نمط الحياة
الأوروبيون يمتدحون طهي الكسكس وأكله
17/04/2021 - 00:01
يونس الخراشيفي كتابه "المغرب النباتي"، يؤكد الدكتور محمد حبيدة، أستاذ التاريخ الاجتماعي بجامعة ابن طفيل، أن تحضير وجبة الكسكس لم يتغير كثيرا بالقدر الذي هو عليه اليوم، ويشير إلى ذلك، مستندا على كتاب "فضالة الخوان" لابن رزين التجيبي، الذي يقدم وصفا هاما لطريقة تحضير حبات الكسكس وطهيها، وهو يقول:"يؤخذ السميد الطيب فيوضع في معجنة، ويرش بماء قد حل فيه قليل ملح، ويحرك بأطراف الأصابع، حتى يلتئم بعضه ببعض، ثم يحك بين الكفين برفق حتى يصير مثل رؤوس النمل".
وقد أثارت الطريقة التي كان يحضر بها الكسكس إعجاب الأوروبيين بشكل كبير، حسب الدكتور حبيدة، الذي يقول: "هذه المهارة في تحضير حبات الكسكس هي التي أثارت إعجاب الأوروبيين بشكل كبير، في القرنين السابع عشر والثامن عشر، من أمثال القنصل لويس شيني، والقبطان جون بريتوايت، والأسير جيرمان مويط"، ثم يضيف بأن الأخير "الذي انبهر أمام نساء ماهرات يفتلن حباب الكسكس، يضاهي حجمها حجم الخردق الصغير [كرات صغيرة من مادة الرصاص]، بل أفضل من ذلك بكثير".
هذا في ما يخص التحضير، أما على مستوى الطهي، فيقول الباحث:"كانت الوسيلة المستعملة هي البخار"، ويستنجد بشيني الذي يقول: "يطهى الكسكس على بخار المرق، في إناء عميق مثقوب من القعر، على شاكلة مصفاة، ويوضع هذا الإناء [أي الكسكاس] على طنجرة يطبخ فيها اللحم، فيطهى الكسكس الموضوع في الكسكاس على مهل بالبخار الصاعد من الطنجرة، ثم يسقى بهذا المرق من حين لآخر". وهنا يشير الباحث إلى أن الطريقة ذاتها تذكر عند ابن التجيبي، "مع بعض التفاصيل الهامة التي لم يغفلها هذا الأخير، عندما تحدث عن شد فم الآنيتين بمنشف غليظ ممرغ في العجين، لينعكس بخاره ويستحكم طبخه".
ولئن كانت طريقة التحضير هي نفسها، تقريبا، في كل البيوت، سواء في القرى أو في المدن، فإن هناك تفاصيل تجعل من الوجبة مغايرة. وفي هذا السياق يقول الباحث:"في البيوتات الكبرى مرق الكسكس الغني باللحم أو الدجاج عادة ما تفوح منه رائحة شهية بفضل التوابل المستعملة، كالبهار والزنجبيل والزعفران، التي لم تكن في متناول عامة الناس. وفي البلاط، يطبخ هذا المرق بالحمام الذي كان طعمه ألذ من حمام فرنسا، حسب نص فرنسي مكتوب في بداية القرن الثامن عشر"، لكن، يقول الباحث مستدركا:"لدى عامة الناس كان المرق يتكون من الخضر بصفة أساسية، إذ كانت المصاحبة الطبيعية للكسكس: خضر طرية، كاللفت والجزر والقرع والكرنب، وخضر جافة كالحمص والفول. في الواحات، مثلا، كان "الطْعام" يحضر باللفت وحده".
ثم ينتقل الباحث إلى الحديث عن العرض، وعن اللذة التي اكتسبها الطبق عند الأجانب، بعد الانتهاء من حديثه عن التحضير والطهي، فيقول:"كان طعام الكسكس، وهو معروض في شكل هرم، كما لاحظ ذلك الدبلوماسي البريطاني جون دراموند هاي، لذيذا حتى بالنسبة إلى الأوروبيين المتعودين على أصناف غذائية أخرى"، ويوضح قائلا:"كتب توماس بيلو، مثلا: "تعجبني هذه الأكلة كثيرا، ولا يفوتني أن أذكرها بكل خير، لأنها مغذية، شهية، لذيذة". ومن جهته شبه لويس شيني الكسكس، من حيث المذاق، بـ"عجائن إيطاليا"، ويزيد: "وعندما يجتمع الناس على قصعة الكسكس، فإنهم يأكلون بالأيدي، كما هو الحال في وقتنا الراهن في البوادي والأوساط الحضرية الشعبية. كانوا يصنعون كويرات بأيديهم ويرسلونها إلى أفواههم ببراعة، حسب شهادة القنصل الفرنسي لويس شيني".
يتبع...
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
نمط الحياة
مجتمع