نمط الحياة
عندما كان الكسكس "حريرة" الصائمين
14/04/2021 - 21:50
يونس الخراشييقول محمد حبيدة، في كتابه "المغرب النباتي.. الزراعة والأغذية قبل الاستعمار"، إن إيقاع الأكل عند المغاربة، قديما، ينقلب رأسا على عقب خلال رمضان، ثم يوضح:"إذ يمتنع الناس بشكل جماعي عن الأكل والشرب على نحو صارم... فلمدة شهر يتأجل الأكل والشرب إلى الليل، من غروب الشمس إلى طلوع الفجر. هنا أيضا يخضع عدد الوجبات للحالة الاجتماعية، وعموما يبقى الفطور السحور أساسيين لجميع شرائح المجتمع. في المدن، كان النفير يدوي من أعالي الصومعة إيذانا بانطلاق الأكل والشرب. وتفيد شهادات الأجانب أن الناس كانوا ينتظرن هذه اللحظة بفارغ الصبر".
وهنا، ينتقل حبيدة إلى الحديث عن الوجبات الرمضانية، فضلا عن "الترمضينة"، فيقول:"كما تحكي (شهادات الأجانب) أن مزاج الصائمين كان يفسد خلال النهار، فلا يطاق سلوكهم"، ويزيد:"ويصعب علينا معرفة ما كان يتناوله المغاربة في وقت الفطور بصورة دقيقة"، ويضيف:"توماس بيلو يتكلم عن الكسكس، إذ يبدو أنه شكل قاعدة غذائية لدى عامة الناس حتى خلال الشهر المقدس. غير أن مائدة الإفطار لدى الميسورين كانت متنوعة وموضوعية بعناية. أما آخر الليل، حيث يستفيق الناس على وقع ضربات الطبول، فكان الطعام يتكون من الرغائف بالأساس، حيث تستيقظ النسوة ليلا، فتخبزن وتشعلن النار، وتطهين الرغائف لتقدمنها لأفراد العائلة مصحوبة بالسمن والعسل".
وفي سياق رمضان ذاته، يزيد حبيدة، أستاذ التاريخ الاجتماعي بجامعة ابن طفيل، قائلا، في كتابه "المغرب النباتي":"تتحدث بعض النصوص عن مسألة في غاية الأهمية، ألا وهي الصوم في فصل الصيف، الذي يوافق وقت الحصاد، حيث يضطر بعض الفلاحين للإفطار في عز النهار"، ويستشهد بسؤال يتصل بطلب الفتوى، إذ يقول:"نقرأ في نوازل محمد المسناوي سؤالا عن هؤلاء الذين يشتغلون في خدمة الزرع في رمضان زمان الحر، فيبيتون الفطر ويصبحون آكلين اتكالا على ما جربوه من كونهم تلحقهم في الصوم الضرورة الشديدة المبيحة للفطر"، ويوضح الكاتب الغرض من استناده على السؤال بخصوص الفتوى، قائلا:"ومهما كانت أهمية السؤال بالقياس إلى الجواب، كون أن الأول يشير إلى ما هو كائن، بينما الثاني يحيل إلى ما يجب أن يكون، فإن ما أجاب به هذا الفقيه في القرن السابع عشر لا يخلو من أهمية"، ومضمونه كما يأتي:"أما تبييت الفطر اتكالا على العادة المذكورة فلا أقول بجوازه ولا أتقلده، لأن السبب المبيح لذلك لم يحصل بعد، وإنما مترقب الحصول... لكن بعد الوقوع والنزول لا ينبغي سد باب الرخصة".
يتبع...
مقالات ذات صلة
نمط الحياة
اقتصاد
مجتمع