فن و ثقافة
المشروبات.. الشاي يكتسح
30/04/2021 - 23:05
يونس الخراشي
رغم أنه منتوج أجنبي، إلا أن الشاي؛ الأخضر الصيني على الخصوص، استطاع أن يصبح مشروبا أساسيا لدى كل الطبقات الاجتماعية في المغرب. وبتتبع تاريخي لدخوله البلاد، وتغلغله في ثناياها، يتضح إلى أي صار عنصرا لا يناقش في المائدة المغربية.
"أما اكتساح هذه المادة، في ارتباط وثيق بالسكر، للحواضر والبوادي، بما فيها القاصية"، يقول الأستاذ أحمد مكاوي، في بحثه بعنوان "استهلاك الشاي والسكر في المغرب، المتعة والضرر"، والذي كتبه لمجلة "أمل"، العدد 16، الصادر سنة 1999، "فحدث بعد عقد المعاهدة المغربية الإنجليزية سنة 1856، وما تلاها من معاهدات إثر انكسار المغرب في حرب تطوان، حيث أدخل المغرب قصرا ضمن الحركية العامة للتجارة الدولية، وأصبحت وارداته من المادتين تعرف نموا مطردا... وفضلا عن الأرقام والبيانات التي تعكس التطور الهائل لتجارة الشاي والسكر بالمغرب، توجد شهادات في مذكرات وتقارير الأوروبيين عن اتساع دائرة استهلاك هاتين المادتين، منها ما سجله المغامر شارل دي فوكو (1885)، إذ لاحظ إقبال المغاربة على الشاي مقارنة بالبن، وانتشاره في مناطق نائية، مثل طاطا وتازناخت، كما سجل هاميت في نهاية القرن الماضي تعاطي المغاربة للشاي في كل الأوقات، وتفضيلهم له على القهوة".
جانب آخر من المتن التوثيقي، في ما قبل الاستعمار، يعطي فكرة مهمة عن مدى استهلاك المغاربة للشاي، وهو الذي يتحدث عنه الباحث لاحقا، إذ يقول:"ويعكس تزايد استهلاك الشاي والسكر بالمغرب العدد الهائل من النصوص الفقهية والأدبية، خاصة المنظومة التي تراكمت منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، وهي في معظمها وصف لطقوس إعداده؛ آداب مجلس الأتاي حسب التعبير الشائع، وفوائده، كما أنها تضمنت أحيانا ردودا على الانتقادات الموجهة إلى مستهلكيه"، ثم يأتي بمثال لذلك، ويقول:"ويمكن اعتبار أبو حفص عمر الفاسي (ت 1774) أول من نظم شعرا في الشاي ومدحه، قبل أن يذمه أحمد الفاسي (ت 1799)، ثم توالت الرسائل والقصائد المنافحة عن الشاي والسكر، يصعب الإحاطة بها جميعا".
ويؤكد الأستاذ علال الركوك، في بحثه المعنون بـ"التدخل الأوروبي في المغرب نهاية القرن التاسع عشر وأثره على نظام الاستهلاك لدى المغاربة"، والذي نشر في المجلة نفسها، هذا المنحى، مقدما الدليل على ذلك، حين يقول:"كل ما يمكن قوله هو أن السكر كان مادة أو منتوجا نادرا في المغرب خلال القرن التاسع عشر، وكان ثمنه مرتفعا بسبب الطلب المتزايد عليه من طرف المستهلك المغربي، كما يوضح مييج الذي يقول:"هناك منتوجان من شأنهما أن يصبحا عنصرا أساسيا للواردات المغربية... ويتعلق الأمر بالشاي والسكر، ويعود استهلاك الشاي والسكر إلى الفترات المتراوحة بين 1830 و1845"، ويزيد، متحدثا عن الشاي، فيقول:"إن الشاي الذي يرمز إلى الضيافة المغربية لم يكن إلا منتوجا أجنبيا... وفي بضع سنوات، سيصبح المشروب الرئيسي لجميع الطبقات الاجتماعية... ومع مرور السنين سيتسع استعمال الشاي عبر البلاد، وعبر الموانئ، وسيصل إلى داخل البلاد، وسيعمل كل جيل على تعميق هذه الظاهرة... وإن الشاي الذي كان يتم استيراده هو الشاي الأخضر الصيني، الذي كانت تختص به بعض الدور الإنجليزية...".

مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
فن و ثقافة
فن و ثقافة