سياسة
الاستقلال .. النساء وقود "المقاومة"
18/11/2021 - 22:19
حليمة عامر"أخوات الصفا" هي أول منظمة نسائية جرى تأسيسها قبل فترة الاستقلال، من قبل حزب الشورى والاستقلال، للعمل إلى جانب رجال الحزب من أجل المساهمة في النهضة الوطنية المنشودة والخروج بالمرأة المغربية من عهد الحجر إلى عهد التقدم والعمل الخلاق.
من أجل الوعي السياسي للنساء
جمعت هذه المنظمة، في تلك الفترة، التي يحكي تفاصيلها أحمد معنينو، في كتابه "أخوات الصفا: الحركة النسوية الشورية"، في أحضانها جميع النساء والفتيات الشوريات، اللواتي رفعن مطالب قوية خلال تلك المرحلة من تاريخ المغرب، وطالبن بإشراك المرأة في العمل السياسي.
ففي الوقت الذي كان يعمل حزب الشورى والاستقلال على طرد المستعمر الفرنسي والإسباني من التراب الوطني، تأسست أول حركة نسائية، تدافع عن ثقافة حقوق الإنسان داخل المجتمع المغربي، والنضال من أجل عدم إقصاء المرأة المغربية والوقوف في وجه التقاليد والعادات التي تسيء للمغربيات.
وانكبت "أخوات الصفا"، خلال فترة الحماية، على تفجير طاقة المرأة المغربية، وإظهار مواهبها، وقدراتها، حيث دعتها إلى إصلاح نفسها، ومسايرة العصر عن طريق الانعتاق من الماضي والتخلص من الانحصار في المهام المنزلية، وتجاوز ذلك، نحو إبراز شخصية، ومسايرة الزوج في كل مهام الحياة. كما دعت إلى مساعدة الحركة الإصلاحية الوطنية حتى تتظافر الجهود.
واستمرت هذه الحركة النسائية تتنامى وتتوسع طوال الأربعينات والخمسينات والستينات، لتقدم خدمات جليلة للنساء والفتيات بالمدن والقرى خاصة في الميادين الاجتماعية والثقافية. وكان لها دور متميز في محاربة الأمية في الأوساط النسوية، ومساعدة التلميذات وحتى التلاميذ الفقراء على متابعة دروسهم والأخذ بيدهم إلى مستويات معرفية تمكنهم من العيش عيشة كريمة.
أول مؤتمر نسوي بامتياز
يعد المؤتمر، الذي انعقد بفاس أيام 12 و13 دجنبر 1947، أول مؤتمر تنظيمي لجميع منظمات النساء الشوريات وعلى رأسهن منظمة "أخوات الصفا"، ممثلة بأهم فروعها: فاس ومكناس، وسلا، حيث حرص هذا المؤتمر على توحيد خطة العمل في جميع أنحاء المغرب واتخاذ قرارات هامة تسجل بمداد الفخر والاعتزاز لتاريخ النهضة النسوية المغربية والحركة الوطنية.
وحضر هذا المؤتمر أزيد من ثلاثة آلاف مشاركة، وهو ما يدل على الإقبال الذي شهدته هذه الحركة خلال تلك المرحلة بالنظر إلى خصوصياتها الاجتماعية والسياسية، والتكتل حول حقوق المرأة ودورها في النهوض بالبلاد والمساهمة في تطورها.
وفي كتاب لمحمد معروف الدفالي، بعنوان "أخوات الصفا: تنظيم نسائي رائد في تاريخ الحركة الوطنية"، برزت هذه المنظمة بكونها لم تفارق أحضان حزب الشورى والاستقلال، خلال تلك الظروف الاستثنائية التي عاشها المغرب، حيث فتحت يافطته، وكانت تقيم كل أنشطتها، وتمارس عملها من خلال الحزب.
عمل متواصل من أجل نشر الوعي
وبالرغم من أن هذه الحركة انبثقت من رحم الاستقلال إلا أنها حظيت باستقلالية القرار والتخطيط والقيادة، كما بقيت مرتبطة في الوقت ذاته مع التوجهات الفكرية والسياسية للأحزاب، من خلال تقاطع المصالح أو من خلال تأثير قياداتها المنتمية إلى الأحزاب.
وكانت فروع الجمعية تنظم بين الفينة والأخرى، أنشطة، كانت تقام بالمنازل، والدور، أو بساحات المدارس الحرة، وتتخللها أنشطة أدبية وفنية وسياسية في الخطب والكلمات والأناشيد القومية، والحزبية، وكان المقصود من هذه الأنشطة هو العمل على نشر الوعي النسائي بموازاة مع الحس الثقافي والوعي الوطني والقومي.
وكان يضفي على هذه الأنشطة، حماسا إضافيا، حضور قيادات المنظمة، ونساء من عائلات رموز حزب الشورى والاستقلال، مثل والدة محمد بن الحسن الوزاني.
وحظيت "أخوات الصفا" بتشجيع ملكي كبير خلال تلك الفترة، خصوصا من قبل الأميرة للا عائشة، كريمة جلالة المغفور له الملك محمد الخامس، وشقيقة المغفور له الملك الحسن الثاني، التي كانت تعتبرها نساء المنظمة زعيمة فتاة المغرب وقدوتها الممتازة، وقائدة النهضة النسوية، وزعيمة الانقلاب.
وكانت الأميرة تستقبل وفودا عن الجمعية وفروعها، بين الفينة والأخرى، وتستمع إلى تقاريرهن، ومشاريعهن، وتقدم إليهن المساعدات للتغلب على بعض العراقيل.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
سياسة
سياسة