مجتمع
اليوسفي : يجب تكييف المناهج التعليمية مع التقييمات الدولية
12/02/2022 - 19:38
وئام فراج49 في المائة من التلاميذ المشاركين في الدراسة كرروا في نفس القسم مرة واحدة على الأقل خلال مسارهم الدراسي، و36 في المائة من هذه الفئة العمرية إما لم يلجوا صفوف الدراسة أو شملهم الهدر المدرسي أو مازالوا يدرسون في السلك الابتدائي، أرقام وغيرها كشف عنها التقرير الوطني المتعلق بالبرنامج الدولي لتتبع مكتسبات التلاميذ (بيزا 2018)، والذي يظهر وفق مختصين في المجال التربوي، ضعفا في المنظومة التعليمية المغربية.
36 في المائة من الفئة المستهدفة لم تبلغ المستوى الإعدادي
تعليقا على نتائج التقرير الذي تم إعداده بدعم من وكالة حساب تحدي الألفية ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، أوضح عبد اللطيف اليوسفي خبير في التربية والتكوين ومدير أكاديمية تعليمية سابق، أن تقييم التعلمات إجراء تربوي مهم تعتمده معظم الأنظمة التربوية، مشيرا إلى وجود فرق بين تقييم مكتسبات التعليم والتعلمات، وبين تقييم جودة التعليم؛ إذ يسعى هذا التقرير، بحسب اليوسفي، إلى تقييم التعلمات فقط التي تظهر مستوى التلاميذ بالمغرب مقارنة بباقي الدول المشاركة.
ويهدف بحث "PISA 2018" إلى تحديد مدى قدرة الشباب البالغين من العمر 15 سنة على تعبئة المعارف والكفايات التي اكتسبوها خلال حياتهم، وتطبيقها في وضعيات الحياة الواقعية، كما يسعى إلى تقييم مدى قدرتهم على المساهمة في اقتصاد يقوم على المعرفة والتكنولوجيا.
ويقيم البرنامج الدولي لتتبع مكتسبات التلاميذ كفاياتهم عند بلوغ عتبة سن الرشد في ميادين رئيسية وهي فهم النصوص المكتوبة والرياضيات والعلوم.
وحسب معطيات التقرير الوطني، يمثل التلاميذ المغاربة المشاركون في برنامج التقييم الدولي لتتبع مكتسبات التلاميذ 64 في المائة فقط من الشباب البالغين 15 عاما، وتعد هذه النسبة من بين النسب الأدنى المسجلة مقارنة بباقي الدول، إذ تقل بكثير عن المتوسط المسجل في بلدان منظمة التعاون والتنمية والذي يبلغ 88 في المائة.
واستنتج التقرير، بناء على ذلك، أن 36 في المائة من الشباب المغاربة من هذه الفئة العمرية لا يشملهم البحث، لأنهم لم يلجوا المدرسة قط، أو لأنهم غادروها، أو لأنهم مازالوا في المدرسة الابتدائية، مؤكدا أن هؤلاء الشباب لم يكتسبوا الكفايات الأساسية التي تمكنهم من النجاح في حياتهم، والمشاركة بنشاط في تنمية بلدهم.
ويترتب عن هذا الهدر، بحسب المصدر ذاته، أن النظام التربوي المغربي لا يحقق الدمج الذي يُمَكن جميع الأطفال من اكتساب الكفايات الأساسية، والذي يُشَكل الشرط الأساسي للإنصاف.
49 في المائة من التلاميذ المشاركين سبق أن كرروا
وفي تحليله لهذه المعطيات، أبرز اليوسفي أن هذا النوع من التقييمات يتطلب مناهج معينة يجب اعتمادها بالمملكة، فضلا عن نوع من التعليم الدقيق، كما يتطلب الاستناد إلى المكتسبات الأساسية والتي تنطلق أساسا من المناهج والمقررات الدراسية، "وإذا لم تكن مقرراتنا ملائمة عمليا لهذه الدراسات، وغير مبنية على نفس الأسس التعليمية لباقي الدول المشاركة فيها مثل تركيا وتايلاند والأردن، فهذا يعني أن التلاميذ يختبرون في أمور لم يدرسوها من قبل، ما يؤدي إلى نتائج ضعيفة".
