سياسة
المغرب وألمانيا.. أسرار أزمة دبلوماسية تطفو على السطح
08/05/2021 - 10:12
إيمان بن اشو | مراد كراخيتعيش العلاقات بين المغرب وألمانيا تطورات متسارعة منذ الأول من مارس الماضي، بعد إعلان المملكة عن تعليق جميع العلاقات الدبلوماسية مع برلين، على خلفية "سوء تفاهم عميق حول المسائل الجوهرية للمملكة المغربية"، حيث دعا ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، القطاعات الحكومية الوزارية المغربية إلى "وقف أي اتصال أو تعاون مع السفارة الألمانية وكذلك منظمات التعاون والمؤسسات السياسية الألمانية التي لها علاقة بالسفارة".
وبعد هذا الإجراء الذي اتخذته السلطات المغربية، لم يتم إجراء أي اتصال رسمي بين البلدين، لتبادر السلطات المغربية، إلى استدعاء سفيرة جلالة الملك ببرلين للتشاور.
وحسب بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، فإن ألمانيا "سجلت موقفا سلبيا بشأن قضية الصحراء المغربية، إذ جاء هذا الموقف العدائي في أعقاب الإعلان الرئاسي الأمريكي، الذي اعترف بسيادة المغرب على صحرائه، وهو ما يعتبر موقفا خطيرا لم يتم تفسيره لحد الآن".
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الألمانية إنها لم تُبلغ مسبقا بالقرار المغربي و "لم تفهم الاتهامات" التي وجهتها الرباط حسب ما نقلته وكالة "فرانس بريس" أول أمس الخميس.
وأعلنت الوزارة، أنها "طلبت تفسيرا" من السلطات المغربية، حسب ما نقلته الصحافة الفرنسية: "لقد فوجئنا كثيرا بهذا الإجراء حيث أننا نبذل جهودا بناءة مع الجانب المغربي لحل الأزمة". هذا الوضع يزكي العديد من علامات الاستفهام، التي طُرحت في مارس الماضي، دون أن تتم الإجابة عليها بخصوص أسباب هذه الأزمة الدبلوماسية.
الملف الليبي أصل المشكل
أوضح مصدر مطلع لـ SNRTnews، رفض الكشف عن هويته، أن "ألمانيا لم تكن أبدا مؤيدة للمغرب في قضية الصحراء، حيث التزمت برلين الحياد في هذه القضية، الشيء الذي تم اعتباره موقفا سلبيا من طرف السلطات المغربية".
وبعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الاعتراف بسيادة المغرب الكاملة على أقاليمه الجنوبية، طلبت ألمانيا عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في الصحراء، "مما يكشف جانبا من الموقف الألماني الذي ادعى التزام الحياد".
وأضاف المتحدث ذاته، أن المغرب دبر قضية الهجرة بشكل جيد مع ألمانيا، حيث تم عقد سلسلة من الاتفاقات حول هذه القضية، التي شهدت تطورات مهمة للغاية في عهد ميركل، ومع ذلك لم تتم دعوة المغرب إلى اجتماع يناير 2020 في برلين حول النزاع الليبي، حيث يعتبر هذا الموقف من الأسباب الرئيسية للتوتر بين البلدين.
وهذا ما أشار له بيان الخارجية المغربية، الصادر أول أمس الخميس، حول أن :"هناك محاربة مستمرة، ولا هوادة فيها للدور الإقليمي الذي يلعبه المغرب، وتحديدا دور المغرب في الملف الليبي، وذلك بمحاولة استبعاد المملكة من دون مبرر من المشاركة في بعض الاجتماعات الإقليمية المخصصة لهذا الملف، كتلك التي عقدت في برلين".
الهاجس الفرنسي
وإضافة إلى القضية الليبية، يبرز المشكل الاقتصادي، فـ"ألمانيا لا ترى المغرب كسوق اقتصادي أساسي"، وفق المصدر ذاته، الذي أشار إلى أن برلين "تعرف جيدا أنه من الناحية الاقتصادية لا يمكنها الاستثمار بسهولة في المغرب لأن هناك منافسة كبيرة جدا مع فرنسا، مما يعد مشكلة فرنسية ألمانية بشكل أساسي".
وفي هذا الصدد، أوضح المصدر ذاته، أن المشكلة الثقافية واللغوية، تبرز أيضا في هذا الإطار، حيث أن المغرب لا يُعتبر جزءا من الأجندة الاقتصادية لألمانيا، كما هو الحال مع الجزائر، حيث "تشترك ألمانيا في العديد من المصالح مع الجيش الجزائري".
وأفاد مصدر ثان مقرب من القضية، رفض الكشف عن اسمه، أنه عند فوز فرنسا بصفقة "الترامواي" اشتكت ألمانيا من المنافسة غير العادلة، وقالت إن "عرض الصفقة كان مصمما ليناسب فرنسا"، إضافة إلى صفقات أخرى فازت بها فرنسا تنافست فيها مع ألمانيا.
حرب إعلامية
أوضح المصدر ذاته، أن "ألمانيا التي لم تستطع أيضا التفوق أمام فرنسا في صفقة القطار فائق السرعة "TGV" الذي تم إنجازه بالمغرب، لجأت إلى استغلال قضية الصحراء المغربية إعلاميا، للضغط على المملكة للاستحواذ على سوق الطاقة المتجددة".
وشنت وسائل الإعلام الألمانية، حملات تشهير ضد كبار المسؤولين المغاربة، حيث ركزت هذه الحملة بشكل أساسي على قضايا متعلقة بالاعتداء الجنسي، في محاولة للتشكيك في استقلالية القضاء المغربي.
وبالإضافة إلى حملات التشهير، كانت ألمانيا أيضا متواطئة مع شخص أربعيني متهم بنشر هجمات تشهيرية على المملكة المغربية، بشبكات التواصل الاجتماعي.
وجاء في بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن "سلطات هذا البلد تعمل بتواطؤ مع مدان سابق بارتكاب أعمال إرهابية، ولا سيما من خلال الكشف عن معلومات حساسة قدمتها أجهزة الأمن المغربية إلى نظيرتها الألمانية".
وبالنظر إلى هذه الأعمال العدائية الممنهجة، التي يعتمدها الجانب الألماني منذ شهور، يبدو أن الرباط، قد استنفذت كل الخيارات الممكنة قبل اتخاذ قرار استدعاء سفيرتها للتشاور.
مقالات ذات صلة
سياسة
سياسة
عالم