مجتمع
"الليالي".. أربعينية البرد و"نبوءة" الموسم الفلاحي
31/12/2020 - 11:21
حليمة عامريستحضر البعض" الليالي" من خلال شدة برودة الطقس، بينما يعتبرها آخرون محطة مفصلية لتحديد مسار الموسم الفلاحي.
"الليالي" أو "الأربعينية"
تعد "الليالي" من أشد الفترات التي يكون فيها البرد قارسا، وتبدأ تحديدا من يوم 22 دجنبر من كل سنة، وتنتهي في 31 يناير، ويسميها البعض بـ"الأربعينية"، لأن هذه الأربعين يوما تتميز بالبرد القارس، الذي يتزامن مع تساقط الثلوج وتقل الحركة في هذه الفترة، وخاصة بالليل.
ويقسم المغاربة "الليالي" إلى مرحلتين؛ الأولى تستمر 20 يوما، وتسمى بـ"الليالي البيض"، وهي التي يشتد خلالها البرد عما سبق، وتكثر فيها العواصف، أما الثانية فهي المرحلة المسماة "الليالي السود"، وسميت بهذا الاسم لأنها تكون أشد بردا وقساوة من المرحلة الأولى.
ونسج المغاربة حول "الليالي" أمثلة شعبية كثيرة، ومن أشهرها: "لا تطمع فزرع البور، حتى يولي فوق الكسكاس يفور"، ويقصد بهذا المثل الفلاحي أن على المرء ألا يتسرع في إصدار الأحكام بشأن الموسم، والقول بأنه سوف يكون جيدا، بمجرد تساقط بعض القطرات من المطر مع بدايته، بل عليه أن ينتظر حتى تنتهي هذه المرحلة، ويرى النتيجة. فكيف يستحضر الفلاحون المغاربة "الليالي" وما الذي ترمز إليه عندهم؟
آماني الفلاحين
يقول الفاطمي بوكريزية، خبير فلاحي، في تصريح لـ"SNRTnews"، إن "مرحلة الليالي هي مرحلة دقيقة في الموسم الفلاحي، يبدأ خلالها الزرع بالنمو. ويتمنى الفلاحون خلال هذه الفترة أن يكون المطر غزيرا، لأنه عندما تنخفض درجة الحرارة ويهطل المطر، تساهم تلك العملية في تدفئة الأرض، وبالتالي يمكن أن تنمو النباتات بشكل جيد جدا".
وتمنح الليالي لجميع النباتات والزراعات الخريفية النمو الطبيعي الذي تحتاجه؛ أي أنه بعدما تمضي هذه "الليالي" الأربعون وتبدأ درجة الحرارة في الارتفاع، وإذا حصل الزرع على المطر الذي يكفيه، يمكن لهذا الأخير أن يصل طول سنبلته إلى 80 سنتمترا؛ وهذا هو السبب الذي يجعل الفلاحين المغاربة يعلقون آمالهم على "الليالي" لضمان محصول جيد من التبن بالخصوص، ويضمنون مردودية فلاحية جيدة.
"الديك الرومي"
بمنطقة الشاوية، التي ينتمي إليها بوكريزية، يحتفل الفلاحون في هذه الفترة بممارسات خاصة، إذ يسمون هذه المرحلة بـ"الحوادث"، ويستقبلونها بذبح "الديك الرومي" أو "الدجاج البلدي"، احتفاء بنهاية أشغال الزراعات الخريفية، بعد أن يكونوا قد انتهوا من زراعة "الشعير و"فرينة" و"القمح"، ثم يستأنفون عملهم في مرحلة تلية بزراعة الحمص والعدس.
ويشدد الفاطمي، في حديثه معنا، على أن هذا الاحتفال السنوي يعد مناسبة مهمة يجتمع خلالها الفلاحون، في المنطقة، بأقاربهم وأسرهم وجيرانهم، للاحتفاء بهذه المحطة المهمة من السنة الفلاحية، والاستبشار خيرا بالمرحلة المقبلة.
ملح وأعشاب ضارة
يبرز الخبير الفلاحي بوكريزية أن الفلاحين ينهضون، خلال الليالي، برش الملح والمبيدات الحشرية على النباتات والأعشاب الطفيلية، لأن هذه الأخيرة لا تدع الزرع يستفيد من أشعة الشمس والمطر، إذ يضيق عليها التربة.
ويكافح الفلاحون، خلال هذه الفترة من كل سنة، هذه الأعشاب الضارة، للحصول على مردود جيد من حيث الكم والجودة.
ومن جهته، يربط أحمد الدريوش، رئيس فدرالية جمعيات الفلاحة بأولاد تايمة، "الليالي" بهطول الأمطار، مشيرا إلى أن الفلاحين بأولاد تايمة ضاقوا درعا بجفاف الأرض وعقمها، وراحوا يرفعون كفوفهم إلى السماء ليلا ونهارا، يسألون الله بهطول الأمطار.
ويشير الخبير نفسه إلى أن هؤلاء عانوا تراكم سنوات الجفاف، ولم تعد الليالي كما كانت في السابق بالنسبة إليهم، وإذا حصل ولم تكن هذه السنة جيدة كذلك فسيتوقف كل شيء.
ويبرز أحمد الدريوش أنهم، بأولاد تايمة، يجهزون حاليا لزراعة الفول والفاصوليا، وكلهم أمل بأن تستجيب السماء لدعواتهم، لأنهم تضرروا كثيرا من محن التداعيات التي فرضتها عليهم جائحة كورونا خلال هذه السنة.
مقالات ذات صلة
اقتصاد
مجتمع
مجتمع