وشدد الخبير التربوي، في حديثه مع SNRTnews، على ضرورة تهييئ التلاميذ لمثل هذه التقييمات وتكييف البرامج التعليمية والمقررات الدراسية معها، من أجل تمكين هؤلاء التلاميذ من الإجابة على الأسئلة المطروحة وفهمها.
من جهة أخرى، تطرق اليوسفي إلى ارتفاع نسبة التكرار في صفوف التلاميذ المغاربة مقارنة بأقرانهم في دول أخرى، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من التلاميذ المشاركين في الدراسة يعرفون تأخرا في دراستهم، إذ كرر 49 في المائة من أصل 64 في المائة من المشاركين، وهي النسبة الأعلى مقارنة بجميع البلدان المشاركة، كما أنها أعلى بكثير من معدل بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية المحددة في 11 في المائة.
وبلغت نسبة التكرار بالنسبة للتلاميذ المشاركين في الدراسية (15 سنة) الذين يدرسون في المدرسة العمومية 51 في المائة، مقابل 22 في المائة فقط في صفوف التلاميذ المتمدرسين في التعليم الخصوصي، و69 في المائة بالعالم القروي، ويحظى التلاميذ الذكور بالنسبة الأكبر من التكرار بـ58 في المائة.
ويظهر ذلك، وفق الخبير التربوي، أن التعليم بالوسط القروي أقل جودة من التعليم العمومي بالنسبة لهذه الفئة، ما يتطلب تصحيح وضعية التكرار والاشتغال أكثر على الامتحانات فضلا عن المكتسبات.
توحيد المدرسة المغربية
كما ربط اليوسفي النتائج المحصل عليها في التقييم الدولي "بيزا 2018"، بالوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه كل تلميذ، موضحا أن هذا الوسط يلعب دورا هاما في النتائج، "إذ أظهرت الدراسة أنه كلما كان التلاميذ من طبقات وفئات اجتماعية ميسورة كلما استطاعوا الإجابة عن الأسئلة وفهمها، فيما لم يتمكن العديد من أبناء الفقراء من ذلك".
وأبرز، في هذا الإطار، أن "هذا المعطى لا يعني أن التلاميذ الذين حصلوا على معدلات ضعيفة هم أقل ذكاء بل فقط لم يتوفروا على نفس الشروط التعليمية منذ البداية"، مشددا على ضرورة "التفكير في آليات لإعادة توحيد المدرسة المغربية وعودة الاختلاط الاجتماعي إلى المؤسسات، من أجل تظافر الجهود وتفاعل كافة التلاميذ مع بعضهم رغم اختلافاتهم الأسرية".
ولتجاوز هذا الخلل، وتحسين مستوى التلاميذ المغاربة دوليا، يقترح الخبير التربوي عبد اللطيف اليوسفي، ثلاثة إجراءات أساسية؛ وهي تأهيل الأساتذة تأهيلا جيدا وتحفيزهم من أجل العطاء، وتغيير المناهج التربوية وتطوير المقررات والكتب المدرسية، فضلا عن تهييئ كل الفضاءات التعليمية وتحسين آليات الاشتغال وتطوريها، "وذلك تجاوبا مع متطلبات النموذج التنموي الجديد الذي يؤكد أن التعليم هو القاطرة الأساسية للتنمية، وهو الوحيد الذي يهم الاستثمار الاستراتيجي في العقل البشري، ولذلك علينا جميعا دولة ومجتمعا أن نعتني بالمؤسسة التعليمية وبكل ما يمكن أن يطور منظومتنا التربوية".
مقالات ذات صلة
مجتمع
مجتمع
مجتمع
مجتمع