك الذين يتعاطون لزراعة الحبوب.
تأخر الزرع وانتظار التمويل
إذا كانت معنويات المزارعين قد ارتفعت مع أولى التساقطات، فإن المهني في قطاع الحبوب يؤكد على أنهم في حاجة للإفراج عن القروض من قِبل البنوك، خاصة بعد سنة جافة تراجعت فيها إيراداتهم. قروض ستتيح لهم شراء البذور والأسمدة وأداء أجور العمال.
وتشير وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى أن الإنجازات على مستوى خدمة الأرض، بلغت بالنسبة للزراعات الخريفية، إلى غاية 20 نونبر، 62700 هكتار؛ أي حوالي 60 في المائة من البرنامج المحدد، مضيفة أن ذلك المعدل بلغ 80 في المائة للطماطم و62 في المائة للبطاطس و42 في المائة للبصل.
وأفضى تأخر التساقطات المطرية إلى خدمة 1,2 مليون هكتار من الأراضي التي تزرع بالحبوب والبذور والقطاني الغذائية والزراعات العلفية والزراعات السكرية، بحيث تمثل تلك المساحة 21 في المائة من البرنامج المحدد من الوزارة، الذي يفترض أن يشمل 5,73 مليون هكتار من الأراضي، علما أن مستوى الإنجاز يختلف من زراعة لأخرى، فقد وصل إلى 73 في المائة بالنسبة للزراعات السكرية.
ومع توقع تساقط الأمطار خلال هذا الأسبوع والأسابيع المقبلة، سيتم تسريع وتيرة إطلاق الزراعات الخريفية الرئيسية، لا سيما الحبوب، لتصل إلى مليون هكتار في الأسبوع، على شاكلة المواسم الفلاحية المشابهة، وبالتالي تدارك التأخر المسجل منذ بداية الموسم.
تضرر القدرة الشرائية يؤثر على اقتناء البذور
يقف الفلاحون هذا الموسم في مواجهة تقهقر قدرتهم الشرائية، الذي أرخى بظلاله على اقتنائهم للبذور، يؤكد الخبير في الاقتصاد القروي العربي الزكدوني، موضحاً أن الفلاحين تضرروا بشدة من الجفاف الذي طبع الموسم الفلاحي الماضي، قبل أن تفاقم الجائحة أزمتهم.
وبدوره، أثر إغلاق الأسواق في وجه الفلاحين، على إثر تفشي وباء "كوفيد-19"، على مداخيلهم من بيع المواشي، لاسيما أن عيد الأضحى لهذا العام لم يكن في مستوى تطلعاتهم، كون عددٍ لا بأس به من الأسر المغربية قررت عدم اقتناء الأضحية جرّاء الأزمة.
"بما أن الفلاحين لم يبيعوا مواشيهم هذا العام، فإن ذلك يعني مصاريف إضافية، بسبب ضرورة الإنفاق عليها عبر شراء العلف ذي الأسعار المرتفعة"، يوضح الزكدوني. وكل تلك عناصر تجعل اقتناء البذور بالنسبة للفلاح هذا العام من قبيل الترف.
الضغط على الموارد المائية
ويرى الخبير الزكدوني أن المغرب يشكو مشكلاً كبيراً على مستوى استعمال وتدبير ونجاعة موارده المائية، لا سيما في ظل معاناة البلاد المتزايدة من ندرة المياه.
وعزا الخبير جزءً من هذا الوضع لسياسة الدعم في مجال السقي، موضحاً أن مخطط المغرب الأخضر أعطى دعماً قوياً للسقي بالتنقيط، لكن هذا الأخير جاء بنتائج عكسية.
وتوخى المغرب من دعم هذا النوع من السقي، خفض الاستهلاك الزراعي من المياه بنسبة 40 في المائة. ولهذا الغرض قررت الدولة تحمل 100 في المائة من مصاريف السقي بالتنقيط، عبر صندوق دعم الفلاحة لفائدة الفلاحين الصغار.
ويؤكد الزكدوني على أن الدعم شجع الفلاحين بالفعل على هذا النوع من السقي، ليتضح أنه فاقم إشكالية استنزاف المياه بدل خفضها.
وفسر الخبير ذلك بالقول إن الفلاحين الذين استفادوا من الدعم، بدل توفير المياه، قاموا بزيادة المساحات المسقية على حساب المساحات البورية. في وقت انتقل الفلاحون الذين كانوا يمارسون زراعات بورية إلى زراعات مسقية بفضل الدعم، والنتيجة كانت زيادة كبيرة في استهلاك المياه.
الأكثر من ذلك، بحسب الزكدوني، بات الفلاحون يتوجهون بشكل كبير لزراعات مستهلكة للماء، مثل الأشجار المثمرة، الخضر والفواكه والعلف... بخلاف الحبوب التي تتطلب مياهً أقل.
ويرى الخبير إن هنالك نقصاً كبيراً على مستوى تقييم وتتبع السياسات العمومية في مجال الفلاحة، ما يجعل نجاح البلاد في رفع إنتاجها الفلاحي مقترناً باستنزاف مواردها المائية.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
اقتصاد