فن و ثقافة
تمرد المراهقين.. سلوك مؤقت أم دائم؟
30/01/2021 - 22:00
نضال الراضي
يعد سن المراهقة من أصعب المراحل العمرية، حيث يصاحبها العديد من التغيرات النفسية والجسدية، التي قد ينتج عنها بعض التصرفات التي تقلق الآباء خاصة عندما تكون خارجة عن المألوف، مرتبطة بالشكل، التصرفات، ونمط الحياة، وهو ما يجعل الآباء يتساءلون عن كيفية التعامل مع هذه التصرفات، لتجاوز هذه المرحلة بدون أضرار.
تتغير سلوكيات الطفل وردود أفعاله ورغباته أثناء فترة الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الشباب، وهو ما يجعل الآباء في حيرة من أمرهم حول كيفية التعامل مع المراهق، كما تجعلهم يتساءلون عن طبيعة هذه التصرفات، إن كانت مؤقتة أم دائمة.
بناء الشخصية
بهذا الخصوص، تقول وفاء لبيض بنداود، معالجة نفسانية، إن هذه المرحلة الانتقالية قد تشهد بعض التمرد، في محاولة للبحث عن الاستقلالية والحرية، بالإضافة إلى بعض التغييرات على مستوى الشكل واللباس.
وتضيف المتحدثة، في تصريح لـ"SNRTnews"، أن معظم الآباء يتخوفون من هذه التغييرات، خاصة عندما يتعلق الأمر بالشكل مثلا، عنما تميل الفتاة إلى ارتداء الملابس الرجالية، أو عندما تعتمد تسريحة شعر معينة خارجة عن المألوف، أو عندما يختار الولد اعتماد "لوكات" غريبة كموضة معينة من اللباس، أو تقليد تسريحات الشعر الخاصة بلاعبي كرة القدم، أوالاستماع إلى أنماط موسيقية معينة كالـ"الروك" والـ"الراب" وغيرها من الأنماط.
"هذه المرحلة تعتبر مرحلة مهمة في بناء الشخصية، ويبقى تأثيرها على الشخص مدى حياته، لذلك يجب الانتباه لبعض السلوكيات التي قد تكون مؤقتة ومرتبطة بتلك المرحلة فقط كاعتماد نوع معين من اللباس أو التعلق بأحد المشاهير، كما قد ترافق الشخص للمدى البعيد، حتى بعد تجاوز مرحلة المراهقة كالتأثر بفكر معين أو ثقافة معينة، إلى غير ذلك"، تقول المعالجة النفسانية.
وتضيف: "بهذا الخصوص، أنصح الآباء بعدم التسرع في الحكم على المراهق، كتوبيخه أو إرغامه على تغيير شكله. فبغض النظر عن اللباس، التسريحة ونمط الموسيقى، يجب مراقبة نمط حياته اليومي، هل يتغير؟ هل يركز في الدراسة؟ هل سلوكه يتغير كردود الفعل؟ إذا كان يظهر على المراهق تغييرات سلبية هنا يجب التدخل، عن طريق الحوار والنصيحة ولا مانع من استعمال بعض الصرامة بدون عنف أو عقاب".
"أما في حال كان الأمر يتعلق بتغيير في نوع اللباس مثلا، أو الإعجاب بنمط موسيقي معين، مع الاهتمام بالدراسة ومزاولة الأنشطة اليومية بشكل طبيعي دون إثارة المشاكل أو الشكوك، فهنا يمكن القول إنها فترة مؤقتة وعابرة، مرتبطة بالمرحلة العمرية"، تشرح وفاء لبيض.
كما دعت المتحدثة الآباء إلى مراقبة أصدقاء المراهق، حيث اعتبرت أنه من المهم أن يكونوا من نفس الفئة العمرية ونفس نمط الحياة، لأن الصداقة في هذه المرحلة مهمة، وذات تأثير كبير، إما إيجابي أو سلبي، حسب نوعية الأصدقاء.
تأثير مواقع التواصل الاجتماعي
من جانب آخر، تعتبر وفاء لبيض أن المراهق يتأثر بشكل كبير بالمحتوى الذي يستهلك على "السوشيال ميديا"، كمتابعة المؤثرين والمشاهير الذين يشاركون البذخ والحياة المثالية، هذا النوع من المحتوى قد يجعل المراهق أكثر تمردا، ورفضا للواقع الذي يعيش فيه.
المتابعة المستمرة للمؤثرين والمشاهير على مواقع التواصل ومتابعة نشاطاتهم اليومية قد يكون لها انعكاسات سلبية على حياة المراهق الذي قد لا تتوفر له تلك النشاطات، مما قد يجعله يشعر بالتوتر، الكآبة والأفكار السلبية.
من جهة أخرى، قد يتعرض المراهق، حسب لبيض، لخطر التحرش أو التنمر عن طريق هذه المواقع، خاصة أن أغلب المراهقين في هذه المرحلة لا يجيدون التعامل مع هذه المواقف، كما يخجلون من التواصل في هذه الأمور مع الآباء.
وعن كيفية حماية المراهقين من خطر مواقع التواصل، دعت الاختصاصية النفسانية الوالدين إلى التحدث إلى أبنائهم بكل وضوح، حول كيفية استهلاك هذه المواقع بعقلانية، وعدم التأثر بحياة الآخرين.
كما دعت لبيض الآباء إلى مراقبة حسابات الأبناء المراهقين على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة الأقل من 18 سنة، مع الحرص على مراقبة الرسائل الخاصة، ومن الأشخاص الذين يحاولون التواصل معهم.
نصائح
بخصوص الآباء الذين يشعرون بالحيرة أمام التعامل مع ابنهم المراهق، تدعو وفاء لبيض الوالدين إلى اعتماد الموازنة بين الحرية والانضباط، مؤكدة على ضرورة تأطير الحرية التي تعطى للمراهق، مع الحرص على تفادي العنف، التوبيخ والتركيز على إعطاء الأوامر والطاعة، خاصة أن بعض المراهقين يسعون من خلال بعض التصرفات كالتمرد، وارتداء بعض الملابس الغريبة إلى جذب انتباه آبائهم، عندما يشعرون بأن الاهتمام قد تراجع قليلا.
كما دعت المعالجة النفسانية إلى الحديث مع الطفل المراهق والإجابة على جميع أسئلته، حتى المحرجة منها، كتلك المتعلقة بجسده، والتغييرات التي تطرأ عليه، مشددة على أهمية الحديث في مثل هذه الأمور، مع الآباء بدل الأصدقاء أو الغرباء، مع الحرص على الإجابة عن أسئلتهم بدقة، ودون مبالغة أو ارتباك في الأجوبة، مع مراعاة عدم التردد في الاستشارة مع الأطباء والمختصين إذا كان الأمر يستدعي ذلك.

مقالات ذات صلة
فن و ثقافة
فن و ثقافة