مجتمع
التحرش الجنسي يحوّل حياة نساء إلى جحيم
14/03/2021 - 11:56
حليمة عامر"نوال"، ذات الـ24 ربيعا، شابة عازبة، تعيش مع خالتها في حي سيدي مومن بالدار البيضاء، دفعتها ظروفها المادية إلى العمل في العاصمة الاقتصادية. لم تكن تعلم أنها ستعيش على إيقاع هذا العنف المعنوي، الذي تتعرض له باستمرار من قبل جارها، الذي يقيم معها في العمارة ذاتها، ما جعلها تفكر في تغيير السكن، بعد أن حوّل حياتها إلى كوابيس.
استفزاز باستمرار
تقول: "اعتدى علي. لا يريد تركي لأعيش في راحتي. أصادفه كل يوم، إما في باب العمارة أو في الشارع أو عند البقال، حتى أنني صرت أتخيله في كل مكان، عندما أكون خارج المنزل". فكلما صادفته يبدأ بالتلميح لها بعينه، وأحيانا يحاول أن يمشي خلفها ويلمس جسدها.
ترى "نوال" أن جارها استغل خجلها؛ فهو يعلم أنه ليس بمقدرتها أن تقدم شكاية ضده، لأنه شخص جاهل للقانون. وربما ليس لديه أدنى فكرة حول ذلك. لذا تشدد على أنه عندما تتعرض المرأة لمثل هذا العنف، لا تخرج بأي نتيجة. وبالتالي، لا يوجد سبب معقول سيجعلها تضيع وقتها بالمحاكم. خصوصا وأنها لا تعلم كيف يمكن أن تثبت ما صدر من جارها في حقها.
أما "بشرى"، 42 سنة، فترى أن "التحرش يمكن أن يكون في أي مكان، سواء في الشارع أو العمل أو في الشارع، ويتم ممارسته إما من خلال عبارات لفظية أو من خلال اللمس".
تقول "بشرى": "شخصيا تعرضت للتحرش في العمل، من قبل زميل، فرغم أنه كان يعلم أنني متزوجة وأم لطفلين، إلا أنه حاول التودد إلي".
وتضيف "كان يريد أن يرمي صنارته، ويجرب ماذا ستكون النتيجة وهل سأتجاوب مع تصرفاته وتلميحاته أم لا، ما جعلني أقوم وأصفعه".
تعتبر "بشرى" بأن التحرش لا يرتبط بمكان أو شخص معين. فهذه الظاهرة ترتبط بالعقليات، مبرزة أنه لا توجد أي امرأة لم تتعرض لمثل هذه السلوكيات.
مراكز لطلب النجدة
كشف يوسف غرادي، مساعد اجتماعي بالاتحاد الوطني لنساء المغرب، أنهم يتوصلون يوميا بعدد من الشكايات من قبل نساء يتعرضن للعنف الجسدي، واللفظي، حيث تأتي العشرات من النساء إلى مقر المؤسسة أو تتواصل معهم من خلال منصة "كلنا معك"، بعد أن تنقطع بهن السبل ولا تجدن من تلجأن إليه لطلب المساعدة.
ويبرز المتحدث ذاته أن الاتحاد الوطني لنساء المغرب يتلقى الشكايات، من خلال المنصة الوطنية "كلنا معك"، التي أشرف على إطلاقها الاتحاد الوطني لنساء المغرب، من أجل التواصل مع النساء والفتيات في وضعية هشة، ويتم إحالتها، إما على مراكز الاستماع، للدعم والتوجيه، أو على النيابة العامة، أو الدرك الملكي أو الأمن.
وإلى جانب مراكز الاستماع إلى النساء ضحايا العنف، عمل المغرب على محاربة التحرش الجنسي ضد النساء من خلال ترسانة قانونية، منها القانون 103.13، المتعلق بالعنف ضد النساء، الذي جاء كاستجابة للجمعيات النسائية والحقوقية، خاصة في ما يتعلق بشقه المتعلق بتجريم التحرش الجنسي.
قانون لإيقاف التحرش
يبرز المحامي خالد الحجوبي، أنه قبل القانون 103.13، والذي دخل حيز التنفيذ في تاريخ 13 شتنبر 2018، كان التحرش مجرما من قبل في القانون الجنائي في فصله 503.01، الذي يعود إلى عام 1962. حيث كان مجرما في إطار تعلقه بعلاقة الرئاسية، أي مرتبط بتجريم التحرش الجنسي إذا مورس من طرف شخص له سلطة يخولها له القانون، وهنا لم يكن يدخل فيه التحرش الجنسي في إطار الفضاءات العمومية.
"وجاء هذا القانون من أجل تجريم التحرش الجنسي في الفضاءات العمومية، وغيرها من الأماكن. وحدد مجموعة من الوسائل التي يتم من خلالها التحرش، صوره وأشكاله، وأعطى تعريفا له بعدما لم يكن في القانون الجنائي القديم. وأعطى حتى مجموعة من الوسائل التي يتم من خلالها التحرش وفرق العقوبة بين الأشخاص الذين يمارسون هذا التحرش"، بحسب المتحدث ذاته.
وجود الشاهد
يشرح المحامي خالد الحجوبي بأن قانون التحرش وضع مجموعة من الشروط والقواعد، أولها الإثبات، أي عندما تثبت الضحية بأن ذلك العنف، أو التحرش الذي تعرضت له، كان المسؤول عنه هو فلان، والأمر يحتاج إلى شهادة طرف ثالث، لكن الذي يقع هو أن هذا العنف في الغالب ما يقع في الشارع، ويكون المسؤول عليه شخص مجهول، وبالتالي يكون من الصعب الوصول إلى هذه الشهادة.
ويضيف المحامي "وللأسف، النساء عندما يروين ما حدث يظنن أن ذلك يعد وسيلة كافية للإثبات، في حين أن ذلك غير كاف، فعندما تضع شكاية لدى وكيل الملك، يتم حفظ الملف، لأنه ينبغي اثبات هذه الوسيلة وهنا مازال الطريق طويلا في المغرب، بخصوص قضية الإثبات. وهذا هو الخلل الذي يوجد في القانون، لأنه كيف يعقل أنه عندما تتعرض المرأة للتحرش في أي مكان، ينبغي أن تحتاج إلى ما يثبت ذلك، وبالتالي لا تنجح الضحية في الإثبات".
ويشدد على أن هناك طريقة واحدة لإثبات التحرش؛ إما من خلال شهادة الشهود أو عندما تكون في حالة التلبس، عندما يعاين ضابط الشرطة، ما حدث لتلك الشابة، أو من خلال التسجيل، أو الكاميرات...
ويعتبر بأن هذه المسألة هي التي تشجع الشخص، الذي يمارس التحرش على المرأة، على أفعاله، لأنه يعلم أنه لا توجد وسيلة لإثبات ذلك.
مقالات ذات صلة
سياسة
مجتمع
مجتمع